جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

خطة بايدن المناخية تشعل التوتر بين أوروبا وواشنطن

بايدن
بايدن

باتت خطة المناخ الواسعة التي طرحها جو بايدن، وأقرها الكونجرس الأمريكي، تثير توترًا بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الذي يخشى أن يرى بعض الإجراءات تضعف صناعته ما يجعل منها أحد مواضيع النقاش الرئيسية خلال زيارة الدولة التي يجريها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعتبارًا من السبت في واشنطن.

تحمل الخطة عنوان "إنفلايشن ريداكشن آكت" (IRA) أي تشريع خفض التضخم، وتتمحور خصوصًا على المناخ والإنفاق الاجتماعي، وتتضمن استثمارات تزيد على أكثر من 430 مليار دولار، من بينها 370 مليارًا لخفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 40% بحلول 2030، ما يشكل أكبر جهد تبذله الولايات المتحدة في هذا المجال.
وتأخذ هذه الاستثمارات شكل خفض ضريبي للشركات التي تستثمر بالطاقة النظيفة، فضلًا عن دعم كبير للسيارات الكهربائية والبطاريات ومشاريع الطاقة المتجددة طالما أن هذه المنتجات مصنوعة في الولايات المتحدة.
ومن بين هذه التدابير، دعم بقيمة 7500 دولار للأسر لشراء سيارة كهربائية مصنوعة في الولايات المتحدة، ودعم آخر لصانعي أبراج الطاقة الهوائية والألواح الشمسية الذين يستخدمون الفولاذ الأمريكي أو خفض ضريبي لمساعدة الشركات على تحقيق انتقال الطاقة.

رفض أوروبي لإجراءات بايدن بشأن التضخم

أثار هذا التشريع تحفظات الاتحاد الأوروبي والعواصم الأوروبية، التي ترى في عمليات الدعم المختلفة هذه الواردة في القانون، إجراءات "تمييزية"، ولا سيما حيال شركات صناعة السيارات الأوروبية.
وقال وزير الصناعة التشيكي، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي: "هذا غير مقبول بالنسبة للاتحاد الأوروبي. وبصيغته الحالية هذا النص حمائي للغاية على حساب الصادرات الأوروبية"، لكنه شدد على "وجود نية حسنة لدى الجانبين" بعد لقاء بين الوزراء الأوروبيين وممثلة التجارة الأمريكية كاثرين تاي.
في مطلع نوفمبر، هدد المفوض الأوروبي لشئون السوق تييري بروتون، واشنطن بـ"اللجوء إلى منظمة التجارة العالمية"، ودرس "إجراءات رد" في حال لم تعد الولايات المتحدة عن تدابير دعم اعتبرها "مخالفة لقواعد منظمة التجارة العالمية".
وأكد وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير "في بعض الحالات قيمة الدعم الذي تقترحه إدارة بايدن أكبر بأربع إلى عشر مرات من المبلغ الأقصى الذي تسمح به المفوضية الأوروبية"، داعيًا المفوضية إلى إقرار "آليات تعطي الأفضلية (للمنتجات) الأوروبية" أو تسريع "استخدام آليات المعاملة بالمثل".
وسيكون الموضوع مطروحًا خلال زيارة ماكرون لواشنطن.
وأكد مسئول فرنسي، الإثنين: "المشكلة تأتي من أنه في أوروبا ليست لدينا آلية تمييزية. نحترم قواعد منظمة التجارة العالمية في هذا المجال".
وأشار إلى أن فرنسا تتمنى أن "تخرج أوروبا وليس فقط الولايات المتحدة أقوى" من مرحلة الأزمات المتعددة التي تشهدها القارة الأوروبية.

حتى لو أراد الرئيس الأمريكي العودة عن بعض الإجراءات أو توسيع المستفيدين، فإن خياراته محدودة جدًا، خصوصًا أن الديمقراطيين سيخسرون في يناير الغالبية في مجلس النواب على ضوء نتائج انتخابات مطلع نوفمبر.
لكن من غير المؤكد أن بايدن يريد تعديل هذا التشريع الذي يعتبر إنجازًا كبيرًا في ولايته، وقد انتزعه بعد معركة تخللتها مفاوضات محتدمة في مجلس الشيوخ.

تفاصيل بيلد باك بيتر آكت

وكان الرئيس الديمقراطي البالغ ثمانين عامًا يريد في الأساس إقرار برنامج أكثر طموحًا بعنوان "بيلد باك بيتر آكت" الذي كان ينص على استثمارات بقيمة 1700 مليار دولار، وكان قد أقره مجلس النواب في نهاية 2021 لكنه لم يتمكن من تجاوز عقبة مجلس الشيوخ لإقراره نهائيًا.
يضاف إلى ذلك أن هذه الإجراءات تحظى بشعبية واسعة خصوصًا في بعض الولايات، حيث لصناعة السيارات وجود كبير مثل أوهايو وميشجن اللتان باتتا ولايتين رئيسيتين قد ترجحان كفة الانتخابات.
وشددت كاثرين تاي، الإثنين، في ختام محادثات عن بعد مع برونو لومير، على أن واشنطن تريد تدوير الزوايا مع شركائها الأوروبيين، داعية إلى "العمل معًا لتعزيز الفهم المشترك للتشريع".
ويأمل الرئيس ماكرون من جهته فى الذهاب أبعد من ذلك بحصوله من نظيره الأمريكي على "استثناءات لعدد من الصناعات الأوروبية، على غرار ما تعتمده (الإدارة الأمريكية) مع المكسيك وكندا" على ما أفاد مستشار في قصر الإليزيه. وكان هذان البلدان أدرجا ضمن الأطراف المستفيدة في التشريع بعدما أعربا عن تحفظهما.