«العجوز والبحر» رواية إرنست هيمنجواي عن صراع الإنسان والطبيعة
"العجوز والبحر"، هي الرواية الأشهر للكاتب الأمريكي الشهير إرنست هيمنجواي التي كتبها عام 1951 وتم نشرها 1952 وكانت سبباً في حصوله على جائزة نوبل في الآداب عام 1954.
وبسبب ذيوع الرواية وانتشارها عالميا قام رواد السينما الأمريكية بتحويلها إلى فيلمين كان أولهما عام 1958 بطولة سبنسر تريسي، أما الفيلم الثاني وهو الأشهر فكان في عام 1990 وقدم فيه دور البطولة النجم العالمي أنتوني كوين.
ويعد السبب الرئيسي في شهرة رواية “العجوز والبحر” هو العامل الإنساني المشترك بين جميع الناس في شتى بقاع الأرض، حيث اعتمدت الرواية على فكرة الصراع بين الإنسان والطبيعة من ناحية وصراع الإنسان مع نفسه من ناحية أخرى.
ومن ميزات الرواية أن بطلها لم يكن شاباً بل كان رجل طاعن في السن تعرض لمحنة كادت أن تهلكه لكنه استطاع أن يتغلب عليها بالجلد والصبر، وكان لذلك أثره المحمود في قوة الحبكة الدرامية للقصة مما جعلها أكثر جاذبية وإثارة.
ومن ميزات الرواية أيضًا ندرة اللوكيشن حيث اعتمدت بشكل كبير على فكرة اللوكيشن الواحد أو المكان الواحد وهو البحر، الذي ظل سانتياغو يقاومه حتى تمكن من تحقيق الفوز عليه، وإن لم يكن فوزًا ساحقاً، تأكيدًا من هيمنجواي أن الإنسان والطبيعة متعادلان في القوة، أما قوة الإنسان فتكمن في جلده وعقله وأما قوة الطبيعة فتكمن في هيبتها.
من المعروف أن العنوان هو عتبة النص الأولى، وهو مفتاح العمل الأدبي، وإذا وقفنا عند عنوان رواية هيمنجواي سنجد لها عنوانين متقاربين، ففي الغرب يسمون الرواية بالعجوز والبحر أما في بلادنا العربية فنعنونها بالشيخ والبحر ذلك لأن كلمة العجوز في العربية مفردة تخص المرأة المسنة وليس الرجل الطاعن في السن.
تبدأ رواية “العجوز والبحر” من سانتياغو وهو صياد كوبي تقدم به العمر فصاحبه سوء الحظ لمدة ثمانين يومًا لم يصطد سمكة واحدة، فأصبح وبرغم خبرته الكبيرة في الصيد مصدر سخرية من أقرانه إلا الصبي الذي كان يعمل لديه فأجبره والده على ترك الصياد المنحوس.
وهنا تبدأ العقدة الأولى حيث الصراع الداخلى لهذا الشيخ الذى خانه أصحابه وقهره البحر الذى عاش محبا له طيلة عمره.
يقرر “سانتياغو” أن يركب البحر متحديًا إياه بل ومتحديًا قواعد الزمن الذي جعلته مسناً يسخر الناس منه، متسلحًا بعزيمته وقاربه الصغير، وحربه وسكين وعدة حبال.
يوغل سانتياغو فى البحر ليخطف منه سمكة كبيرة تعيد إليه هيبته وشموخه، وهنا يدخلنا هيمنغواي في تفاصيل القصة ليجعلنا شخوصًا بداخلها نتفاعل مع سانتياغو فنخشى عليه أمواج البحر ونسعد حين تغمر سنارته في قاع الماء بعد أن علقت بفم الصيد الثمين، لتبدا مرحلة الصراع بين الصيد والصياد بطريقة بارعة من خلال الحوار الدائم بين سانتياغو والسمكة التي يلقبها بشقيقته ويعتبر صيدها خطيئة تستوجب العقاب تارة، وتارة يعتبرها خصمًا لابد وأن ينال منه لأن ذلك من قواعد الحياة.
بعد إثارة غير مفتعلة بين الصياد المنهك وقوة السمكة الجريحة التي ترغب في الفكاك، يتمكن سانتياغو من الظفر بصيده معتمدًا على عقله أكثر من قوته.
وهنا ندخل في طور آخر وهو كيفية الحفاظ على السمكة والعودة بها إلى خصومه ليسترد اعتباره.
لكن الطبيعة تقاومه فتهجم عليه أسماك القرش واحدة تلو الأخرى ثم جماعات فيقاومها رغم قواه الخائرة فتأخذ الطبيعة المتمثلة في البحر واسماك القرش لحم السمكة ويأخذ هو عمودها الفقري، ثم يعود إلى جزيرته بنصف انتصار لكنه لم ييأس بل قرر أن يعد العدة لجولة أخرى يحقق فيها انتصارًا كاملًا.