جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

المخرج السعيد منسى: قدمت «الحب فى زمن الكوليرا» لمواجهة مشاعر «التيك أواى» على السوشيال (حوار)

المخرج السعيد منسى
المخرج السعيد منسى

- كنت شاعر فصحى.. والتحقت بفريق الجامعة المسرحى لألغى «أيام الغياب والرسوب»

- تعلمت الكثير وزادت خبرتى بسبب الثقافة الجماهيرية.. وبدأت من الغنايم بأسيوط

- إذا استقام الإنسان استقامت الحياة.. أؤمن بذلك وأركز على الجوانب الإنسانية

المسرح بالنسبة له حالة من حالات العشق الخاصة، فهو يعد من صائدى اللآلئ، ينتقى بتميز شديد موضوعاته؛ ليشكلها ويرسمها، ويعيد صياغتها لتخرج للجمهور فى صورة لوحه فنية رائعة الصنع تعيد قراءة الواقع بشكل مختلف، وتتعمق فى النفس البشرية لتحاورها وتجادلها، إنه المخرج المتميز السعيد منسى.

أمتعنا «منسى» خلال العديد من التجارب المسرحية برؤى جديدة، وعناصر مسرحية متفردة، بدأ مسيرته من المسرح الجامعى، وبالتحديد من فريق كلية التجارة بجامعة المنصورة، لتتفجر موهبته هناك، ثم انطلق بعد ذلك لتقديم العديد من الأعمال بمسرح الثقافة الجماهيرية، ومنها «الحضيض» لمكسيم خوركى و«اليهودى التائه» ليسرى الجندى و«الصابرون» لجاك أوديبرتى و«الزير سالم» لألفريد فرج و«دائرة الطباشير» لبريخت و«الملك لير» لوليم شكسبير و«حكاية فاسكو» لجورج شحادة و«الكهف» لوليم سارويان و«البؤساء» لفيكتور هوجو و«افعل شيئًا يا مت» لعزيز نيسين و«يوتيرين» دراماتورج سامح عثمان.وحصل العرض الأخير لـ«منسى»، «الحب فى زمن الكوليرا»، من إنتاج مسرح الطليعة، على عدة جوائز من المهرجان القومى للمسرح، منها جائزة أفضل أشعار لحامد السحرتى، وأفضل دراماتورج لمينا بباوى، وأفضل تأليف موسيقى لوليد الشهاوى، وجائزة أفضل مخرج للسعيد منسى، وتوجت بجائزة أفضل عرض مسرحى، وقد أجرينا معه هذا الحوار للتعرف على تجربته ورؤيته للمسرح.

■ ماذا تمثل لك جائزة المهرجان القومى للمسرح فى هذا التوقيت؟

- أى جائزة يحصل عليها الفنان ذات أهمية كبيرة له، وهذه الجائزة أول جائزة أحصل عليها بعرض من إنتاج البيت الفنى للمسرح، وهذا يجعلنى أحمد الله أننى كنت على قدر ثقة من دعمونى، وهم الفنان إسماعيل مختار، رئيس البيت الفنى للمسرح، والمخرج عادل حسان، مدير مسرح الطليعة.

■ بالعودة للبدايات.. لماذا اخترت المسرح ليكون طريقك وما الصعوبات التى واجهتك؟

- كنت فى البداية أنتمى للأدب، فكنت أكتب شعر الفصحى، وحين التحقت بالفرقة الأولى بكلية التجارة بجامعة المنصورة، دخلت نادى أدب الجامعة، ثم التحقت بفريق المسرح.

وحينما كنت فى الفرقة الثانية، التحقت بفريق المسرح صدفة، فقد رسبت فى ثلاث مواد بسبب الغياب، وكان التحاقى بفريق المسرح سيساعدنى فى إلغاء أيام غيابى، ومنذ هذه اللحظة وقعت فى عشق المسرح.

أنا ابن مسرح الجامعة منذ عام ١٩٩٢، ولمدة ست سنوات، وتعلمت المسرح فى الجامعة من مجموعة من كبار المخرجين الأفاضل، ومنهم المخرج سمير العدل والمخرج سلامة حسن والكاتب أسامة نورالدين، وزاملت مجموعة من الممثلين والكتّاب المتميزين، ومنهم الكاتب وليد يوسف والفنان أحمد وفيق والفنان عمرو رمزى ومحمد حسنى.

عقب التخرج، التحقت بمسرح قصور الثقافة لكنى ظللت منتميًا لمسرح الجامعة حتى بعد تخرجى، وكنت أحصل على الجوائز لمسرح الجامعة ومسرح الثقافة الجماهيرية حتى صار اسمى مقترنًا بهما. 

وتمثلت صعوبات البداية فى الموازنة بين الحياة العملية ومتطلبات الحياة وبين موهبتى، وهو طريق صعب، لكن لأحقق استمرارية فى هذا الطريق كان لا بد من أن أقدم تضحيات كثيرة، وأتحمل العديد من الصعوبات، خاصة أننى بدأت مشوارى المسرحى من الهواية، ولم يحالفنى الحظ بالالتحاق بالمعهد العالى للفنون المسرحية.

■ هل اختلف تصورك عن المسرح بمرور الوقت؟

- لا.. لم يختلف، فالمسرح هو المسرح بالنسبة لى، فعندما أعقد لقاءات مع فرق الهواة أطرح عدة تساؤلات عليهم تخص الخشبة وتقنياتها، وذلك لأعرفهم أنهم مهمون، فما يقدم على خشبة المسرح، أيًا كان نوعه، هو مهم بالطبع، فالمتلقى سيدخل المسرح ليسمع ويشاهد شيئًا يحبه، ويتأثر به، والمسرح فى حد ذاته كمسمى لم يختلف بالنسبة لى؛ ولكن بمرور الوقت ونضج التجربة تصبح الاختيارات أكثر صعوبة ومختلفة.

■ قدمت العديد من التجارب بمسرح الثقافة الجماهيرية، كيف بدأت تجربتك هناك؟

- كانت أولى تجاربى بعد نوادى المسرح ومرحلة الاعتماد بفرقة «الغنايم» بأسيوط، وتوالت التجارب فى دكرنس وميت غمر ودمياط والزقازيق وكفرالشيخ وطنطا وأماكن عديدة، وهو ما أضاف لى العديد من الخبرات وتعلمت العديد من الأشياء المهمة وطرق تفكير مختلفة وتعرفت على الكثير من الفنانين من كل الأماكن وهو ما صقل خبرتى.

■ لماذا فى هذا التوقيت وقع اختيارك على رواية «الحب فى زمن الكوليرا» لتقدمها على خشبة المسرح؟

- اختلف جميع المسميات فى عصرنا الحالى، بمعنى أن الأشياء لم تعد حقيقة وقيمة الحب نفسها لم تعد حقيقة، فأصبح الحب فى العصر الحالى مقترنًا بالإنترنت والسوشيال ميديا «ثقافة التيك أواى»، وفيما مضى كان الحب يمر بمراحل مختلفة ورائعة، وليس الحب فقط بين الرجل والمرأة، فهناك أنواع كثيرة للحب، لذلك قدمت هذه التجربة لأننى شعرت بأننا نفتقد معنى الحب السامى، فالمحب لا يؤذى من يحبه. على سبيل المثال، عندما أحب «فلورنتينو» وتركته حبيبته لم يتعرض لها بسوء، وهذا على عكس ما نسمع عنه هذه الأيام من حوادث للقتل كانت بدايتها قصص حب، وجرائم القتل التى ترتكب باسم الحب، فالحب معنى سامٍ، واختلاط العديد من المفاهيم عن الحب، فى الفترة الحالية، هو ما دفعنى لتقديم هذه التجربة.

■ هل كانت مهمة معالجة النص الأصلى أمرًا صعبًا؟

- لا.. أجرى الكاتب مينا بباوى دراماتورج للنص الأصلى، وهو شاب موهوب للغاية ولديه أفكار مهمة وخيال خصب؛ لذلك لم أشعر بأى صعوبة معه، وعقدنا العديد من جلسات العمل لفترة حتى نصل إلى أفضل نسخة، ووصل «مينا» للفكرة التى سنناقش بها الرواية بشكل سريع ومتميز وجديد، وهى فكرة «السبع رسائل عن الحب»، ثم بعد ذلك بدأنا العمل فى صلب الدراما، من خلال تكثيف بعض الشخصيات، وإبراز بعض جوانب بشخصيات أخرى، والجوانب النفسية لبعض الشخصيات، وأشياء أخرى، ومن الصعب تقديم جميع أبعاد الرواية على خشبة المسرح، ولكنى اخترت خطًا معينًا لإظهاره فى العرض، وهو الخط الرئيسى بالرواية، وحاولنا تقديم معالجة للرواية نناقش عبرها وجهات نظر مختلفة فى الحب من خلال سبع رسائل للحب لسبع شخصيات.

■ مناقشتك الجوانب الإنسانية وعمق النفس البشرية برزت فى أكثر من عرض مسرحى.. فما سبب اختيارك هذا الاتجاه؟

- إذا استقام الإنسان استقامت الحياة، فمن الضرورى الاشتغال على العنصر الفعال فى الحياة والعنصر الذى يغيّر فى الحياة، فإذا كان الإنسان غير مستقيم ولديه انحرافات وليس لديه رقى وغير سوى، ستختل الحياة بأكملها، وإذا استقام الإنسان استقامت الحياة.

■ كيف تختار الممثلين فى مسرحياتك؟

- هناك اختيارات تأتى بالصدفة، وهو توفيق من الله، وفى هذا العرض بالتحديد هناك ثلاثة أو أربعة عناصر جاء اختيارها بالصدفة دون تخطيط، وعندما قرأوا النص كانوا مناسبين لتجسيد الشخصيات، إضافة إلى أنهم مجتهدون بشكل كبير، وهو ما يدل على وجود مواهب كثيرة ومتعددة، وقد وفقنى الله باختيار فريق العمل وأضافوا للشخصيات أبعادًا جديدة، وقدموها بشكل جيد.

■ بعد اتجاهك للاحتراف.. هل ستظل تقدم تجارب لمسرح الثقافة الجماهيرية؟

- أحب المسرح فى أى مكان، وإذا كانت لدىّ فكرة ملحة سأقدمها، فالمسرح واحد فى كل الأماكن والعامل المشترك فى كل التجارب هو الجمهور فهو الأساس، ولكن الأهم توفير الظروف والمناخ المناسب الذى يمكننى من تقديم تجاربى بشكل متميز.

■ هل يركز السعيد منسى على الجمهور فى أثناء إعداد تجاربه المسرحية؟

- نعم، بالطبع، فنحن نقدم مسرحًا للجمهور، والمشكلة الرئيسية التى نواجهها هى أننا فى بعض الأحيان ننسى أن المسرح يقدم للجمهور، فالجمهور له الحق الأول علينا. 

■ ما المشروع الذى تحلم بتقديمه؟

- أقرأ بشكل منتظم حتى أجد فكرة تجذبنى، وأسعى لتقديم تجارب مختلفة أبرز من خلالها كل ما لدىّ من رؤى، والفن بالنسبة لى مغامرة، ودائمًا أقدم تجارب بها روح المغامرة، ومن الضرورى أن أكون مهمومًا بها، وتتفق مع مبادئى ومعتقداتى.