جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

خليك فريش إحنا في رحلة

مندهش جداإنه لسه نوع الدراسة النظامية شاغل الناس لـ الدرجة دي، إيجابا أو سلبا. 
ممكن أفهم ليه دا كان حاصل من خمسين ستين سنة، لما كانت مسارات الحياة عموما أكثر تحديدا، الحياة ما كانتش أسهل ولا أجمل، بس المسارات كانت أوضح. المهن والمجالات كان ليها معالم، دا دكتور يعني كذا وكذا وكذا (غالبا)دا مهندس/ دا محامي/ دا مدرس/ دا ميكانيكي إلخ إلخ إلخ. بـ التالي، 
كان منطقي ربط دا بـ نوع دراسة معين، في مؤسسات تعليمية بـ عينها. من هنا، كان التنافس من أجل الحصول على مقعد في كلية ما، أمر مفهوم نسبيا، إنما دلوقتي، تعالى نتكلم:
أي مجال في الدنيا بقى فيه خمسمية مسار، لـ درجة إنه ناس كتيرمش بـ تعرف تشرح هي بـ تشتغل إيه بـ الظبط، فـ تحط العنوان العريض وخلاص، فضلا عن إنه أي مجال بقى ممكن تدخله من طرق متعددة، وأنواع دراسة ومؤسسات تعليمية متباينة، وحتى المهنة الواحدة، التفاوت بين أبناءها بقى رهيب:
لاعب كرة قدم، ممكن تبقى محمد صلاح، دخلك مش كتير يعرفوا ينطقوه من كتره. وممكن تبقى لاعب في الدرجة التانية، عقدك ستين ألف جنيه في السنة، نصهم بـ يتخصم علشان ما شاركتش.
مطرب، ممكن تيجي لك حفلة تاخد قصادها عربية دهب، وممكن تبقى بـ تروح أفراحدخلها ما يكفيش عشوة عند علي كبدة.
طبيب، ممكن يبقى دخلك نص مليون جنيه في الشهر(وأكتر)وممكن تكفي أمور حياتك بـ العافية(أو ما تكفيش)حسب تخصصك وبـ تشتغل فين ودورك إيه؟
ثم إنه حجم الدخل ذاته، مش هو العامل الوحيد في تحديد وضعك الاقتصادي، في ظل الاتساع البالغ في طرق الإنفاق، الموضوع محتاج منك إدارة مالية جيدة ومنضبطة، يعني مش بس بـ تقبض كام، إنما التزاماتك إيه؟
ياما ناس دخلها عالي جدا، لكن مورطة نفسها في عشرميت حاجة(أو هي متورطة غصب عنها)فـ على طول مديونة وحالتها بـ البلا.
وبعديييين، العامل الاقتصادي (تحقيق دخل جيد وإدارته بـ شكل متوازن)كله على بعضه جانب من جوانب الحياة، مش بـ منطق ليست السعادة في المال، إنما فعلا الجانب الاجتماعي والنفسي فارق جدا، وكل ما نتقدم في الزمن يفرق أكتر، لـ إنه فيما مضىكانت المصاهرات بين عائلات تعرف بعض(وغالبا قرايب).
العائلة الكبيرة كانت ضامنة إلى حد ما، وقت حدوث نزاعات، إنها تستخدم سلطتها، وتخفف حدة المنازعات وطرق فضها، مش بـ صورة نموذجية صحيح، لكن كانت بـ تمشي.
دلوقتي كل واحد على حجر أبوه، فـ تأسيس البيئة الاجتماعية اللي هـ تعيش فيهامن زوج/ زوجة وأبناء وخلافه، لم يعد أمرا هينا، ومحتاج حنكة وحكمة وإدارة.
فـ يعني، يا إخواني، التحديات بقت كتير ومتنوعة ومتشعبة، محتاجة أسلحة كتير ومتنوعة ومتشعبة، فـ أي سلاح لـ وحده كداما بقاش يفرق كتير (أو يفرق أصلا)المهم هـ تدير معركتك الخاصة إزاي.
وفي المعركة، الإنسان هـ يتمرمط يعني يتمرمط، سواء انتصر في الحتة دي، أو انهزم في الحتة دوكهه: فـ خليك فريش، إحنا في رحلة!