جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

شارع البهلوان

الكلام دا كان 1949، إعلان في جريدة المصري فيه صورة زينات صدقي منفردة، وفوقيها تعليق إنه هتضحك طوب الأرض في فيلم "شارع البهلوان"، دون حتى إشارة لأبطال الفيلم أو مخرجه.
الفيلم دا إخراج صلاح أبوسيف، لكن نادرا ما يذكر لما نفتكر أفلامه، أبوسيف كان عايز ينافس في عالم الكوميديا، كان فيه خلطة كدا في الأربعينيات، برع فيها حلمي رفلة مثلا، فهو خاض المغامرة متكئا على مسرح الفودفيل، اللي هو المواقف القائمة على سوء التفاهم.
عارف إنت مثلا لما مديرك يبقى اسمه حسين، فيكلمك، فأنت تفتكره حسين ابن خالتك، فتاخد راحتك في الكلام وتشتم المدير، فيرفدك. عارف إنت المواقف دي؟ أهو كدا أبوسيف اختار نص لعبدالحليم مرسي، ومرسي كان كمان ممثل أدوار ثانوية، مثلا كان له دور في "غرام وانتقام"، علي الزرقاني كتب السيناريو والحوار، وكان بطولة كاميليا وكمال الشناوي، ومعاهم الطقم الأربعيناتي إياه: إسماعيل يس وحسن فايق وعبدالحميد زكي، وزينات صدقي طبعا المذكورة في الإعلان.
لكن التجربة دي ما كلتش، والفيلم ما حققش إيراد، وأبوسيف ما كررهاش، وتقديري إنه السبب الرئيسي في دا هو أيديولوجية صلاح أبوسيف نفسه، يعني حضرتك أساسا عايز تعمل فيلم تحشيشة، يبقى خليك فـى أجواء المليونير وعنبر والحاجات دي، إنما عايز تحشر فيها تحليل للبرجوازية، على خطاب نسوي على على على، ما ينفعش.
الجدية بلغت بأبوسيف إنه عامل مشهد مبارزة بين علي عبدالعال وكمال الشناوي (تخيل!)، وكمان عايز يحشد فيه دلالات محتاجة تأويل، كل دا كتير! كتير وتقيل وسخيف.
إنما يبدو أن أجواء الخلطة اللي كان عايز يعملها أبوسيف امتدت لكواليس الفيلم، ففيه حكاية منتشرة الله أعلم بمدى صحتها، إنه تصوير الفيلم كان في رمضان، ففيه مشهد المفروض البطل يبوس البطلة بوسة حارة، ومش على سبيل الإضحاك، لازم بوسة سيما جامدة وطويلة نسبيا.
كمال الشناوي ما رضيش يبوس، قال إنه صايم، فالبوسة هتفسد الصيام، صلاح أبوسيف قعد يقنع فيه: يابا الحاج مش هينفع نصور المشهد بعد المغرب، العمال والمصورين وخلافه هلكانين خلقة في تحضير المشهد، والمنتج هيكع فلوس ع الفاضي، ومفيش حاجة نصورها في اللوكيشن دا غير أم البوسة دي.
الحوار دا خد له شوية وقت، والرفاق حائرون يتساءلون في جنون: إحنا مستنيين إيه عشان المكنة تدور، والتصوير يشتغل.
بدأ يسري حديث في البلاتوه: الأستاذ كمال رافض يبوس الكوكب كاميليا، الحوار وصل لكاميليا، فطلعت سبت لهم، كمال مين دا اللي مش عايز يبوسني، هو يطول؟
أبوسيف بعد ما أقنع كمال، لقى كاميليا حرنانة ومش عايزة تتباس، إنما يعني ربنا يسر الحال، والمشهد اتصور، وينسب لأبوسيف قوله إنه دي أقوى بوسة صورها في مسيرته.
إنما بالنسبة لي: البوسة دي كانت الحاجة الوحيدة اللي بتضحك في الفيلم.