«الظواهرى لا يموت إلا قصفًا».. ما وراء عملية اصطياد «الهدف رقم 1 فى العالم»
بينما يبحث البعض الآن حول العالم عن ماهية الشخص المُحتمل لخلافة «أخطر رجل في العالم» بعد الإعلان رسميًا عن مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري (19يوليو 1951 -31 يوليو 2022) المعروف بـ«الهدف رقم 1 في العالم» في عملية اغتيال نفذتها المخابرات الأمريكية في العاصمة الأفغانية كابول.
يتساءل البعض عن الدافع الذي حرّك الظواهري في طمأنينة وهو الذي عاش حياته متخفيًّا في الكهوف ومطلوبًا مقابل 25 مليون دولار لمن يدلي بمعلومة عن مكانه، نحو منزل آمن في كابول، بل وفي «الحي الدبلوماسي» الشهير «شربور»، خاصة أن مثل تلك القيادات الإرهابية الكبيرة لا تأمن أحدًا على تحركاتها، وكذلك معروف عنها أنها لا تقطن المدن الشهيرة وتفضل أكثر من غطاء تمويهي لمسكنها وتحركها لا سيما في المناطق الحدودية والريفية.
التقارير الواردة تفيد بأن ثمّة شخوصًا في حركة طالبان أو شركائها في شبكة «حقاني» على الأقل على اطلاع بما جرى قبل العملية وبعدها، وهنا يمكننا القول إننا سنشهد انقسامات داخل «طالبان» نفسها كون أطراف كانت ترفض وجود «القاعدة» في أفغانستان، فيما يرى فريق آخر احتواءهم والاستعانة بهم في مواجهة الدواعش ممن يمثلون الخطر لهم.
بالطبع العملية التي نُفِّذت بدقة وتخطيط مسبق لاغتيال «الظواهري» سيقف أمامها كثيرون ليس لقوة تأثيرها، بل لأنها برأيي لم تحدث تأثيرًا كبيرًا، ولكن لرمزية «الظواهري» نفسه في التنظيم كقائد تاريخي حمل لواء «القاعدة» بعد مقتل أسامة بن لادن (10 مارس 1957- 2 مايو 2011) قبل نحو 11 عامًا، خاصة أن التنظيم اتبع قيادة لا مركزية في إدارة مجاميعه، فالتنظيم تتبعه 3 جماعات هي «حراس الدين» في إدلب السورية و«شباب المجاهدين» في الصومال، و«نصرة الإسلام» الفاعلة في نطاق الساحل والصحراء.
إلى ذلك فإن «الظواهري»- إن كان هو مَن تمّ قتله فعلًا بحسب إعلان الولايات المتحدة لاسيما مع تشكيك البعض في الأمر وأن قياديًا آخر في القاعدة هو مَن قُتل خاصة مع عدم وجود قوات أمريكية على الأرض هناك ليحصلوا على الجثمان كما فعلوا مع «بن لادن»- فهو الآن سبعيني عجوز ومريض بسرطان الكبد، حاول التنظيم إنقاذه أكثر من مرة لإجراء عملية زراعة كبد له لكنهم فشلوا لصعوبة العملية والأمن المتربص لهم على كل الحدود والمناطق في نطاق تحركاتهم، كما أن العامين الماضيين كارثيان لأقصى درجة على التنظيم بعد اغتيال قادة كبار في التنظيم ممن كانوا يختفون داخل إيران.
لم يكن مقتل «الظواهري» بزخم مقتل «بن لادن»، لكن ثمّة مقولة منسوبة للكاتب اللبناني غسان شربل وهي أنه «لكل رئيس جثة ذات دوي. غادر بوش الابن مكتبه حاملًا جثة صدام. وغادر أوباما حاملًا جثة بن لادن. وغادر ترمب حاملًا جثتي سليماني والبغدادي. وها هو بايدن يضمن جثة «الظواهري»، وهو ما يخدم الإدارة الأمريكية راهنًا.
بعض التحليلات تشير إلى أن إضعاف «القاعدة» وتصفية قادتها تؤول إلى مصلحة جبهة «تحرير الشام» بقيادة محمد الجولاني فى سوريا التي تسعى عبر عدة خطوات لتطوير خطابها إلى أن تتحول من حركة إرهابية، إلى مكوِّن سياسي، عبر إرسال إشارات إلى واشنطن لمغازلتها من أجل رفعها من قائمة الإرهاب، لاسيما أن التحوّل في الجماعة ظَهَر في تحوّل تحركات الجولاني من السرية إلى العلنية والتعامل المباشر مع الأهالي، ثم مع العرب والأجانب في إشارة إلى ظهور الجولاني في مقابلات مع صحفيين أجانب ورغبته الواضحة في الحصول على اعتراف دولي.
تبدو الإشارة إلى الخليفة المنتظر لقيادة «القاعدة» خلفًا للظواهري معقّدة وليست سهلة رغم انحصار الأسماء بين عدد قليل للغاية من القيادات الثقيلة، لا سيما مع اللغط الدائر في تشابه الأسماء بين عدد من القيادات خاصة بين أشهر اسمين في التنظيم وأخطرهم «سيف العدل» واسمه الحقيقي محمد صلاح الدين وهو ضابط سابق في القوات الخاصة المصرية، والمسئول عن اللجنة الأمنية ومهندس المتفجرات بالتنظيم، الذي كان مقربًا من «بن لادن» والنظام الإيراني، أما الثاني فهو المصري أيضًا محمد صالح زيدان الذي تولى مسئولية التنظيم لفترة قصيرة في أعقاب مقتل «بن لادن» قبل اختيار «الظواهري».
أما المنافس الثالث والأكثر شراسة فهو محمد أباتي المعروف بـ«عبدالرحمن المغربي» ويلقّب بـ«ثعلب القاعدة»، وهو من أكثر قادة التنظيم غموضًا خاصة مع الشائعات التي زعمت مقتله أكثر من مرة.