جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

المتحدث باسم الخارجية الألمانية: «COP 27» يأتى فى وقت حاسم للعالم

الدكتور دينيس كوميتات،
الدكتور دينيس كوميتات، المتحدث الرسمى باسم الخارجية الألماني

شدد الدكتور دينيس كوميتات، المتحدث الرسمى باسم الخارجية الألمانية فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على أهمية مؤتمر الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ «COP 27»، المقرر أن تستضيفه مصر فى مدينة شرم الشيخ، خلال نوفمبر المقبل.

وقال «كوميتات»، فى حوار خاص مع «الدستور»، إن مؤتمر الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ يأتى فى وقت حاسم، يحتاج العالم فيه إلى العمل معًا للحد من الآثار المأساوية لأزمة تغير المناخ.

كما تطرق مدير المركز الألمانى للإعلام إلى الحرب الروسية الأوكرانية، وتأثيراتها على الطاقة وأسعار مختلف السلع الاستراتيجية، خاصة الغذائية، وغيرها من التفاصيل الأخرى فى السطور التالية.

■ بداية.. ما أهم الإجراءات التى اتخذتها ألمانيا على المستوى المحلى لمواجهة تغير المناخ؟

- أطلقت ألمانيا هذا العام أكبر حزمة من التشريعات المتعلقة بالطاقة منذ عقود، بهدف تسريع خطوات التحول إلى الطاقة النظيفة على وجه التحديد. ومن المقرر بحلول ٢٠٣٠ أن ننتج ٨٠٪ من الكهرباء عن طريق مصادر الطاقة المتجددة.

ويؤكد هذا النهج أننا على الرغم من «حرب العدوان الروسية على أوكرانيا»، فإننا لا نحيد شبرًا واحدًا عن أهدافنا المناخية، بل على العكس من ذلك نعمل بقوة أكبر لإنجاز عملية انتقال الطاقة، والتخلص التدريجى من «الوقود الأحفورى»، ونضع نصب أعيننا هدفنا المتمثل فى أن نكون «محايدين مناخيًا» بحلول عام ٢٠٤٥.

و«الحياد المناخى» يعنى التحول إلى اقتصاد بـ«صافى صفر من انبعاثات الغازات الدفيئة»، عن طريق موازنة تلك الانبعاثات، أى أن أى انبعاثات ناجمة عن حرق الوقود الأحفورى، تقابلها إجراءات مثل زراعة الأشجار، التى تمتص ثانى أكسيد الكربون.

■ وماذا عن دعم ألمانيا للدول النامية لمواجهة تغير المناخ خاصة فى إفريقيا؟

- أزمة المناخ تؤثر علينا جميعًا، إلا أنه ليس من العدل تمامًا أن يكون الأشخاص فى البلدان التى لم تتسبب إلا قليلًا فى الأزمة هم الذين يعانون الآن تبعاتها أكثر من غيرهم.

وتدرك ألمانيا، بوصفها دولة صناعية كبيرة، مسئوليتها فى هذا الإطار، لذلك نساعد البلدان المتضررة بشكل خاص على التعامل مع تداعيات أزمة المناخ. كما ندعم، من خلال شراكات الطاقة والمناخ، البلدان الأخرى فى التخلص من الكربون والتوسع فى الطاقات المتجددة. من الأمثلة على ذلك «شراكة انتقال الطاقة العادلة» مع جنوب إفريقيا، حيث نعمل مع شركاء دوليين على تعزيز انتقال الطاقة والتخلص التدريجى من الفحم هناك.

فى الوقت نفسه، نحن ملتزمون بحماية مناخية طموحة فى جميع أنحاء العالم، لأن هذه الطريقة الوحيدة التى يمكننا من خلالها التخفيف من العواقب الخطيرة لأزمة المناخ. كما أننا ننفق الكثير من الأموال لهذا الغرض، فقد زادت ألمانيا تمويلها للمناخ بين عامى ٢٠٠٥ و٢٠٢٠ بأكثر من عشرة أضعاف. 

■ ما الذى تأملون فى أن تخرج به قمة «COP 27» فى مصر من أجل حماية كوكب الأرض ومجابهة تغيرات المناخ؟

- يأتى مؤتمر الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ «COP 27» فى وقت حاسم للعالم أجمع، نحتاج جميعًا فيه إلى العمل على الحد من الآثار المأساوية لأزمة المناخ.

سيلتقى المجتمع العالمى فى مصر لإيجاد حلول مشتركة حول كيفية الحد من ظاهرة الاحتباس الحرارى عند ١.٥ درجة، ويجب علينا الآن أن نتخذ معًا خطوات ملموسة نحو تحول أخضر طموح. فى الوقت نفسه يجب أن يرسل مؤتمر الأطراف إشارة قوية بوجود تضامن مع الدول الأكثر تضررًا من آثار أزمة المناخ.

■ تواجه أوروبا بما فيها ألمانيا مشكلة فى الطاقة.. كيف تتعاملون مع هذه المشكلة الآن ومع مَن تتعاونون لتجاوزها؟

- «انتهكت روسيا القانون الدولى» بحربها فى أوكرانيا، ولم تلتزم بعقود إمدادات الطاقة، مستخدمة إياها كسلاح، لذلك لم تعد موردًا موثوقًا للطاقة بالنسبة لنا، ما جعلنا نعمل على جعل أنفسنا بسرعة مستقلين عن واردات الطاقة الروسية، لذا فى فبراير الماضى، جاء أكثر من نصف وارداتنا من الغاز عبر روسيا، أما الآن فقد أصبحت أقل من ١٠٪.

لذلك تفاوضت الحكومة الألمانية على عقود جديدة لتوريد الغاز مع عدد من البلدان، بما فى ذلك الإمارات وقطر، كما أن لديها شراكات فى مجال الطاقة مع أكثر من ٢٠ دولة حول العالم.

فى الوقت نفسه، ولأن هذا هو المستقبل، نحن نمضى قدمًا فى تحول الطاقة، والتوسع فى استخدام الطاقات المتجددة بأقصى سرعة، هذا لأن «حرب العدوان الروسية» أوضحت أن «كل توربين رياح وكل لوح شمسى يعزز استقلالنا».

كما نشرت الحكومة الألمانية عدة برامج للتخفيف من الآثار السلبية لأزمة الزيادات قصيرة الأجل فى الأسعار. وكما قال المستشار الألمانى شولتس مؤخرًا، «لن نترك أحدًا بمفرده فى مواجهة الأزمة».

■ إذن هل هناك خطط ألمانية محددة للتعامل مع أزمة الطاقة فى المستقبل؟

- من الواضح جدًا أن المستقبل يكمن فى الطاقات المتجددة، وهو ما تتطابق بشأنه وجهة نظر السياسة الأمنية مع سياسات المناخ والاقتصاد. لذلك لدينا آمال كبيرة فى استخدام الهيدروجين، وأنشأنا مكاتب «دبلوماسية الهيدروجين» فى العديد من البلدان، للتحدث مع مُصدِّرى الوقود الأحفورى اليوم حول التحول إلى هذا المصدر الجديد للطاقة، ما يفتح فرصًا جديدة للتعاون الثنائى.

■ أزمة «كورونا» تؤثر على العالم أجمع.. كيف تعاملت ألمانيا معها؟ وكيف دعمت الدول الفقيرة فى ذلك؟

- لا يمكننا السيطرة على هذه الجائحة إلا إذا نجحنا فى التغلب عليها معًا، أى جميع أنحاء العالم، لذلك دعت ألمانيا فى مرحلة مبكرة للغاية إلى رد فعل مشترك وتضامنى ضد الجائحة، وهذا أيضًا موضوع مهم بالنسبة لرئاسة مجموعة السبع، التى تتولاها ألمانيا هذا العام، والهدف الأساسى هو تعزيز الرعاية الصحية الدولية، وخلق عدالة لقاحات عالمية مستدامة.

وتلتزم ألمانيا بالتعاون مع الاتحاد الأوروبى والاتحاد الإفريقى فى تشجيع إنتاج اللقاحات، خاصة فى إفريقيا، حيث يكاد لا توجد أى قدرة على إنتاج اللقاحات هناك حتى الآن، ولا يتم تصنيع سوى ١٪ فقط من اللقاحات المستخدمة فى القارة الإفريقية حاليًا هناك، وهو ما نحاول تغييره، على سبيل المثال من خلال مصنع نموذجى فى رواندا لإنتاج لقاحات الحمض النووى الريبوزى المرسال «mrna».

ومنذ أن بدأت الجائحة تبرعنا بـ١١٩ مليون جرعة لقاح، ونمول مرفق اللقاحات العالمى «كوفاكس- covax»، الذى وزع بالفعل ١.٦ مليار جرعة من اللقاحات فى ١٤٦ دولة وإقليمًا.

أزمة الغذاء العالمية الحالية.. ما أسبابها؟ وكيف يمكن التغلب عليها؟

- الحرب التى تشنها روسيا على أوكرانيا، و«تنتهك القانون الدولى» من خلالها، ما زالت مستمرة منذ أكثر من نصف عام الآن، ولها تأثير كبير على أسعار المواد الغذائية، لأن الصادرات من أوكرانيا، التى تُعد مصدرًا مهمًا للغاية للقمح، أصبحت بطيئة وصعبة، على الرغم من دور الوساطة المهم للأمم المتحدة. لذلك نرى بوضوح أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يتحمل المسئولية عن هذه الأزمة، لأنه يتلاعب بالإمدادات الحيوية لملايين الناس، وأن النهاية السريعة لهذه الحرب غير المبررة وحدها هى ما يمكن أن تنهى هذه الأزمة بسرعة.