جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

مرشدون وقتلة.. المرشد الناعم

تشاء الأقدار أن يرى الشعب المصري جماعة الإخوان وهي تتشتت في بقاع الأرض منبوذة ومطرودة ، بعدما كانت تملك كل مفاتيح الحياة لكل أعضائها، وتملك مفاتيح الصعود في عالم المال والإعلام والوظائف وكل سُبل النجاح، حتى كان يقال إنه لا يوجد إخوانى فقير أو محتاج، خمسون عامًا من الرغد عاشتها جماعة الإخوان منذ صيف عام 1971، حيث كان أول لقاء سري بين الرئيس السادات وأعضاء من جماعة الإخوان في استراحة "جناكليس" بالإسكندرية، وكان معظمهم ممن استطاعوا الهرب من مصر بعد كشف تنظيم سيد قطب، وبعضهم كانت قد أُسقطت عنهم جنسيتهم ثم أُعيدت لهم، عاد الإخوان وتمكنوا من ممارسة أنشطتهم بكل أريحية.

وكانت الإنطلاقة مع تولي المرشد الثالث للجماعة عمر التلمساني عام 1973، وتلتها اللقاءات المعلنة والسرية، والتي لم يوقفها حتى الأحداث الكبري التي مرت على مصر، من حوادث الإرهاب والفتنة الطائفية.

فبعد تولي المرشد الثالث بشهور وقع حادث الفنية العسكرية الذي كشفت الأيام ضلوع جماعة الإخوان فيه حتى وإن ظهر اسم "صالح سريا" فلسطيني الجنسية، والذي كان أحد شباب جماعة الإخوان وممن تربوا على يد القيادية الإخوانية زينب الغزالي، حادث آخر وقع عام 1977 كان كفيلًا بأن ينسف العلاقة بين الدولة والإخوان، وهو مقتل الشيخ محمد حسين الذهبي وزير الأوقاف حينها، والذي اختطفته جماعة التكفير والهجرة من منزله وقتلته بدم بارد ومؤسسها الإخوانى شكري مصطفى.

ثم حادث الفتنة الطائفية الدامي بمنطقة الزاوية الحمراء بالقاهرة عام 1981. 

وفى ندوة بعنوان الفكر الإسلامى عُقدت بمدينة الإسماعيلية خلال شهر رمضان فى أغسطس 1979، وحضرها الرئيس السادات، وحضرها أيضًا الشيخ عمر التلمساني، وبعد أن وجه فيها الرئيس السادات انتقادات عنيفة إلى جماعة الإخوان واتهمها بتهم كثيرة، من بينها التخريب والعمالة وإشعال الفتنة الطائفية وإثارة الطلبة، فوقف عمر التلمسانى وقال للرئيس: لو أن أحدًا غيرك وجه إلىّ هذه الانتقادات لشكوته إليك، أما وأنت صاحبها فإننى ليس أمامى إلى أن أشكوك إلى الله.

ومع كل ذلك استطاع أن يمثل عمر التلمساني الجانب السلمي والوجه الحسن لجماعة الشر الإخوانية، حتى أنهم يطلقون عليه اليوم مُجدد شباب الجماعة أو المرشد المبغوض، وهى صفة وصفه بها فريق القطبيين ممن ينتمون لفكر "سيد قطب" داخل الجماعة خاصة مصطفى مشهور الذي كان على خلاف دائم مع التلمساني، ويبدو أن التلمساني كان له خطابان الأول في العلن وهو يدعو للعمل الاجتماعي والخدمي، والثاني كان سريًا ويدعو للجهاد "الإرهاب"، والذي انتهى في فترة توليه منصب المرشد العام للجماعة، بعد أن وصلت ذروة الإرهاب إلى مقتل الرئيس السادات على يد الجماعة الإسلامية، التي أثبتت الأيام والشهادات أنها إحدى أذرع الإخوان المسلحة لتصفية خصومها بعيدًا عنهم.