جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

قرنية من جلد الخنازير.. قصة علاج يعيد البصر للمكفوفين

نقل القرنية
نقل القرنية

ربما ستصبح نتائج دراسة جديدة ظهرت مؤخرًا هي طاقة النور الجديدة التي ينتظرها جميع المكفوفين، ومن فقد نعمة البصر، تلك الدراسة التي نجح فيها فريق بحثي باستخدام قرنية مصنوعة من جلد الخنازير في إعادة البصر مرة أخرى للمكفوفين، فيما يمثل بشرى هائلة لهم إذا توسع استخدامها وثبت أمانها.

بعد عامين لم تثبت أي مضاعفات على المتطوعين

الدراسة أنتجتها جامعة لينشوبينغ السويدية، وفيها استطاع فريق البحث استخراج قرنية اصطناعية من كولاجين الخنزير ثم زرعها في عيون 20 شخصاً منهم 14 شخصاً أصيبوا بالعمى تماماً، و6 أشخاص مصابين بضعف شديد في البصر، وكانت النتيجة أنه قد تحسّن نظرهم جميعًا، بل استعاد 3 منهم الرؤية بدرجة 20/20 بعدما كانوا مصابين بالعمى.

وعن نتائج الدراسة قال مهرداد رأفت، المشرف على فريق الدراسة العلمية، إن الفريق حصل على نتائج فاقت المتوقعة نتيجة أن الكولاجين يعد بروتينًا منظمًا يفتقر إلى الخلايا الفردية، كذلك يرجع إلى أن المتطوعين تلقوا علاجًا استمر لمدة 8 أسابيع باستخدام قطرات العين لتثبيط المناعة قبل تركيب القرنيات فكان هذا كافياً لمنع رفض الجسم القرنية الجديدة.

وفي الوقت نفسه أكد مهرداد أنه لا تزال قرنية "الخنزير" الجديدة بحاجة إلى مزيد من التجارب السريرية قبل أن تصبح متاحة على نطاق واسع، كما أن تكلفتها لا تزال غير محددة، على الرغم من أنها أقل من تلقي قرنية متبرع، وهي جراحة تكلف عشرات آلاف الدولارات في الولايات المتحدة.

كذلك أكد فريق الدراسة أنه بعد عامين من إجراء جراحات زرع القرنية المصنوعة من كولاجين الخنازير لم يبلغ أي من متلقي التبرع عن مضاعفات أو آثار جانبية خطيرة.

 

استشاري جراحة العيون: تشابه كبير بين قرنية الخنزير و قرنية الإنسان 

وفي مصر أكد الدكتور إيهاب سعد استشاري جراحة العيون بجامعة القاهرة، أن نقل القرنية بشكل عام أمر ليس جديد على الإطلاق، موضحًا أنه منذ مئات السنوات أجريت بعض الأبحاث على نقل قرنية القرود إلى الإنسان، وهو الأمر الذي نجح قليلًا في البداية ثم ثبت فشله.

وتابع أنه أخلفه ظهور نقل القرنية من إنسان لآخر، موضحًا أنه ما زال إلى الآن هناك ضعف في إجراء هذا النوع من نقل القرنية نتيجة ضعف التزويد، وذلك في الوقت الذي يحتاج فيه ما بين 100، إلى 150 ألف مريض لنقل قرنية.

وأشار “إيهاب” إلى أن ذلك ما جعل إجراء الأبحاث في هذا الأمر شيء مرحبًا به للغاية، موضحًا أن دولة الصين تأتي على رأس الدول التي تجري أبحاث نقل القرنية.

وتابع أن قرنية "الخنزير" تشبه كثيرًا قرنية الإنسان من حيث كونها مرنة وشفافة، ولكنها تفرق في بعض الأمور الطفيفة مثل السُمك، وهو الأمر الذي يمكن التغلب عليه بالجراحة.

وأضاف استشاري جراحة العيون أن نقل قرنية الخنزير الذي يُقصد به في هذه الدراسة يعني نقل جزء من قرنيته، وليس القرنية بالكامل، وذلك لأن نقل القرنية بالكامل يعرضها إلى رفض الجسم وهذا نتيجة رفض الجهاز المناعي به.

وتابع أن تجربة نقل جزء من قرنية عين "الخنزير" إلى عين الإنسان أمرًا ما زال إلى الآن يحتاج المزيد من التجارب، خاصة أنه يحتاج إلى الكثير من الشروط، ولا يناسب جميع الحالات، موضحًا أن عدم ظهور أعراض جانبية على المتطوعين لمدة عامين كما أوضح مشرف الفريق البحثي القائم بالدراسة لا يعني أن الأمر قد نجح، ولكنه يحتاج ذلك إلى المزيد من التجارب لاعتماده والعمل به.

  

39 مليونًا يعانون العمى حول العالم

وتقدر منظمة الصحة العالمية حاليًا أن مرضى العمى المنتشر عالميًا هم 39 مليونًا و285 مليونًا يعانون من ضعف البصر، في حين أن السبب الرئيسي للعمى هو إعتام عدسة العين (الماء الأبيض)، ثم الجلوكوما، الضمور البقعي المرتبط بالعمر، وعتامة القرنية، كما  تذكر منظمة الصحة العالمية أن 1.6 مليون شخص مكفوف بسبب أمراض القرنية.

كما يعاني أكثر من 12 مليون شخص حول العالم من عمى القرنية، والذي يحدث عندما تصبح الطبقة الخارجية الواقية للعيون غائمة أو مشوهة بسبب التلف أو المرض، لكن واحداً فقط من بين كل 70 مصاباً يتلقى عملية زرع من متبرع بعد وفاته.