جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

خبير الزراعة الحيوية محمد يوسف: مؤتمر المناخ COP27 حقق مكاسب متعددة للقطاع الزراعى فى مصر والعالم

خبير الزراعة الحيوية
خبير الزراعة الحيوية محمد يوسف

- وفّر تمويلات للتحول المستدام عبر مبادرة «FAST».. وأسس تحالفًا دوليًا لمواجهة التصحر

- ناقش قضية الخسائر والأضرار وأتاح فرصة متميزة للتأمين الزراعى وحماية المزارعين

قال الدكتور محمد يوسف، أستاذ الزراعة والمكافحة الحيوية بكلية الزراعة جامعة الزقازيق ومستشار الزراعة العضوية بالوحدة الاقتصادية بجامعة الدول العربية، إن استضافة مصر مؤتمر المناخ بشرم الشيخ COP٢٧، الشهر الماضى، كانت حدثًا استثنائيًا، أوضح للجميع دور مصر الريادى على الساحتين الإقليمية والدولية، كما حقق مكاسب كبيرة على المستوى المحلى.

وأوضح أستاذ الزراعة الحيوية أن المؤتمر حقق مكاسب متعددة لقطاع الزراعة، سواء فى مصر أو فى العالم، من بينها إطلاق مبادرة الغذاء والزراعة من أجل التحول المستدام «FAST»، التى تساعد الدول فى الحصول على التمويل الذى يمكنها من مجابهة التغيرات المناخية، مع الإسهام فى تحسين العمل المناخى وكمية ونوعية مساهمات التمويل للتحول المستدام للأنظمة الزراعية والغذائية.

 

وتابع: «مبادرة FASTعبارة عن شراكة متعددة لأصحاب المصلحة، تعمل على الإسراع بالتحول المستدام للنظم الزراعية والغذائية، بالتعاون مع المبادرات والتحالفات والائتلافات المحلية والإقليمية والدولية ذات الصلة».

وأشار «يوسف» إلى أهمية المبادرة فى تحسين العمل المناخى بحلول عام ٢٠٣٠، مع تفعيل وسائل تمويلية مبتكرة وحديثة، بدعم من المؤسسات المالية الكبرى، إلى جانب شراكات القطاعين العام والخاص، كدليل على الجدية، وأن يكون هذا التمويل مصحوبًا بتوفير التكنولوجيا اللازمة، خاصة سياسة التصنيع الزراعى وتطبيق تكنولوجيا أنظمة الرى الحديث والزراعة الذكية».

وأضاف: «من أهم مكاسب مؤتمر المناخ إطلاق مبادرة إنتاج الهيدروجين الأخضر، التى سيستفيد منها قطاع الزراعة بشكل كبير، وهو عبارة عن وقود حيوى ومصدر للطاقة الخضراء، ويخلو تمامًا من عنصر الكربون، ومصدر إنتاجه هو الماء، سواء العذب أو المالح، وتتضمن عمليات إنتاجه فصل جزيئات الهيدروجين عن جزيئات الأكسجين بالماء، بواسطة عملية التحليل الكهربائى، ما يعنى توليد وإنتاج الهيدروجين الأخضر من مصادر طاقة متجددة».

ونوه إلى أن القيادة السياسية تضخ استثمارات كبيرة فى مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، تصل إلى أكثر من ٥٠ مليار دولار بحلول عام ٢٠٣٠، موضحًا أن دخول مصر فى هذا المجال يعد نقلة نوعية، تؤهل الدولة لأن تصبح مركزًا إقليميًا وعالميًا لإنتاج وتصدير الطاقة الخضراء، خاصة أن مصر تمثل نقطة وصل بين قارات إفريقيا وآسيا وأوروبا، ولديها شبكات ربط عملاقة وخطوط ضخمة لنقل الكهرباء للدول المجاورة.

وتابع: «من أهم مميزات الهيدروجين الأخضر أنه لا تنبعث منه غازات دفيئة ملوثة للطبيعة، سواء أثناء الاحتراق أو الإنتاج، خلافًا للوقود الأحفورى، كما أنه قابل للتخزين داخل أسطوانات مثل الغاز الطبيعى، والاستخدام متعدد الأغراض، فى ظل القدرة على تحويله إلى كهرباء أو غاز اصطناعى أو استخدامه المباشر لأغراض تجارية أو صناعية».

وعن علاقة ذلك بقطاع الزراعة، قال «يوسف»: «الهيدروجين الأخضر سيوفر ما يقرب من ٦٠٪ من الطاقة اللازمة فى قطاع الزراعة والمستخدمة لتشغيل معدات وماكينات الرى والحرث والحصاد، التى كانت تعتمد مسبقًا على الوقود الأحفورى».

ولفت إلى بدء التشغيل التجريبى لأول مصنع للهيدروجين الأخضر فى مصر وإفريقيا بمنطقة العين السخنة، بطاقة إنتاجية تبلغ حوالى ١٥ ألف طن، موضحًا أن المشروع سينتج عند اكتماله أكثر من ١٥ ألف طن من الهيدروجين الأخضر كمادة خام، لإنتاج ما يصل إلى ٩٠ ألف طن من الأمونيا الخضراء سنويًا.

وذكر خبير الزراعة الحيوية أن هناك مكتسبات أخرى من مؤتمر المناخ COP٢٧، من بينها إطلاق مبادرة التحالف الدولى للصمود أمام مواجهة التصحر والجفاف، بين ما يقرب من ٥٠ دولة ومنظمة عالمية، الأمر الذى يساعد مصر على تنفيذ عدد من مشروعاتها القومية، من بينها تطوير وتحديث منظومة الرى، والتحول من الرى التقليدى بالغمر إلى أنظمة الرى الحديث والزراعة الذكية.

واستطرد: «لا تتوقف الاستفادة عند ذلك فحسب، بل تتعداه لتقديم الدعم الفنى والمادى ومساعدة المزارعين والفلاحين فى المناطق الهشة مناخيًا، مثل الواحات والظهير الصحراوى وسيناء، لكونها من بين المناطق الأكثر تأثرًا بنقص المياه والتصحر، فى العالم».

ونوه إلى أن المساحة المتصحرة فى العالم تبلغ نحو ٦٤ مليون كم متر مربع، منها ١٣ مليونًا فى الوطن العربى وحده، لافتًا إلى أن العالم يفقد سنويًا كثيرًا من المناطق الخصبة الصالحة للزراعة بسبب التصحر، الأمر الذى أدى لحدوث خسائر كبيرة تصل إلى ٤٠٠ مليار دولار سنويًا، وتسبب فى تقليل الإنتاجية الزراعية، وارتفاع أسعار الغذاء عالميًا بنسبة تصل إلى ٣٠٪.

وإلى جانب ما سبق، قال خبير الزراعة الحيوية إن مؤتمر المناخ بشرم الشيخ أسفر عن مكاسب أخرى لقطاع الزراعة فى مصر والعالم، من بينها تعهد بريطانيا بتقديم منحة تقدر بـ١١.٦ مليار جنيه إسترلينى لتمويل مشروعات واستثمارات المناخ، لافتًا إلى أن مصر سيكون لها النصيب الأكبر من تلك المشروعات، خاصة فى قطاعى الطاقة النظيفة والزراعة الحديثة.

وأشار، أيضًا، إلى إطلاق المملكة العربية السعودية مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، بتمويل يقدر بـ٢.٥ مليار دولار، لزراعة ما يقرب من ٥٠ مليار شجرة، لافتًا إلى أن قطاع الزراعة المصرى يعد من بين أهم المستفيدين من هذه المبادرة فى مجالات دعم زراعة الصحراء وزيادة الكساء الأخضر لمواجهة التغيرات المناخية العالمية والاحتباس الحرارى والتصحر، وتدهور التنوع البيولوجى ونقص سلاسل الإمداد والتوريد وغيرها.

وأردف: «من بين المكاسب أيضًا أنه، ولأول مرة فى تاريخ مؤتمرات المناخ، تمت مناقشة موضوع تعويض الخسائر والأضرار، ووضعه على جدول أعمال المؤتمر رسميًا، الأمر الذى يوفر فرصة متميزة لإنشاء صندوق للتأمين الزراعى، وتعويض المتضررين من الخسائر الناجمة عن تغير المناخ، وحماية المزارعين من هجوم الآفات الحشرية والحيوانية الجديدة أو الغازية، مثل دودة الحشد وغيرها، مع حماية المزارعين من التقلبات المناخية، التى تعقبها تغيرات فى أسعار المحاصيل، طبقًا لسياسة العرض والطلب».

ولفت خبير الزراعة الحيوية إلى أن المؤتمر شهد أيضًا إطلاق مبادرات كثيرة مع دول ومنظمات دولية وشركات عالمية معظمها موجه لمشروعات الطاقة والهيدروجين الأخضر، موضحًا أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ومنها المنطقة الصناعية بالعين السخنة، ستصبح المركز العالمى لإنتاج الطاقة صفرية الكربون «Zero Carbon»، مع ضخ ٢٠ مليار دولار لتنفيذ تلك المشروعات بها.

كما لفت إلى أن وكالة «فيتش» العالمية قالت إن مصر، بفضل تلك المشروعات، ستصبح من بين خمس دول بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا تمتلك نحو ٧٥٪ من إنتاج وتصدير الطاقة النظيفة والمتجددة، كما ستصبح من أكبر ٢٠ دولة على مستوى العالم فى إنتاج هذا النوع من الطاقة، فى ظل اهتمامها بملف الطاقة الجديدة والمتجددة.

وأضاف «يوسف»: «القيادة السياسية وقعت كذلك على اتفاقيات شراكة مع منظمات دولية ومؤسسات تمويل لتنفيذ برنامج (نوفى)، وجمع تمويل يصل إلى ١٠.٣ مليار دولار، منها ٣.٤ مليار لقطاع الزراعة وحده، من أجل تنفيذ مشروعات قومية كبرى، منها ٥ مشروعات زراعية، كلها تهدف للحد من مخاطر التغيرات المناخية فى قطاع الزراعة».

وتابع: «تهدف المشروعات أيضًا إلى إعادة هيكلة التراكيب المحصولية، وإعادة تأهيل البيئة الزراعية المصرية بصفة شاملة، وأقلمة المحاصيل الاستراتيجية مناخيًا، ودعم المناطق الهشة مناخيًا، بالإضافة إلى تنفيذ مشروع تأهيل وتبطين الترع والمصارف، وتحويل الرى التقليدى بالغمر إلى أنظمة الرى الحديث والزراعة الذكية».

وذكر أيضًا أن مكاسب مؤتمر المناخ تضمنت كذلك إطلاق مبادرة «الابتكار الزراعى للمناخ»، وهى مبادرة مشتركة بين الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة، تسعى إلى معالجة تغير المناخ والجوع العالمى، من خلال توحيد المشاركين لزيادة الاستثمار فى الزراعة الذكية مناخيًا وابتكار النظم الغذائية بشكل كبير وغير ذلك من أشكال الدعم على مدى خمس سنوات.

وأكمل: «تضمن المؤتمر أيضًا إطلاق مبادرة الاستجابة المناخية للحفاظ على السلام CRSP، خاصة أن تغير المناخ يؤدى إلى كوارث طبيعية وتدهور بيئى، وهو ما يمثل تحديًا متزايدًا وملحًا يقود إلى زيادة انعدام الأمن، فضلًا عن تفاقم أوجه الهشاشة الحالية فى جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى إطلاق مبادرة العمل المناخى والتغذية iCAN، التى من شأنها المساعدة فى تعزيز التعاون، وتسريع العمل التحويلى مع معالجة العلاقة بين الصحة والتغذية وتغير المناخ».