جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

«الدولي للدراسات الصوفية والجمالية بالمغرب».. منارة علمية وصوفية تنشر الوسطية وتحارب التطرف

الدولى للدراسات الصوفية
الدولى للدراسات الصوفية والجمالية بالمغرب

زارت "الدستور" خلال جولتها بالمملكة المغربية، المركز الأكاديمي الدولي للدراسات الصوفية والجمالية بمدينة فاس، حيث إلتقت بعدد من أعضاء وباحثي المركز وكان فى إستقبال "محرر الدستور" الدكتور عزيز الكبيطي رئيس المركز الذى أكد على الدور الهام والمحوري الذى يقوم به المركز فى نشر الفكر الوسطى والتصدى للأفكار المتشددة ومحاربة التطرف بإسلوب علمى .

312746847_421908353453003_157119096566924505_n

وقال الدكتور عزيز الكبيطي رئيس المركز، إن المركز الأكاديمي الدولي يهدف من خلال البعد التربوي السلوكي إلى إحياء منهج التزكية والذي يقوم على تزكية القلب عن طريق كف الجوارح السبعة عن المعاصي وهم العينان واليدان والأذنان واللسان والبطن والفرج والقدمان، ثم تزكية العقل و تطهيره من الوساوس والظنون والخواطر الفاسدة عبر تسع مستويات، ثم تزكية النفس بإزالة الصفات الذميمة منها وتعويضها بالصفات الحميدة وفق النموذج المحمدي الأكمل، وبفضل الله تم تجميع كل مستويات التزكية في كتاب "علم التزكية منهج الفلاح" من تأليف فضيلة الدكتور عزيز الكبيطي إدريسي الحسني. 

312853890_662969088757019_3437687469949263697_n

وتابع : وخصوصية المركز أنه يعتمد مناهج تطبيقية عملية عبر جداول محددة ومؤطرة  تُكَوِّن لدى الشخص الرقابة الداخلية التي تحصنه من ارتكاب المعاصي فيحتاط في تصرفاته وتعاملاته وكلامه، فيتمكن بذلك من مراجعة نفسه كل يوم والانتباه لأعماله وما يصدر منه فيتحقق بالفلاح في الدارين كما قال سبحانه وتعالى في سورة الأعلى " قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى" .

312929542_1073278956614842_1106582837041607778_n

وهذا ما نحتاجه حقيقة في مجتمعاتنا الإسلامية خاصة وأننا أصبحنا نفتقد للتربية السلوكية لاسيما في صفوف الشباب. حيث أصبح الإنحلال الأخلاقي أمر طبيعي وسلوك منهج التزكية هو الاستثناء، والأصل أن يكون المؤمن قويا نافعا لنفسه ولغيره، مؤثرا في الآخرين غير متأثر بهم، متمسك بهويته الدينية مقتد برسوله صلى الله عليه وسلم في ظاهر أمره وباطن أفعاله، وهذا لا يتحقق إلا بسلوك منهج التزكية الذي يستفيد منه الشخص في كل مراحله العمرية وكيفما كانت حالته الاجتماعية والعلمية والعملية، كما أن كتاب "علم التزكية منهج الفلاح" يتضمن جداول لغرس السنن النبوية المتعلقة بالعادات والعبادات وإحياءها في حياة الشخص تزامنا مع مراحل تزكيته، ليحظى بمرحلة التطهير والتنوير أي التخلية والتحلية.

وأوضح أن المركز الدولى للدراسات الصوفية والجمالية بفاس يلعب دور في حث الشباب وتأطير هم في تزكية أنفسهم وفق المنهج النبوي، أيمانا منه بأهمية تزكية النفس وتهذيبها في إصلاح الأفراد صلاحا يعود بالنفع والإيجابية على المجتمعات والرقي بها، تبنى المركز الأكاديمي الدولي للدراسات الصوفية برئاسة الشيخ الدكتور عزيز الكبيطي الإدريسي الحسني دورا رياديا في هذا السياق، حيث وضع على عاتقه مهمة تأطير الشباب والعمل على تربيتهم وتزكية نفوسهم والسمو بهم في مدارج تطهيرها وتسليكها، ويعتمد المركز الأكاديمي منهجا محمديا يقوم على تزكية الأنفس بجميع مراحلها ألا وهي تزكية جوارح القلب وتزكية العقل وتزكية النفس وأخيرا تحرير الروح ووصلها بالله عز وجل.

277306062_10229891728063817_5783978110445937815_n

وأشار: وقد آمن المركز الأكاديمي على أن التزكية هي المنهج الأمثل لبناء الإنسان الفاعل بناء شاملا يكون على مستوى: القلب والعقل والنفس والروح أخيرا، لأن سر تكريمنا في هذا الكون ليس الجسد بل تلك النفخة الإلهية التي أوجبت سجود الملائكة للإنسان له إكراما، ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾: سورة الإسراء.

277307596_10229891730143869_8206264755825743012_n

وأضاف: يقول الله عز وجل في سورة الرعد: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾، فهذه هي ركيزة التغيير والإصلاح وأُسه على مر الأزمنة، وهذا كان دور الأنبياء والمصلحين على امتداد كل العصور، فكلنا يؤمن بأولوية هذا المبدأ الحيوي وأهميته، ولكن من منا تساءل حقا عن كيفية التحقق بتغيير النفس؟ من من جاهد باحثا عن الوسيلة الأمثل التي تجعله متحققا بالفلاح الذي ذكره الحق سبحانه في سورة الأعلى﴿قَدۡ أَفۡلَحَ مَن تَزَكَّىٰ ١٤ وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّى﴾؟  ومتى كان الإنسان قادرا على تغيير نفسه بنفسه، بل متى كانت النفس هي القاضي والحكم، هي الداء والدواء، هي العلة والطبيب، ولو كان الأمر بهذا اليسر لاختار كل منا صلاح نفسه بنفسه واختار تقوها وتحقق بها؟، لا ليس الأمر كذلك، فالله عز وجل جعل لهذا الأمر سُنة ومنهاجا، وجعل للتزكية ناموسا كونيا، ومن أجلها بعث من لدنه أنبياء، أرسلهم لإصلاح النفوس أولا وقبل كل شيء، وبعث في أعقابهم وُرَّاثهم وخلفاءهم، هم الذين ورثوا مهمة الإرشاد والتوجيه، ولازالوا، وسيرثونها إلى أن تفنى الأرض ومن عليها، ولولا هذا الدور غير المنبت لفسدت الأرض ومن عليها، وقد مكث رسول الله صلوات الله عليه أكثر من نصف سني بعثته يهذب النفوس ويربيها ويرقيها في مدارج السلوك والقرب قبل أن يصدح بالتشريع، لأهمية النفس ولأنها ركيزة أساسية في بناء الإنسان.

وبعث الله لنا ويبعث من المصلحين من يتولى مهمة تهذيب النفس وترقيتها وتزكيتها، من يساعدنا ويوجه ويسدد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، «إنَّ اللَّهَ يبعَثُ لِهذِه الأمَّةِ على رأسِ كلِّ مائةِ سَنةٍ من يجدِّدُ لَها دينَها) حديث صحيح».

277368184_10229891729463852_2818543493492189350_n

منهج المركز الأكاديمي للدراسات الصوفية في تزكية الأنفس:

من خلال تزكية القلب أولا، عبر تطهير مداخله التي تُدخل الظلام إليه، وهي الجوارح السبعة أو ما يسمى بأبواب القلب وهي: (اللسان والعين والأذن واليد والرجل والبطن والفرج)، بجداول شهرية يراقَبُ من خلالها تزكية الطالب لجوارحه، مدتة، مبدئا، شهرا لكل جارحة من تلك الجوارح، يتم خلالها إقفال منافذ إدخال الظلام إلى القلب، ليتحصل الطالب أو المريد على قلب سليم وأخلاق دمثة،  قبل أن ينقله فضيلة الشيخ إلى تزكية عقله وتطهيره من أمراضه وأوهامه، من الوساوس وسوء الظن والصور والخيالات المريضة، فيصير عقله متنورا بنور الفهم والحفظ، ثم بعدها يبدأ معه تزكية النفس من علاتها، من كبرها وبخلها وريائها وحسدها، وتواكب تزكية الطالب أو المريد حضور الدروس والمحاضرات في مختلف العلوم والتخصصات التي تؤهل الطالب للتطور والترقي والنضج الأخلاقي والسلوكي والمعرفي.

284349842_10230320694907720_8883998503378438626_n

ما هو المبدأ الذي يقوم عليه هذا المنهج؟

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ»، فالقلب هو المتحكم في كل الجسد، وهو قابل للإصلاح مثلما أنه قابل للإفساد، ويقول الله عز وجل: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾، أي طهر القلب - الذي هو بيت الله - من كل ما عدى الله، ولهذا نزع أهل السلوك والسير إلى العمل على تطهير القلب على مر الزمن وعلى هذا النهج يسر المركز الأكاديمي الدولي للدراسات الصوفية والجمالية.

312631803_780942766311666_2392389955416130348_n
312611429_789385435736597_45282067037901149_n