جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

الحاسة الثامنة.. أعترف وأعترض وأعتقد

أعترف.. أن المرأة قد حصلت على حقوقها الدستورية.. خاصة بعد ثورة 30 يونيو، وحدثت طفرة حقيقية فى التعامل معها وتقدير مكانتها فى العديد من الأماكن. 

ولكن الملاحظ أن حصولها على هذه الحقوق.. لا يزال خارج نطاق الوعى المجتمعى.. الذى لا يزال يتعامل مع المرأة بمنطق عدم المساواة والظلم والقهر الذى وصل لحد العنف والقتل.. فى استهانة بمعنى الحياة ومنطق الإنسانية.

أعترف..

لا زالت المرأة هى التى تكرس التمييز ضد نفسها فى الكثير من الأحيان بحسن نية فى بعض الأحيان، وبسوء نية فى الكثير من الأحيان.

لا زالت هناك معوقات قانونية تواجه المرأة المصرية فى الحصول على حقوقها.

لا زالت المرأة هى الحلقة الأضعف فى العلاقات الأسرية.. وهى دائمًا التى تضحى وحدها فى سبيل استقرار أسرتها.

لا يزال المجتمع ينظر للمرأة حسب شكلها، وليس حسب فكرها أو منطقها العقلى أو مكانتها الاجتماعية.

لا زالت بعض العائلات تتعامل مع بناتها باعتبارها سلعة أو صفقة حسب المزاد لمن يدفع أكثر.. 

لا يزال بعض الرجال.. ينظرون للمرأة باعتبارها ناقصة عقل ودين.. لسلب حقوقها وإهدار كرامتها..

لا زالت المرأة تقع تحت سيطرة موروثات وعادات بالية.. تستند إلى كل ما هو عكس صحيح الدين.

لا زالت المرأة هى التى تتحمل نزوات وتنمر وتحرش العقليات الذكورية الرجعية..

لا زالت المرأة هى الأضعف فى الحصول على حقوقها الأسرية سواء فى الميراث أو فى حقوق النفقة.

لا زالت المرأة.. رغم كل التحديات تمثل نقطة ثبات الأسرة وتوازنها.

لا زالت المرأة تتعرض للاستغلال سواء داخل الأسرة أو خارجها فى العلاقات الاجتماعية أو العمل.

أعترض..

على أن تكون المرأة تابعًا للرجل بهذا الشكل المهين.. سواء داخل أسرتها أو فى نطاق عملها.

على تعامل بعض الرجال مع المرأة باعتبارها كائنًا ناقصًا.. لتبرير كل التجاوزات التى تتم ضدها.

على أن يتم التعامل مع المرأة باعتبارها محل اختبار للثقة.. طيلة الوقت.

على أن تظل المرأة تحت سيطرة وملكية أبيها وأخيها وزوجها وأبنائها والمجتمع.. وكأنها لا شخصية لها أو رأى أو كرامة.

على استضعاف المرأة، والتعامل معها باعتبارها مكسورة الجناح.. لتبرير الوصاية والسيطرة عليها.

على التعامل معها باعتبارها "مغفلة".. فى تجاهل تام.. لتعاملها بحسن نية، وافتراضها الخير دائماً فى تعاملاتها الإنسانية..

على استغلال أشباه الرجال للمرأة، واستحلالهم لأموال زوجاتهم وأخواتهم.

على تبرير خيانتها وخداعها بسبب طيبتها وحسن خلقها.

على سرقة طفولتها وشبابها وحياتها.. لصالح أفكار ضالة..

أعتقد..

أن حرية المرأة وتمكينها وقوتها.. هو تعبير عن قوة المجتمع وتقدمه ومدنيته..

أن شرف المرأة الحقيقى فى عقلها وسلوكها قبل أى شيء آخر..وكذلك الرجل..

أن الحياة فى كون المرأة مع الرجل، وليست المرأة أو الرجل..

أن المرأة والرجل يكملان بعضهما البعض، وليسوا ضد بعضهما فى كل الأحوال..

أن تربية بناتنا على العزة والكرامة.. هو بناء حقيقى لأسرة سوية ومجتمع قوى..

نقطة ومن أول الصبر..

لكن.. يا لكن..

أنا جزء من الممكن والـ لكن.. 

ولكن يا لكن.. 

هو أيه الممكن..

الممكن والـ لكن.. هو أنا.. 

أنا الممكن والمستحيل والـ لكن..

للصمت عرش.. 

وللحديث مقام..