القاهرة.. صوت وصورة ورؤية « 2-3 »
لقد نجح أحمد الطاهرى، رئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، بمهارة الصائغ الخبير أن يجمع من سوق المجوهرات دررا نفيسة من أصحاب الخبرات، فضلا عن منحه فرصة العمر لعدد غير قليل من الوجوه الإعلامية الجديدة ذات الكفاءة، وإضافة إلى هذه الكوكبة من قارئي النشرات المصريين استعان بكفاءات عربية متميزة من العراق وفلسطين وسوريا وتونس ولبنان، وإن كنت أتمنى أن يعاد تقييم الجميع بعد فترة مناسبة ليستمر من حظي بالقبول الجماهيري وليستبدل غيرهم بوجوه أخرى تكون أكثر قدرة على تحقيق المستهدف.
تابعت في بداية انطلاق القناة جدلًا مثارًا حول لهجات بعض مذيعيها العرب وخاصة فيما يتعلق بالجيم القاهرية والجيم المعطشة، وفي رأيي أن تعدد اللهجات هو دليل ثراء القناة ورمز لاستيعاب مصر للأشقاء من المشرق العربي ومن مغربه، ووسيلة لاستقطاب جمهور من الدول العربية حين يشعرون أن القناة ناطقة بلسانهم ومعبرة عن قضاياهم، والشرط- فيما أرى- هو أن تكون تلك اللهجات المستخدمة واضحة للمشاهد ومفهومة من جمهور القناة.
توجهٌ محمودٌ تابعته عبر شاشة "قناة القاهرة "بتخصيص مساحة محترمة للمغرب العربي، فالأشقاء هناك كانوا يشكون من مشكلة القلب والأطراف، فهم يرون أن قلب الأمة يجهل- وربما يتجاهل- أطرافها في فنه وأدبه وإعلامه، وأراهم على حق نسبي في هذا، وخصوصًا بعد اضطرار الإعلام الرسمي إلى التراجع عن عادته بإيفاد مراسلين له من كبار مذيعي صوت العرب في رحلتين سنويتين إلى مختلف الدول العربية لتسجيل حوارات صوتية مع النجوم العرب في دولهم، بما يضمن تمثيل كل العرب عبر إذاعتهم الأولى ولنقل وجهات نظر القوى الناعمة العربية للجمهور من خلال برامج الإذاعة الأم .
لهذا كان اهتمام القناة الوليدة بالتواصل مع المغرب والمشرق خطوة موفقة نحو سد فراغ حدث جرّاء توقف رحلات مذيعي صوت العرب لإجراء الحوارات في رحلتي الشتاء والصيف إلى الأشقاء العرب، كما نرجو أن يعود الاهتمام بدور صوت العرب في هذا الصدد بتوفير التمويل المطلوب للتواصل الدائم والمستمر والمباشر لصوت العرب مع جمهورها المستهدف لاستغلال خبرات مذيعيها في تحقيق الأهداف المنشودة.
لم يفت إدارة "القاهرة" أن تستعيد وجوهًا إعلامية غائبة وأن تستغل حضورهم ومتابعة الجماهير لهم مثل عادل حمودة في "واجه الحقيقة"، وجمال عنايت في “ثم ماذا حدث”،. فضلا عن الاستعانة بفريق من المستشارين على رأسه الكاتب المجيد غزير الإنتاج د.ياسر ثابت، وإن كنت لا أزال أتمنى أن تتسع المساحة لاستيعاب مزيد من الوجوه والخبرات الإعلامية التي تحظى بقبول الجمهور ومتابعته حتى وإن بدا أن لهم وجهات نظر مختلفة في بعض القضايا الوطنية، فالمهنية هي الحكم والفيصل في تقييمنا لأرباب المهن .
قد تلاحظون أن تقييمي في معظمه يركز على المحتوى، لكنني لا يمكن أن أغفل شكل الشاشة الذي جاء متميزا من حيث الإضاءة واختيار الألوان والفونتات والديكورات، فضلًا عن كادرات التصوير في التقارير الخارجية وحتى ملابس المذيعين والمذيعات التي يبدو أنها كانت محل عناية إدارة القناة.
أمر آخر مهم ومهني بامتياز، إذ كانت نشرات قنواتنا وإذاعاتنا ترتب أخبارها ليس من حيث الأهمية ولكنها اعتادت أن تبدأ بالخبر المصري لتنطلق منه إلى الأخبار الدولية والإقليمية، علما بأن القواعد العلمية للصياغة الخبرية تُصدّر الخبر الأهم فالمهم فالأقل أهمية للجمهور المتابع، ولقناة القاهرة توجهٌ محمودٌ في هذا الشأن، إذ يُصدّر محرروها نشراتهم بالخبر الأبرز من حيث الأهمية وقوة التأثير وليس لأي معايير أخرى .