جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

المقص.. والإرهاب

متواجد منذ سنوات طويلة للعمل في إحدى دول الخليج، سأقول شيئا مهما للغاية لنا ‏كدولة وشعب مصر، في تلك الدولة وأيضًا باقي دول الخليج لا يجرؤ مواطن أو ‏وافد على التفكير في عمل الخطأ، سواء بالقول أو الفعل، لأن النتيجة ستكون رد ‏فعل فوريا وقويا من السلطات المعنية، هكذا أصبحت تلك الدول واحة للأمن ‏والأمان والمواطنة وأيضا التقدم والازدهار.‏

هكذا هو العكس في وطني مصر، التي أصبحت مستنقعا يموج بالأخطاء في القول ‏والفعل والنتيجة، مزيد من الانحدار والتراجع والخوف وعدم الأمان، فكفى أن ‏تتصفح موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، لتقرأ وتسمع كل ما هو خارج عن ‏إطار الأدب والأخلاق وأيضًا القانون، ورغم ذلك لا يُحاسب أو يُعاقب أحد، والنتيجة ‏اتساع رقعة ذلك المستنقع وخطورته على أمن المجتمع واستقراره.‏

فالجميع قد قرأ عما حدث من شاب مصري متطرف اسمه إبراهيم خليل يعمل في ‏دولة الإمارات الشقيقة، والذي علق على أحد منشورات الفيسبوك حيث قال: "هو ‏لو كل واحد مننا اشترى مقص وقابل أي واحدة كاشفة شعرها قام قاصص لها ‏شعرها مش هتلاقي واحدة من غير حجاب"، وتداخلت السيدة أسماء وهدان، باحثة ‏الدكتوراه المصرية بنت محافظة الشرقية، وعلقت له: "إنت قد تعليقك دا؟" فرد ‏عليها المتطرف إبراهيم خليل: "طبعا قده بس المشكلة مش لاقي المقص".‏

وهنا نلاحظ من خلال التعليق للشاب المتطرف والسيدة المصرية الشجاعة أن ‏هذا الشاب تمتلكه ثقافة متطرفة يجاهر بها علنا بالتهديد والوعيد والإرهاب، ‏والسبب لأن مجتمعه الذي عاش به لا يقاوم أو يعاقب تلك الثقافة، بل يعطيها ‏المساحة والحماية للتواجد والانتشار، فنسي نفسه واعتقد أنه في مصر كمثل ما ‏يفعله الكثيرون من الإرهابيين والمتطرفين والمنفلتين، وقام بالتهديد الإرهابي ‏المبطن، وعلى الجانب الآخر كان رد السيدة المصرية الشجاعة كله ثقة لأنها تعلم ‏مدى قوة القانون في دولة الإمارات التي يعيش على أرضها ذلك المتطرف، فكان ‏ردها مقتضبا حيث قالت: «إنت قد الكلام دا؟»، بحيث تعطيه فرصة للتراجع قبل ‏وقوعه في قبضة القانون الإماراتي القوي، لكن لأنه متطرف ومتشبع بثقافة ‏الرجعية والغباء فأكد في تعليقه وقال: "طبعا قده بس المشكلة مش لاقي المقص".‏

وبالطبع لأنها دولة قانون ولديها كل أدوات التواصل السهل لحماية الوطن من ‏تلك الثقافة المتطرفة، فقامت السيدة المصرية بالتواصل على رقم واتس آب متخصص ‏من الجهات المعنية للإبلاغ عن مثل تلك التعليقات، وقالت لهم: «أنا عاوزة أبلغ عن ‏شخص عامل ‏COMMENT ‎‏ على ‏‎ «FACEBOOK ‎في التو واللحظة أرسلوا لها ‏الموقع الذي ترسل عليه شكواها، وبالفعل أرسلت صورة من التعليقات، وقد كان، ‏تم الوصول لهذا الشاب المتطرف والقبض عليه، وتقرر ترحيله خارج أرض ‏الإمارات إلى مصر.. هكذا تفرض ثقافة الالتزام والنظام بقوة القانون.‏

وكان من أقوى ما كتبته السيدة المصرية على صفحتها في الفيس عن الشاب ‏المتطرف: «ده طبعا نتيجة تربية شيوخ الدواعش اللي عرفوه إنه من حقه يكون ‏وصي على أي إنسان مخالف له في العقيدة أو الأفكار، ده نموذج، ولو دورنا نلاقي ‏كتير زيه»، وأكملت السيدة منشورها الجريء والرائع قائلة: «الحل هو القانون الرادع ‏لأشكاله واللي زيه، المواجهات الشخصية مش كفاية ابدأ».‏

وفي الأخير، كان تعليق هذا الشاب الإرهابي على صفحته أنه في ابتلاء وطلب ‏الدعاء له  ليفك ربنا كربه، هكذا يعتقد هؤلاء أن ما يقومون به من إرهاب هو ‏جهاد، وعند وقوعهم تحت طائلة القانون يسمونه ابتلاء بسبب جهادهم، وبالطبع ‏تضامن معه بعض الدواعش على صفحته، ولأنهم يعلمون أنهم في مأمن فيكتبون ما ‏يشاءون، وبعدها أغلق المتطرف صفحته.

وسؤالي الأخير: ماذا ستفعل السلطات المصرية عندما وصل أو سيصل ذلك ‏المتطرف إلى أرض الوطن هل سيحاكمونه أم سيهادنونه كما يهادنون ذلك الفكر ‏الإرهابي الهدام؟.‏