جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

هل يجوز الجمع بين نية القضاء ونية صيام العشر من ذي الحجة؟

الإفتاء
الإفتاء

ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية تقول السائلة: "هل يجوز لي الصيام بنيتين: صيام العشر الأوائل من ذي الحجة، وصيام قضاء ما عليَّ من رمضان؟" وذلك بالتزامن مع بداية العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، وتجيب الإفتاء على سؤال :"هل يجوز الجمع بين نية القضاء ونية صيام العشر من ذي الحجة؟". 

هل يجوز الجمع بين نية القضاء ونية صيام العشر من ذي الحجة؟

وقالت الإفتاء في الرد على السائلة، إنه يجوز للمسلم أن ينوي نية صوم النافلة مع نية صوم الفرض، فيحصل المسلم بذلك على الأجرين.

واستدلت الإفتاء في ردها  بالحافظ السيوطي في "الأشباه والنظائر" (ص22) عند حديثه عن التشريك في النية: [صام في يوم عرفة مثلًا قضاءً أو نذرًا أو كفارةً، ونوى معه الصوم عن عرفة، فأفتى البارزي بالصحة والحصول عنهما. قال: وكذا إن أطلق -أي أطلق نية صوم الفرض-، فألحقه بمسألة التحية] اهـ. والمقصود بمسألة التحية ركعتي تحية المسجد؛ قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" (1/ 67): [وتحصل بركعتين فأكثر، أي يحصل فضلها ولو كان ذلك فرضًا أو نفلًا آخر، سواء أنويت معه أم لا؛ لخبر الشيخين: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ، فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ»، ولأن المقصود وجود صلاة قبل الجلوس، وقد وُجِدَت] اهـ.

حكم اندراج صوم النفل تحت صوم الفرض

وأكدت الإفتاء إن العلماء بذلك على جواز اندراج صوم النفل تحت صوم الفرض، وليس العكس؛ أي لا يجوز أن تندرج نية الفرض تحت نية النفل.

وأوضحت الإفتاء أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يصوم التسع من ذي الحجة؛ ففي "سنن أبي داود" وغيره عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر أول إثنين من الشهر والخميس".

وعن حفصة رضي الله عنها قالت: "أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صيام يوم عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة" رواه أحمد والنسائي وابن حبان وصححه.


وأما ما أخرجه مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صائمًا في العشر قط"، فقد قال الإمام النووي في "شرحه على مسلم" (8/ 71-72): [قال العلماء: هذا الحديث مما يوهم كراهة صوم العشر، والمراد بالعشر هنا الأيام التسعة من أول ذي الحجة. قالوا: وهذا مما يتأول، فليس في صوم هذه التسعة كراهة، بل هي مستحبة استحبابًا شديدًا لا سيما التاسع منها وهو يوم عرفة.

 وقد سبقت الأحاديث في فضله، وثبت في "صحيح البخاري" أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِن أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنهُ فِي هَذِهِ» يعني العشر الأوائل من ذي الحجة فيتأول قولها "لم يصم العشر" أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما، أو أنها لم تره صائمًا فيه، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر.

 ويدل على هذا التأويل حديث هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر الإثنين من الشهر والخميس" ورواه أبو داود وهذا لفظه، وأحمد والنسائي وفي روايتهما: «وخميسَين»] اهـ.