جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

تفاقم العنف ضد المرأة

على الرغم من اعتماد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة فى ١٩٧٩، فإن العنف ضد النساء والفتيات لا يزال مشكلة منتشرة فى جميع أنحاء العالم.

وفى هذا العام تعرَّض عدد من الفتيات فى مصر إلى جرائم بشعة أودت بحياتهن على يد عدد من الشباب، كما تتعرض المرأة فى كل أنحاء العالم، خاصة فى الدول الفقيرة، إلى عدم «العدالة المناخية»، وبالذات المرأة التى تشتغل بالزراعة نظرًا للتغيرات المناخية من جفاف وتصحر وفيضانات وأعاصير، مما يؤثر على إنتاج المحاصيل ويؤدى إلى تفاقم مشكلة الأمن الغذائى، هذا بجانب عمالة الأطفال المنتشرة والاتجار بالبشر.

كما يزداد العنف ضد المرأة والأطفال فى فلسطين المحتلة بالقتل والتشريد والاعتقالات المستمرة يوميًا من قبل الكيان الصهيونى المحتل.

ويحتفل العالم فى الخامس والعشرين من نوفمبر كل عام باليوم العالمى لمناهضة العنف ضد المرأة منذ عام ١٩٨١، والذى اعتمدته الأمم المتحدة فى عام ١٩٩٩، وجاء اختيار هذا اليوم إثر اغتيال الأخوات ميرابال الثلاث النشيطات السياسيات من جمهورية الدومينيكان بناء على أوامر الحاكم الديكتاتور رافاييل ترخيو، وذلك فى ٢٥ نوفمبر عام ١٩٦٠.

عرَّف القانون العنف ضد المرأة بأنه «كل اعتداء مادى أو معنوى أو جنسى أو اقتصادى ضد المرأة أساسه التمييز بسبب النوع، والذى يتسبب فى إيذاء أو ألم جسدى أو نفسى أو جنسى أو اقتصادى للمرأة، ويشمل أيضًا التهديد بهذا الاعتداء أو الضغط أو الحرمان من الحقوق والحريات، سواء فى الحياة العامة أو الخاصة».

يجىء الاحتفال هذا العام وسط ازدياد العنف والتمييز ضد المرأة فى كل الدول، بدءًا من تعرضها للعنف الأسرى والمجتمعى، ومرورًا بالعنف الناتج عن الهجرة غير الشرعية، والصراعات والنزاعات والحروب التى تؤدى إلى النزوح واللجوء والإقامة فى مخيمات تفتقر لأبسط مظاهر الحياة من توافر مياه نظيفة وأدوية وغذاء، تعيش تحت قيظ حرارة الصيف وشدة برودة الشتاء وأمطاره، وانتهاءً بمواجهة الأوبئة.

وازدادت خلال هذه الفترة ظاهرة العنف ضد المرأة بسبب الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التى تواجهنا اليوم فى كل بلدان العالم بجانب المآسى الناتجة عن الحروب المشتعلة فى بعض البلدان، وتزداد عندنا فى الدول العربية أكثر نتيجة لثقافة مجتمعية متخلفة ومتجذرة تنظر للمرأة نظرة دونية تؤثر عليها نفسيًا واجتماعيًا وفكريًا بالمخالفة لمبادئ الدستور المصرى والاتفاقيات الدولية والإعلان العالمى لحقوق الإنسان، والتى تؤكد المساواة وعدم التمييز بين المرأة والرجل.

إن زيادة الفجوة بين قلة من كبار الأغنياء وغالبية من الفقراء وازدياد الفجوة بين المرأة والرجل تؤدى إلى مفاقمة ظاهرة العنف ضد المرأة، والمتمثلة فى العديد من الأشكال «حرمان الفتيات من التعليم والتسرب من التعليم، زواج القاصرات، حرمان المرأة من الميراث، الاعتداء على المرأة بالضرب والتحرش اللفظى والجنسى والاغتصاب، ختان الإناث، والتمييز بين المرأة والرجل فى العمل»، بجانب حرمان المرأة من الوصول لمراكز صنع القرار بما يليق بقدراتها ومساهماتها فى بناء المجتمع.

إننا فى هذا اليوم نطالب بـ: 

إقرار قانون موحد لمكافحة العنف ضد المرأة.

تعديل قانون الأحوال الشخصية بما يحقق العدل والمساواة بين الزوجين فى الحقوق والواجبات من أجل استقرار الأسرة المصرية والمجتمع.

إنشاء مفوضية مستقلة لعدم التمييز وفقًا لما جاء بالمادة ٥٣ من الدستور.

تفعيل وتنفيذ القوانين والتشريعات والعقوبات الخاصة بجرائم العنف ضد المرأة.

توقيع الحكومة المصرية على الاتفاقية رقم «١٨٩» لسنة ٢٠١٨ الصادرة من منظمة العمل الدولية بشأن «حماية العاملات فى المنازل».

توقيع الحكومة المصرية على الاتفاقية رقم «١٩٠» لسنة ٢٠١٩ الصادرة من منظمة العمل الدولية بشأن «مناهضة العنف فى أماكن العمل».

إدخال مبادئ المساواة بين الجنسين ومبادئ حقوق الإنسان فى مناهج التعليم فى جميع مراحله.

إننا نطالب لجنة «قضايا الأسرة والتماسك المجتمعى» بالمحور الاجتماعى بالحوار الوطنى، ونطالب السادة نواب ونائبات مجلسى النواب والشيوخ، بأولوية مناقشة وإصدار القانون الموحد لمواجهة العنف ضد المرأة، والقانون الخاص بالأسرة المصرية «الأحوال الشخصية» وفقًا للدستور والإعلان العالمى لحقوق الإنسان، ووفقًا للاتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة التى وقَّعت عليها مصر.