جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

خطوة للأمام.. خبراء يتحدثون لـ«الدستور» عن زيارة بايدن إلى الشرق الأوسط

بايدن
بايدن

أجمع خبراء فى السياسة الخارجية على أهمية جولة الرئيس الأمريكى، جو بايدن، فى منطقة الشرق الأوسط، التى ستبدأ ١٣ يوليو الجارى، وتتضمن زيارة إسرائيل وفلسطين والمملكة العربية السعودية، فى ظل توقيتها الحرج جدًا، وإمكانية مساهمتها فى حل العديد من المشاكل المتصلة والمتشابكة فى المنطقة.

وأوضح الخبراء، الذين تتحدث معهم «الدستور»، أن ملفات الطاقة، ومواجهة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على دول العالم أجمع، وسبل حل القضية الفلسطينية، ودعم الحل السياسى فى اليمن ومواجهة الخطر الإيرانى، ستتصدر مباحثات الرئيس الأمريكى مع القادة الفاعلين فى المنطقة.

تبدأ جولة «بايدن» بزيارة إسرائيل وفلسطين يومى ١٣ و١٤ يوليو الجارى، ثم يجرى زيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية يومى ١٥ و١٦ من ذات الشهر، يلتقى خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولى العهد نائب رئيس مجلس الوزراء.

ويتضمن جدول الزيارة فى يومها الثانى حضور الرئيس الأمريكى قمة مشتركة دعا إليها خادم الحرمين الشريفين، بحضور قادة دول مجلس التعاون الخليجى، والرئيس عبدالفتاح السيسى، وملك الأردن، ورئيس وزراء العراق.

إبراهيم الشويمى: ملف الطاقة حاضر بقوة.. والقضية الفلسطينية تتصدر النقاشات 

شدد السفير إبراهيم الشويمى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، على أهمية جولة الرئيس الأمريكى فى الشرق الأوسط، فى ضوء تزامنها مع العديد من المشاكل المتصلة والمتشابكة التى تعانى منها المنطقة، معتبرًا أنها تأتى فى توقيت حرج جدًا.

وأوضح «الشويمى» أن القضية الفلسطينية ستتصدر ملفات الجولة المرتقبة، عبر زيارة الرئيس الأمريكى إسرائيل ورام الله، ولقائه مسئولى الجانبين، معتبرًا أن اللقاء المباشر بين «بايدن» وقادة الطرفين يضع النقاط فوق الحروف للعديد من المشاكل فى هذا الملف.

ورجح إمكانية أن تطرح الإدارة الأمريكية مبادرة جديدة بشأن الملف اليمنى، فى ظل التهدئة الحالية وإشادة واشنطن بدور المملكة العربية السعودية فى تحقيقها، وسير البلاد إلى حالة من الاستقرار بعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسى مؤخرًا، ما سيؤدى إلى وقف الحرب المستمرة هناك منذ سنوات.

وأضاف: «تسعى المملكة العربية السعودية والتحالف العربى للتوصل إلى حل نهائى بشأن اليمن، خاصة فى ظل استمرار الدعم الإيرانى لجماعة الحوثى، لذا من المتوقع أن يكون لقاء بايدن مع العاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز حاسمًا بشأن هذا الملف».

واعتبر مساعد وزير الخارجية الأسبق أن اختيار الرئيس الأمريكى لقاء قادة مجلس التعاون الخليجى، إلى جانب مصر والعراق والأردن، هو أمر موفق للغاية، فى ظل أن جميعها دول محورية فى المنطقة.

وشرح: «مصر تتمتع بثقل سياسى واقتصادى واجتماعى وثقافى، والأردن لها اتصالات جيدة مع الولايات المتحدة وبريطانيا، وتمتلك رؤية ثاقبة بالنسبة للقضية الفلسطينية، وتشارك الفلسطينيين همومهم فى مواجهة إسرائيل، بينما لا يزال العراق واقعًا تحت تأثير إيران وتتعرض منها إلى ضغوط قوية، لذا فإن حضورها مهم للغاية».

وتوقع أن يكون ملف الطاقة حاضرًا بقوة فى جولة «بايدن»، فى ظل أن السعودية من أكبر منتجى النفط فى العالم، ويمكنها زيادة الإنتاج بما يتبعه من خفض فى أسعار الخام، وبالتالى دعم الصناعة والإنتاج فى الغرب وخفض أسعار السلع كافة، على ضوء معاناة العالم من أزمة طاقة حاليًا نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، متابعًا: «الوصول إلى نقطة توافق بين السعودية والولايات المتحدة فى هذا الملف يخدم العالم بأسره». 

كما توقع أن يثير الرئيس عبدالفتاح السيسى ملف سد النهضة خلال الاجتماعات مع «بايدن»، على ضوء سعى مصر لحشد الدعم والتأييد الدولى لموقفها من هذه القضية على جميع المستويات، والحصول على مساندة لموقفها القانونى السليم، خاصة أن الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة دونالد ترامب كان لها موقف مهم تجاه السد الإثيوبى، لكن هذا الموقف تغير إلى حد ما، ونأمل فى إقناع واشنطن بأن تعود إلى ما كانت عليه خلال هذه المباحثات.

بشير عبدالفتاح: بحث تشكيل تحالف إقليمى بعد فشل المفاوضات النووية

قال الدكتور بشير عبدالفتاح، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن زيارة «بايدن» إلى بعض دول الشرق الأوسط تأتى فى توقيت مهم للغاية، لأن هناك الكثير من الأزمات العالقة، جديرة بالمناقشة، منها تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية واستمرار الصراع العربى الإسرائيلى وتأزم الوضع فى اليمن والعراق وسوريا وليبيا.

وأضاف «عبدالفتاح» أن الزيارة تأتى فى وقت حرج، فى ظل وجود خلافات بين الجزائر والاتحاد الأوروبى، ولأن تركيا تنفذ عمليات عسكرية جديدة فى سوريا والعراق، بخلاف أزمة الطاقة العالمية، ورغبة واشنطن فى أن تزيد منظمة «أوبك» إنتاج النفط لمنع استمرار ارتفاع أسعار المحروقات، إضافة إلى الوضع الملتهب فى فلسطين، لذا فإن الزيارة تأتى فى توقيت بالغ الحساسية، سواء فيما يتعلق بعلاقة الدول العربية مع الولايات المتحدة أو على صعيد الأزمات التى تمر بها المنطقة. 

وأوضح أن «بايدن» اختار الذهاب لإسرائيل والأراضى الفلسطينية، لأن العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة خاصة جدًا، ويحرص كل رئيس أمريكى على تطوير العلاقات بين الجانبين، خاصة أن «بايدن» يفكر فى الترشح لولاية رئاسية ثانية، لذا يحتاج إلى دعم اللوبى الصهيونى داخل الولايات المتحدة. 

وأشار إلى أن واشنطن تدعم إسرائيل رغم انشغالها بمواجهة الصين وروسيا، وسبق أن وعد «بايدن» بإصلاح العلاقات بين واشنطن وفلسطين، وأن يبعث برسالة لإعادة التوازن فى العلاقات معها، وأنه يدعم الحل السلمى للقضية الفلسطينية، لذا تعكس الزيارة الاهتمام الأمريكى بإسرائيل والحرص على الإبقاء على خيوط التواصل مع الجانب الفلسطينى. 

وشدد على أن زيارة «بايدن» إلى السعودية تهدف- أيضًا- للقاء أكبر عدد ممكن من قادة دول المنطقة، لأنه من الصعب عليه أن يزور ٦ أو ٧ بلدان فى هذا التوقيت، لذا يأتى الاجتماع الأمريكى الخليجى بمشاركة مصر والأردن والعراق من أجل إيجاد فرصة للقاء «بايدن» أهم قادة دول المنطقة، ولقاء أكبر عدد من المسئولين، ومناقشة أكبر كم من القضايا، سواء قضايا النفط أو الصراع العربى الإسرائيلى، وكل ما يتصل بأزمات المنطقة وسبل التعاون بشأنها وبحث العلاقات الأمريكية مع هذه الدول.

وبشأن الملف النووى الإيرانى، قال إن إسرائيل اقترحت تشكيل تحالف إقليمى عربى برعاية أمريكية لمواجهة إيران، قبل زيارة «بايدن»، لذا فإن تشكيل تحالف إقليمى لمواجهة إيران أمر وارد، خصوصًا أن هناك تصعيدًا إسرائيليًا ضد إيران عبر حروب الظل، واغتيال عدد من المسئولين الإيرانيين، وشن حرب ضد برامجها النووية والصاروخية. 

وتابع: «بعد تعثر المفاوضات النووية مع إيران، بدأت واشنطن فى اتباع نهج جديد، وهو التصعيد ضد طهران، وتحميلها مسئولية فشل المفاوضات، لذا ليس من المستبعد أن تكون هناك ضمانات أمريكية لدول الخليج فى مواجهة إيران، أو مباركة الولايات المتحدة لما يشبه التحالف الإقليمى لمواجهة طهران».

عبدالقادر النايل: تناقش وضع خارطة طريق للمشكلات

أكد الدكتور عبدالقادر النايل، المحلل السياسى الأردنى، أن قمة «بايدن» مع الدول الخليجية، بمشاركة الأردن والعراق ومصر، تأتى فى وقت مفصلى من تاريخ الشرق الأوسط والعالم، لذا سيناقش الزعماء عدة ملفات أبرزها دعم خارطة حل جذرى لمشكلات المنطقة يضمن لها الاستقرار.

وقال: «ملفات مثل فلسطين ومسار السلام والعلاقات الاقتصادية ووضع النفط وارتفاع الأسعار والأزمة الأوكرانية الروسية ستكون ذات أولوية خلال النقاشات، إضافة إلى وضع أمريكا فى الشرق الأوسط، وهل ستتمكن من كسب ود العرب وثقتهم مرة أخرى، وتأسيس تحالف قوى لطرد فلول إيران من المنطقة، واستعادة الاستقرار فى العراق وسوريا واليمن ولبنان، أم أنها ستفشل فى المهمة، لتسهم بذلك فى التعجيل بالوصول للقطبية الثنائية فى حكم العالم».

وشدد على أنه بات من الضرورى أن تكون الشروط العربية حاضرة فى أى اتفاق يخص الشرق الأوسط، لذا تعد القمة العربية الأمريكية استثنائية وخطيرة وصريحة، وستسهم فى تغيير الأوضاع فى المنطقة والعالم، إذا ما أعاد «بايدين» التصرف بحكمة بعد أن اختبر ثقل الدول العربية وتأكد من دورها المهم فى ترجيح كفة الصراع على حكم العالم.

مبارك آل عاتى:  العلاقات «الأمريكية- السعودية» متينة

ذكر المحلل السياسى السعودى مبارك آل عاتى، أن العلاقات الأمريكية السعودية قوية ومتينة منذ قديم الأزل، مستشهدًا بأول زيارة أجراها وفد سعودى للولايات المتحدة وصولًا إلى زيارات ولى العهد السعودى محمد بن سلمان واشنطن فى السابق.

وأوضح «آل عاتى» أن هناك عمقًا فى العلاقات «الأمريكية- السعودية» مبنيًا على قاعدة صلبة من الصدق والوضوح لتحقيق المصالح المشتركة بين البلدين الصديقين، مشيرًا إلى أن هذه العلاقة تمر حاليًا بمرحلة معالجة. 

ولفت إلى أن بعض دول العالم والمنطقة العربية ينتظر نتائج هذه الزيارة التى تسهم فى تحسين العلاقات «الأمريكية- العربية» والعودة بها مجددًا إلى سابق عهدها، لافتًا إلى أن التاريخ يشهد على قوة ومتانة هذه العلاقة. 

وتابع: «المملكة تعول كثيرًا على هذه الزيارة التاريخية وأعدت ملفات عديدة لبحثها مع الإدارة الأمريكية والوصول إلى حل لها».

على البيدر:  محاولة من واشنطن لإبعاد دول العالم عن روسيا 

قال المحلل العراقى على البيدر إن زيارة الرئيس الأمريكى للشرق الأوسط لها أهمية كبيرة، فى ظل تراجع العلاقات بين واشنطن وعدد من دول العالم، موضحًا أن «بايدن» يريد استمالة أغلب الدول لواشنطن بدلًا من التوجه لروسيا أو الصين، كما يحاول كسب حلفاء فى هذا التوقيت، خاصة أن الإدارة الحالية تستخدم القوة الناعمة فى علاقات التحالف والتعاون مع الدول. 

وأشار «البيدر» إلى أنه من المتوقع أن تتم مناقشة عدد من الملفات المهمة، خلال الزيارة، منها العلاقات الخليجية الإسرائيلية والأوضاع فى كل من اليمن والعراق وسوريا والأراضى الفلسطينية، بالإضافة إلى العلاقات مع روسيا والصين. 

وذكر أنه من غير المحتمل أن تكون هناك نتائج فورية ومباشرة للزيارة، لكن النتائج سوف تظهر على أرض الواقع خلال الفترة المقبلة، مع توقع أن يغير العرب بعض مواقفهم تجاه الأزمة الروسية الأوكرانية. 

وأوضح أن هناك أسبابًا لاختيار الدول التى ستشارك فى القمة العربية مع الرئيس الأمريكى، منها من تتمتع بموقع استراتيجى، ومنها من لها قدرات مالية ضخمة، بالإضافة إلى أن بعضها يعتبر حليفًا مهمًا واستراتيجيًا لواشنطن، إلى جانب دول تحاول واشنطن استمالتها. 

وحول اختيار العراق للمشاركة فى القمة، قال «البيدر» إن اختيار العراق مؤشر كبير على أن واشنطن تتعامل مع بغداد كحليف جيواستراتيجى، كما ترغب فى الاستفادة من العراق لتحقيق مكاسب فى المراحل المقبلة.