إدوارد سعيد: الإسرائيليون كانوا يضعون نصب أعينهم عربًا أقل وأرضًا أكثر
تمر اليوم الذكرى الـ19 لرحيل المفكر والناقد الأدبي إدوارد سعيد الذي رحل في مثل هذا اليوم من سبتمبر 2003 عن عمر ناهز 68 عامًا.
جاء مشروع إدوارد سعيد الفكري مشتبكًا مع قضايا وأزمات الأمة العربية، كان أستاذًا جامعيًا للنقد الأدبي والأدب المقارن في جامعة كولومبيا في نيويورك ومن الشخصيات المؤسسة لدراسات ما بعد الاستعمارية (ما بعد الكولونيالية)، مدافعًا عن حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني، وقد وصفه روبرت فيسك بأنه أكثر صوتٍ فعالٍ في الدفاع عن القضية الفلسطينية.
في التقرير التالي نرصد إجابات إدوارد سعيد عن الأسئلة الصعبة التي كان يقابلها في العديد من المناسبات، خاصة تلك المتعلقة بالقضية الفلسطينية:
ضمن كتاب "إدوارد سعيد.. دراسات ومقدمات مختارة" جمع وتقديم المترجم محمد شاهين، نص حوار مطول أجراه كارل صباغ بالقاعة المركزية بوستمنستر في لندن وذلك في 2001 وحضره قرابة 1500 شخص وذلك بعد مدة قصيرة من قصف إسرائيلي عنيق لمدينة غزة.
جاء سؤال كارل صباغ: "هل كان في وسع الفلسطينين فعل شيء يجنبهم الطامة الكبرى التي بدأها الصهاينة في نهاية القرن الـ19 ووصلت ذروتها في 1984؟ وجاء رد إدوارد سعيد: "لا أظن ذلك باستثناء أن نعرف المزيد عنها أكثر ما يعرفه أكثر الناس لكن لاشك في أن السنوات الحاسمة هى سنوات العقد الرابع أي عقد الثلاثينيات: وهي مرحلة زادت معرفتنا بها بفضل المؤرخين الذين أعادو النظر في أحداث تلك الحقبة. ونحن كثيرًا ما نتحدث عن المؤرخين الجدد، ولكن الفلسطينين من أمثال رشيد الخالدي، ونو مصالحة، وعدد آخر من المؤرخين أنتجوا أيضًا دراسات مهمة عن هذه المرحلة.
وأكد إدوارد سعيد في إجابته: "لقد انحاز البريطانيون دائمًا إلى جانب الصهاينة، ومن الأساطير الكبرى التي يروج لها الصهاينة أنهم يحاربون الإمبريالية البريطانية، لكن لولا الإمبريالية البريطانية، ابتداءً من وعد بلفور لما كان بإمكانهم عمل ما عملوه، الأمر الثاني الذي يجب ذكره هو أن الفلسطينين عوملوا دائمًا على أنهم جماعة تعيش ضمن بلد، وإذا ما فكرت بصياغة وعد بلفور وجدت أنه لا يتحدث عن الشعب الفلسطيني، بل عن جماعة غير يهودية، ولذلك لم يفكر يومًا بأن هذه الجماعة شعب".
أوضح سعيد: "هكذا فإن كل العمليات التي كانت تجري لبناء الشعب عند اليهود لم تكن تجري عند الفلسطينين، ولم يكن يسمح بها، لذلك فإن المفتي نفسه عينه البريطانيون في منصب أوجدوه هم، ومن ثم جاءت الثورة العظيمة التي امتدت من سنة 1936 إلى 1939، وهى ثورة أنهكت الفلسطينين الذين تحملوا العسف البريطاني".
أشار سعيد إلى أن ما كان موجودًا من مؤسسات مدارس وصحف أعمال تجارية، وما إليها، فقد تعرضت للأذى في هذه السنوات الثلاث، وكانت النتيجة أن الجماهير الفلسطينية كانت عشية اندلاع الحرب العالمية الثانية إما مفتتة، أو منهكة، أو غير جاهزة، وبلا تنظيم، ولا تدريب عسكري، لمواجهة عدو صلب كان يتمتع بدعم قوي من الخارج وهذا هو الوضع الآن مع إسرائيل.