جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

فى ذكرى ميلاده.. كواليس إخراج يحيى العلمي لمسلسل «الأيام»

يحيى العلمى
يحيى العلمى

81 سنة مرت على ميلاد المخرج الكبير يحيى العلمى الذى أخرج العديد من الروائع التليفزيونية التى تعتبر إحدى العلامات البارزة فى تاريخ الدراما المصرية.

وكان لاهتمام المخرج يحيي العلمي بالسير الذاتية لكبار الأدباء نصيبا من أعماله التليفزيونية فقدم مسلسلى العملاق عن قصة حياة الأديب الكبير عباس محمود العقاد ومسلسل “الأيام” عن قصة حياة الأديب العالمى طه حسين وكان لمسلسل الأيام كواليس وقصة أفرد لها يحيى العلمى صفحات فى كتابه أيام تليفزيونية كما تحدث فى إحدى الحوارات النادرة لمجلة جامعة القاهرة والذى أجراه أحمد عبد الرحيم فى شهر أكتوبر عام 1998 عن كواليس العمل.

وقال يحيى العلمى خلال الحوار أدين بهذا الفضل للسيدة تماضر توفيق، وهى أستاذتى فى بداية عملى بالقناة الثقافية. 

وفى تلك الفترة، كانت هى رئيسة التلفزيون، وكنت أنا متجهًا للسينما أكثر من التلفزيون. وحينما كلّفتنى بإخراج “الأيام” ذُهلتُ.. فهذا الكتاب درسته فى المدرسة، وغاب عن ذهنى.

ولم يكن لى أى فضل فى اختيار المرحومة أمينة الصاوى، أو الأستاذ أنور أحمد، فقد تقدما بالمشروع للتلفزيون، وتعثّر لفترة، إلى أن جاءت السيدة تماضر توفيق، وكانت مُتبنّية فكرة تقديم رواد الفكر والعلم والثقافة المصريين عبر التلفزيون. لكنى وجدت معالجتهما لكتاب “الأيام” تسجيلية أكثر من كونها درامية، وأنا لم أرد عرض أحداث تاريخية أو مواقف اجتماعية، وإنما البحث عما وراءها فى عمق النفس البشرية، للعثور على الذهب الأصيل؛ وأقصد لحظات الصدق الإنسانى فى حياة طه حسين. لذلك طلبت مشاركة د. يوسف جوهر فى كتابة السيناريو من جديد؛ باعتباره من حوّل معظم روايات العميد إلى أعمال درامية، مثل فيلم “دعاء الكروان”، وفيلم “الحب الضائع”.

وواصل العلمي سرده لكواليس إخراجه للمسلسل قائلا بعد إعادة كتابة السيناريو، خفت أن الأمور التى نتعرض إليها كالأبحاث الأدبية ورسائل الدكتوراه لن تصل إلى المشاهد العادى، وأحسست أنه لن يهتم بالمسلسل سوى المتخصصين والمثقفين، مع علمى بأن طه حسين كان شديد الاهتمام بالجماهير الفقيرة؛ فهو صاحب دعوة العلم كالماء والهواء. وأذكر حينما ذهبت إلى زيارة كريمته، السيدة أمينة طه حسين، وزوجها وزير الخارجية الراحل د. محمد حسن الزيات، للسؤال عن معلومات بخصوص والدها، قدمتْ لنا الشاى بنت شغّالة، فقالت لى كريمته بعدها: “أنا عايزة البنت دى، إللى ما تعرفش تقرأ أو تكتب، تعرف مين هو بابا الدكتور طه حسين”، فتحمّلت مسئولية الوصول بقصة هذا الرجل للناس بكل فئاتها.

فكان لابد من تحويل المسلسل إلى عمل ملحمى يعتمد على الجو الشعبى، والأغنية القصيرة جدًا؛ لقد قدمت لأول مرة فى الدراما  الأغنية التى لا تزيد على دقيقة ولجأت إلى الشاعر سيد حجاب، والموسيقار عمار الشريعى بعدما أعدت قراءة الكتاب، اختلف احساسى حينما قرأته تلميذًا، وأدركت مدى شاعرية هذا الرجل، وحسّه المرهف فى وصف أسراره وأدق خلجاته. وأخذتُ أدعو الله أن أصل بالتمثيل الدرامى إلى جزء من عظمته وشعبيته وأدبه الرقيق. لهذا اتفقت مع سيد حجاب على شىء توقعت بعدها أن يصبح محل الدراسات النقدية؛ وهو التركيز فى الأغانى على الكلمات ذات المدلول الصوتى، لا المرئى، وتجنُب اختيار أى لفظ له مرادف بصرى، لأننا نتعامل مع شخصية فقدت بصرها، وصارت تعتمد على السمع والشعور، وكانت مهمة شاقة جدًا أن تتعامل مع الذاكرة الصوتية لإنسان، لكن نجح فيها سيد حجاب. أما عمار الشريعى فكان يشارك طه حسين الأحاسيس نفسها، والتى عبّر عنها موسيقيًا على أروع ما يكون، بحيث صارت علامة فى تاريخه الفنى.

واعتمدت على صوت على الحجار لأنه يحمل أبعادًا درامية، وكان يحلّ فى الأحداث محل طه حسين فى بعض المواقف؛ فعند احتضان ابنته لأول مرة، ومغادرة قريته، ودخوله الأزهر، وموت أخيه، أو توجيه إهانة له.. فى كل هذه المواقف وغيرها ينطق صوت على الحجار بإحساس الشخصية، ويعبّر دراميًا عما يموج داخلها.

وعن اختياره أحمد زكى بطلا للعمل وهو فى بداية مشواره الفنى قال يحيى العلمى: "قبل المسلسل بعام تقريبًا، ظهر فيلم “قاهر الظلام” عن كتاب لكمال الملاخ، وقام ببطولته محمود ياسين، فأردنا ألا نكرّر الشخصية بالنجم نفسه، خاصة أنه جسّدها فى مرحلة متقدمة سنيًا عن المرحلة التى اخترناها؛ والتى شملت طفولة طه حسين فى قريته بالمنيا، ثم دراسته فى الأزهر، ثم بعثته إلى باريس. وفى يوم، صادفت صورة قديمة للعميد مرتديًا الزى الأزهرى، ورأيت أنه لصيق الشبه بأحمد زكى؛ والذى كان وقتها فى بداية لمعانه، وامتاز بحس درامى قوى جدًا، وقدرة على التعبير عن داخليات الشخصية إلى جانب المظهر الخارجى. ويوم عرضت عليه الدور، ظن أنى “بأهزر”، وقال: “أنا فين، وطه حسين فين!”، لكنى حينما صارحته بأن الموضوع “بجد”، وأنى اخترته لأداء الشخصية فى مسلسل، ذُهِل لدرجة إنه ترك المكتب و”طلع يجرى”، فجريت وراءه إلى السلّم، وأوقفته لأسلّمه السيناريو، لكنه “طلع يجرى تانى!”. لكنى أصررت عليه، ورغم اعتراض زوج ابنة العميد عليه، باعتباره شابًا صغيرًا، فإنى تحمّلت المسئولية كاملة. 

وردا على سؤال على كيفية تعامله مع أحمد زكى أكد المخرج يحيى العلمى فى الحوار ان احمد زكى كان متوترًا وقلقًا جدًا، ونصحته بعدم حضور البروفات التى ضمّت قممًا كالمرحوم محمود المليجى، ويحيى شاهين، وأمينة رزق، وأحضرت له أستاذ لغة عربية كى يعلّمه مخارج الألفاظ، ويعرب له الحوار، فقد كان العميد حريصًا كل الحرص على اللغة العربية. واتفقت مع هذا الأستاذ أن يقف معنا خلف الكاميرا خلال التصوير، وإذا ما وجد أى خطأ فى النطق، ولو صغيرًا، يوقف التصوير فورًا وينبّهنى. والحق أن أحمد تعب للغاية، لكنها كانت الفرصة التى أهّلته إلى النجومية، وأظن أن مسلسل “الأيام” أعاد صياغته.

أبطال مسلسل «الأيام»

بطولة مسلسل «الأيام»، الفنان أحمد زكي في دور «طه حسين»، يحيى شاهين في دور «الشيخ حسين»، أمينة رزق في دور رقية «أم طه»، عماد رشاد، محمود «أخو طه»، سامي فهمي في دور أخ طه حسين، نادية فهمي «جلفدان أخت طه»، صفية العمري في دور « سوزان».

ومشاركة النجوم حمدي غيث، في دور« لطفي السيد»، محمود المليجي «علوي»، محمد الدفراوي في دور الدكتور أحمد زكي، نظيم شعراوي في دور«كاظم البشكاتب»، رأفت فهيم «بسيوني حلاق الصحة»، رشوان توفيق «المفتش فوزي»، علي الشريف في دور «الشيخ علي شيخ الكتاب»، عبد السلام محمد في دور «مساعد الشيخ الكتاب»، محمد الشويحي في دور فتح الباب»، فاروق يوسف «صديق الشيخ أحمد»، أبو الفتوح عمارة «رجل من القرية»، محمد الإدنداني «بائع بالقرية».

ومشاركة الفنانين النجوم: بدر الدين جمجوم «لطفي»، فاروق نجيب في دور« سلطان»، والفنانين نجيب عبده، جمال شبل، عبد الرحمن شريف، شفيق الشياب، عبد المنعم قناوي، عبد العزيز أبو الليل، محمد شوقي، سامي صلاح، محمد الجدي، أحمد صلاح الدين، فخري عازر، السيد منير، عمر ناجي، أديب الطرابلسي، عصام العشري، عبد الهادي أنور، إبراهيم قدري، سيد العربي، أحمد أبو عبية، محمد عبد الحليم، هالة أنور، أمين عنتر، أحمد الناغي، قيس عبد الفتاح، مدحت مرسي، أحمد الشناوي.

وشارك في مسلسل «الأيام» الفنانين الكبار محمد عبد السلام، حمدي شرف الدين، إبراهيم المنياوي، أحمد عطية، مهدي عباس، مصطفى هاشم، السيد زيد، سمير حجاج، مظهر يونس، حسين عرفان، حسني كلود، الشحات سليمان، عادل الشناوي، رشوان مصطفى، سامية محسن، نصر سيف، بهاء إبراهيم.

وكان من ضيوف الحلقات الفنانين: أنور إسماعيل، إبراهيم الشامي، صلاح نظمي، أحمد خميس، بدر نوفل، إسكندر منسي، زكريا موافي، سلامة إلياس، صافيناز الجندي، منى قطان، حسين الشربيني.

ومشاركة الأطفال شريف صلاح الدين، طه حسين، نيرمين مجاهد، معتز يحيى، سامح مجاهد، حسن الشناوي، أسماء فريد.

قصة وسيناريو وحوار أمينة الصاوي، أنور أحمد، إشرف على السيناريو يوسف جوهر، مخرج مساعد كمال رزق، مخرج مساعد فؤاد شهاب الدين، مدير الإنتاج سليم النمر.

وقام الشاعر الكبير فاروق شوشة بدور الراوي، وقام بكتابة الأغاني الشاعر الكبير سيد حجاب، الألحان والموسيقى التصويرية، والتتر للموسيقار عمار الشريعي، ومن غناء المبدع علي الحجار، «الأيام» من إخراج يحيى العلمي.