جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

الدورة البرلمانية بين النواب والوزراء

بدأ البرلمان هذا الأسبوع دورته البرلمانية الثالثة. والبرلمان هو السلطة التشريعية المنتخبة من الشعب مع السلطة القضائية والسلطة التنفيذية.
ومن المعروف أن السلطة التشريعية هى التى تشرع القوانين التى تصدر من خلالها السلطة القضائية أحكامها التى تنفذها السلطة التنفيذية.
كما أن البرلمان هو المنوط به حق التشريع مع الرقابة على الحكومة ومحاسبتها من خلال عدة مجالات: 
الأول: هو الموافقة على الحكومات تشكيلًا وتعديلًا.
الثانى: الموافقة على الموازنة العامة والميزانية.
الثالث: الرقابة والمحاسبة للحكومة فى إطار البيان المقدم من الحكومة، التزامًا منها بتنفيذ هذا البيان بعد موافقة البرلمان عليه.
ومن المعروف أن هذه الرقابة وتلك المحاسبة تتم من خلال عدة أساليب يقوم بها البرلمان، مثل السؤال وطلب الإحاطة والبيانات العامة والاستجواب.
وتصل الرقابة والمحاسبة إلى حق البرلمان الدستورى فى سحب الثقة من الوزير أو الحكومة. ولذا فالنائب يعامل بروتوكوليًا كوزير. 
هذه المقدمة المعلوماتية نريد أن نقول من خلالها إن السلطة التشريعية مع السلطة القضائية والتنفيذية هى سلطات متكاملة فى أداء أدوارها لصالح الوطن والمواطن.

وكلما كان هناك توافق وتفاهم وحوار وإعطاء كل سلطة الحرية فى ممارسة دورها الدستورى دون تدخل باقى السلطات، فهذا سيكون هو الطريق الصحيح الذى يحقق مصلحة الوطن. 
وبخصوص البرلمان كسلطة رقابية وتشريعية، ونحن فى ظل ظروف وتحديات غير مسبوقة فى تاريخ الوطن ليس على المستوى الاقتصادى والسياسى ولكن على المستوى الثقافى والأخلاقى والقيمى أيضًا. 
إضافة لإدراك القيادة السياسية أن الحوار الوطنى المزمع بداية جلساته قريبًا كما أعلن ذلك أكثر من مرة. 
إضافة إلى عقد المؤتمر الاقتصادى خلال هذا الشهر. 
وهذا يعنى أن هناك نية وقناعة كاملة بجعل الحوار الموضوعى وسماع الرأى والرأى الآخر «فالخلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية».
ولذا نريد هنا وبكل المصارحة وعلى أرضية وطنية لا تهدف لغير حب هذا الوطن. هل البرلمان فى دوراته السابقة قام ويقوم بدوره البرلمانى كما يجب أن يكون؟ وهل البرلمان يمارس بالفعل حقوقه وأدواره الدستورية؟ وكم هى مشروعات القوانين المقدمة من البرلمان فى مواجهة هذا الكم المقدم من الحكومة؟ وكم استجوابًا تم تقديمه، والأهم تمت مناقشته حتى الآن؟ مع العلم بأن الاستجواب هو أهم الأساليب فى مراقبة ومحاسبة الحكومة!! ما هو الدور المؤثر للبرلمان فى تشريع يسهم فى حل المشكلة الاقتصادية التى يعانى منها الوطن والمواطن؟ وهل لو كان البرلمان يقوم بدوره المطلوب الذى يعبر فيه عن مجمل الشعب المصرى.
كنا فى احتياج لعقد مؤتمرات الحوار الوطنى؟ ولكن ما هى أسباب ذلك؟ أعتقد أن ضمن الأسباب هو غياب كامل للأحزاب السياسية الحقيقية التى تستمد وجودها السياسى من الشارع ومن ثقة الجماهير بها. 
وهذا الغياب غاب معه وجود الكادر السياسى الذى يمتلك الرؤية والموقف السياسى الذى يجيد التعبير والدفاع عنه. ولذا وبكل وضوح قد فقدنا النائب السياسى فى ظل وجود نواب جاءوا عن طريق ترشيح أحزاب لهم فى الوقت الذى لا علاقة لهم بهذه الأحزاب ولا علاقة بهذه الأحزاب لهم. 
ولذا تم الانتخاب على أساس شخصى وقبلى وعائلى وطائفى ولا علاقة له بأى اختيار على أرضية سياسية حقيقية. 
وهذا الوضع جعل دور النائب مشوشًا وغير واضح حتى إننا لاحظنا ممارسات مرفوضة وغير مقبولة من بعض الوزراء تجاه بعض النواب!! قيل إن وزير الصحة وكان فى زيارة لمحافظة أسيوط وفى زيارته لأحد مستشفيات أسيوط ومتابعته استكمال مستشفى منفلوط. 
وكان هناك وجود لبعض النواب مع الوزير. فقام الوزير بمعاملة النواب بطريقة لا تليق على الإطلاق حتى إنه انتهرهم عن مشاركتهم فى الحديث... إلخ!! فهذا نموذج للعلاقة غير السوية التى تؤثر فى مجمل العمل السياسى والوطنى الذى بحب أن نحافظ عليه. 
فإذا كان هذا الأمر يتم مع النائب، فماذا سيكون الأمر مع المواطن العادى «الذى هو جاء بالنائب أيضًا». 
فليعلم الجميع موقفه وموقعه ومسئوليته التى يجب أن يعتز بها حبًا فى خدمة هذا الوطن، وحتى نعيد إلى الأذهان أن حق المواطن أن يعبر عن رأيه بكل الحرية طالما كان فى إطار القانون، وهذا سيكون فى صالح مصر وكل المصريين. حمى الله مصر وشعبها العظيم.