جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

رسائل النصب باسم ذبح الأضاحي

النصب باسم الخير.. متضررون خدعوا باسم الفضيلة في عيد الأضحى

أضاحي العيد
أضاحي العيد

«اتبرع بصك الأضحية ولو بعشرة جنيهات».. «بنلم تبرعات علشان ذبح الأضاحي».. «شارك معانا وليك الأجر والثواب»، عبارات فوجئ بها العديد من المواطنين، جاءت في صورة رسائل عبر هواتفهم، وفي صورة منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي «الفيس بوك»، استلموها قرابة حلول عيد الأضحى.

إدعى مرسليها انتماؤهم لجمعيات خيرية، في دعوة إلى التبرع السريعة؛ للحاق بالحصول على ثواب ذبح الأضحية؛ ليُكتشف في النهاية، وبعد انتهاء عيد الأضحى، أن ما هي إلا محاولات نصب باسم فعل الخير، من مجموعات تدعي زيفًا انتمائها لجمعيات خيرية.

وربما دفع انشغال بعض المواطنين راغبي المُشاركة في ذبح الأضاحي، قبل حلوله عن القيام بأعمال الذبح بأنفسهم، وكذا ضعف البعض أمام المُشاركة في أيًا من أعمال الخير، إلى الاستجابة؛ لأصحاب تلك الرسائل المدّعية، والموافقة على دفع أموال؛ لتوكيلهم الإنابة عنهم في الذبح، وبالتالي الإفصاح لهم عن أرقام بطاقاتهم الإئتمانية «الفيزا»، أو تحويل لهم الأموال نظير ذلك، وفي النهاية يكتشفوا أنهم قد وقعوا في فخ من النصب والاحتيال باسم فعل الخير وأصبحوا ضحايا هذا الفخ.

 

أحمد: لم أكن أتصور أن الاحتيال يصل إلى الأضحية

أحمد سمير، موظف بشركة تأمين، كان أحد أولئك الضحايا، والذي قال في حديثه لـ«الدستور»: «تلقيت اتصالًا هاتفيًا من سيدة ادعت أنها إحدى ممثلات خدمة العملاء الخاصة بواحدة من المؤسسات الخيرية، فقالت: «مع حضرتك هبة إحدى ممثلاث خدمة العملاء بشركات «…..»، التي تختص برعاية المحتاجين في الأماكن النائية والغير معروفة».

وأضاف: «أسلوبها في الحديث يشعر المتلقي، وكأنها تنتمي لواحدة من الشركات الكبيرة وذات الثقة»، مُضيفًا أنها في بداية الحديث أخذت تشرح كم المعاناة والفقر اللاتي يشهداها أهالي بعض المناطق في مصر، وبعدها طالبته بالتبرع ولو بمبلغ بسيط ليكون بذلك قد ساهم في فرحة هؤلاء المواطنين البسطاء، بتوفير لحمة العيد لهم، وبالتالي سيكون له من الله عظيم الأجر.

«اقتنعت بالنهاية فعلًا».. قالها «سمير» موضحًا أن المتصلة طالبته بمواصفات الأضحية التي يحب أن يشارك في ذبحها، وأخبرته بقائمة مزيفة من الأسعار والمواصفات، ليختار في النهاية التضحية بخروف قيمته 9000 جنيه.

ووفقًا لرواية أحمد قالت ممثلة خدمة العملاء المزيفة: «خروف حالته ممتازة يتم توزيعه بمعرفة المؤسسة على الفقراء والمحتاجين ونصيبك منه 9 كليو جرام»، والمطلوب كدة من حضرتك إرسال مبلغ 9000 جنيه على حساب بنكي، و500 جنيه أجرة ذبح المؤسسة للأضحية نيابة عنك» مؤكدة -حسب أحمد- أنه فور عملية الذبح سيُرسل له ما يفيد ذلك من قبل المؤسسة، كما سيرسل له إيصالًا بالمبلغ المدفوع.

تابع «سمير» أنه بالفعل قام بتحويل المبلغ المطلوب منه على رقم الحساب المذكور من المتصلة واحتسبه عند الله مبلغ الأضحية يأكل منها المحتاج والفقير، إلا أنه وبعد مرور 3 أيام اتصل بالشركة؛ ليتأكد مما وصلت إليه الأمور وهل تم الذبح أم لا؛ ليفاجئ برد أحد الأفراد قائلًا له: إن الرقم الخاطئ، ولا يخص جمعية أو مؤسسة خيرية بل أنه رقم منزل؛ ليتأكد أحمد حينها أنه قد تعرض لعملية محكمة من النصب باسم الأضاحي، قائلًا: «استعوضت ربنا في فلوسي واتعلمت».

وباختراق «الدستور» لبعض من «جروبات» موقع التوصل الاجتماعي «الفيسبوك» تبين وجود صفحات خاصة لطلب التبرع من المواطنين بهدف ذبح الأضاحي، وحثهم على التبرع باستخدام بعض الأحاديث الشريفة، وأيات من الذكر الحكيم، كما تبين أن هناك من يجمع تبرعات مدعي انتماؤه لبعض الجمعيات الخيرية، وهناك أخرون روجوا؛ لطلب التبرع بصفة فردية دون الإفصاح عن الانضمام لأي مؤسسة.

وبخصوص هذا الأمر يُذكر أنه قد نصت المادة رقم 76 من القانون أنه يعاقب بالحبس بمدة لا تزيد عن ستة أشهر، وغرامة لا تزيد عن ألفي جنيه مصري، أو بإحدى العقوبتين كل من جمع تبرعات دون موافقة من الجهة الإدارية بصفته رئيساً أو عضواً في جمعية أو مؤسسة أهلية سواء كانت الصفة صحيحة أو مزعومة.

 

مساعد محافظ الإسكندرية السابق: الخطأ من المواطن المستجيب

اللواء محمد عبد الوهاب سكرتير مساعد محافظ الأسكندرية السابق، أوضح في حديثه لـ«الدستور» أرجع الخطأ هنا على المواطن الذي يستجيب لمثل هذه الرسائل الكاذبة، مؤكدًا أنه على المواطن تحرى جيدًا الموضع الذي ينفق فيه ماله، وذلك ليس لصالحه فقط بل لصالح المجتمع كافة من خلال عدم المساعدة في نشر مثل هذه النماذج من المزيفون المدعون.

وأشار إلى أنه من السهل على كل مواطن لا يستطيع النزول بنفسه لاختيار أضحيته، ومتابعة عملية ذبحها وتوزيعها أن يوكل إحدى الجمعيات الكبيرة للقيام بذلك، وهذا عن طريق حسابات هذه الجمعيات البنكية التي تكون معروفة لكل بنك، و بعد التبرع يحصل المواطن على إيصال من البنك يفيد تبرعه وتفاصيل هذا التبرع.

وأضاف أن وزارة الأوقاف المصرية أتاحت صكوك الأضحية، ويمكن مشاركة أي مواطن في مشروعها لصكوك الأضاحي، من خلال الاتصال أو أرسل رسالة «طلب صك» عبر «الواتس آب» على أي من الأرقام التالية: «01144463951- 01202527258– 01120857330»، متضمنة: «الاسم- العنوان- التليفون- عدد الصكوك».

 أو من خلال إحدى جهات بيع صكوك أضاحي الأوقاف التالية: «جميع مديريات الأوقاف- البنك المركزي المصري- بنك مصر- البنك الأهلي المصري- البنك الزراعي المصري- البريد المصري– فوري»، مؤكدًا أن هذه الوسائل توفر على المواطن جهد ذبح الأضحية، وما يليها من خطوات حتى الوصول لمرحلة التوزيع، وفي الوقت نفسه توفر للمواطن عنصر الثقة في وصول أضحيته إلى مستحقيها.

 

قانوني: جريمتين وليس جريمة واحدة

وجرائم النصب باسم شراء الأضاحي من خلال منشورات التواصل الاجتماعي، أو رسائل الهاتف المحمول تمثل جريمتين وليس جريمة واحدة، وذلك حسب سمير حسين الاستشاري القانوني، الذي أوضح أن الجريمة الأولى تتمثل في كونها  إحدى جرائم المعلومات.

وقال: «إذ نصت المادة 23 من قانون جرائم المعلومات بشأن جرائم الاحتيال والاعتداء على بطاقات البنوك والخدمات وأدوات الدفع الإلكتروني: بأنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر والغرامة التى لا تقل عن 30 ألف جنيه ولا تجاوز 50 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، فى الوصول بدون وجه حق إلى أرقام أو بيانات أو بطاقات البنوك والخدمات أو غيرها من أدوات الدفع الالكترونية».

وأضاف: «فإن قصد من ذلك استخدامها فى الحصول على أموال الغير أو ما تتيحه من خدمات، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة، والغرامة التى لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف، أو إحدى هاتين العقوبتين، إذا توصل من ذلك إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره على تلك الخدمات أو مال الغير».

وأكد أن الجريمة الثانية لمرتكبي هذه الوقائع تتمثل في بيع صكوك أضحية دون ترخيص من الجهة المختصة وهو ما يمثل جريمة نصب والتي فيها نصت المادة 336 على أنه: «يعاقب بالحبس كل من توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات دين أو سندات مخالصة أو أي متاع منقول، وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها، إما باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمي أو تسديد المبلغ الذي أخذ بطريق الاحتيال، أو إيهامهم بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزور، وإما بالتصرف في مال ثابت أو منقول ليس ملكاً له ولا له حق التصرف فيه وإما باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة، أما من شرع في النصب ولم يتممه فيعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة ويجوز جعل الجاني في حالة العود تحت ملاحظة البوليس مدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر».

 

مساعد وزير الداخلية الأسبق: «الحل وعي المواطن»

 وعن الحلول الأمنية أوضح اللواء أمجد الشافعى، مساعد وزير الداخلية الأسبق في تصريح له، أن الحلول لمثل هذه الجرائم هو «وعي المواطن»، مشيًرا إلى أن هناك بعض العصابات الدولية المنظمة التي تنشط في هذه المواسم لارتكاب جرائمها.

وتابع أن الأكثر خطورة هو ما يتعلق بجرائم «بطاقات الائتمان»، موضحًا أنه وأثناء عمله مساعد الأموال العامة أنشأ إدارة خصيصًا لمكافحة هذا النشاط، شيرصا إلى أن مثل هذه الجرائم هو ما يُجهد أجهزة البحث فى تتبعها وبالذات العابرة للقارات منها.

وأضاف أن تزامن عيد الأضحى أو غيره من المناسبات الدينية وسط تفشي أزمة كورونا المستجد في العالم، والتوجه نحو تقليل التواصل المباشر مع الآخرين، تسبب في كثرة وقوع مثل هذه الجرائم.