جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

قضايا المرأة وأولوية التشريعات

 

كان من الطبيعى مع إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان فى أواخر عام ٢٠٢١ وإطلاق عام٢٠٢٢ عامًا للمجتمع المدنى، وإطلاق الحوار الوطنى، أن يبدأ حوار كبير ومتنوع حول قضايا المرأة، من مؤسسات وجمعيات أهلية وأحزاب ومراكز وشخصيات معنية بحقوق المرأة.

وارتفعت الأصوات من "المجلس القومى للمرأة ومؤسسة المرأة الجديدة، والجبهة الوطنية لنساء مصر، ومركز قضايا المرأة المصرية، وأمانات المرأة فى الأحزاب، والاتحاد النوعى لنساء مصر"- مطالبة بأولوية مناقشة مجتمعية واسعة حول القوانين المقترحة والمقدمة لمجلس النواب، وعلى رأسها قانون الأسرة المصرية المعنى بالإنصاف والمساواة والعدالة للرجل والمرأة والطفل، تمهيدًا لإصداره، ومن الأولويات أيضًا قانون العمل وما يشمله من مواد خاصة بالمرأة، وقانون لمواجهة العنف ضد المرأة. 

ولقد تم عقد عدة لقاءات وندوات وحوارات، فى الأسبوع الماضى، لمناقشة أولوية التشريعات المطلوبة من أجل استقرار الأسرة المصرية والمجتمع المصرى، حيث عقدت أمانة المرأة فى حزب المحافظين وبحضور عدد من المحامين والأحزاب والمنظمات النسائية مائدة حوار حول مقترح قانون الأحوال الشخصية الذى يقوم الحزب على وضعه منذ بضع سنوات، تقوم فلسفته على تجنب كل السلبيات والمشكلات المترتبة على القانون الحالى الذى تم وضعه عام ١٩٢٠، وأيضًا مراعاة حقوق الزوج والزوجة والأطفال. 

كما عقدت أمانة المرأة بالحزب الاشتراكى المصرى مائدة حوار تحت عنوان "قضايا المرأة وأولوية التشريعات"، بحضور مجموعة من القيادات النسائية وعدد من النائبات ناقشن أولوية القوانين والتشريعات المطلوب مناقشتها مجتمعيًا مع منظمات المجتمع المدنى المعنية بحقوق المرأة، من أحزاب ونقابات وجمعيات أهلية ومنظمات نسائية، من أجل إصدار هذه القوانين والتشريعات، وكانت فى مقدمتها القوانين الخاصة بقانون الأحوال الشخصية، وتمت مناقشة القانون المقدم من مركز قضايا المرأة الذى أجمع الحضور على أهمية الفلسفة التى ينطلق منها القانون، وهى الإنصاف والمساواة والعدالة من أجل الأب والأم والأطفال.

كما تم الاتفاق على عمل الجميع معًا من أجل تقديم وثيقة للحوار الوطنى بقضايا المرأة، ومنها بجانب قانون الأحوال الشخصية قانون العمل لضمان حقوق المرأة العاملة، وضمان حماية العمالة غير المنتظمة، وقانون حماية العاملات فى المنازل، ومطالبة الدولة بالتصديق على الاتفاقية "١٨٩" التى صدرت من منظمة العمل الدولية عام ٢٠١٨، والخاصة بحماية العاملات فى المنازل، وأيضًا تصديق الدولة على الاتفاقية "١٩٠" الصادرة من منظمة العمل الدولية عام ٢٠١٩، الخاصة بمناهضة العنف فى أماكن العمل.

تجدر الإشارة إلى أنه تم تقديم قانون من ١٠ منظمات نسائية، بخصوص العنف ضد المرأة للبرلمان السابق تحت عنوان: "قانون موحد لمناهضة العنف ضد المرأة"، يشتمل على جميع أشكال العنف اللفظى والبدنى والجنسى الذى يقع على المرأة والفتاة فى الأسرة، وفى أماكن العمل، وفى أماكن الدراسة، وفى الشارع، حيث وضع القانون التعريفات الخاصة بالعنف، كما وضع القوانين المطلوبة والعقوبات، وما زلنا نطالب بأولوية مناقشة القانون فى مجلس النواب الحالى.

وبمناسبة قانون مواجهة العنف ضد المرأة، وأهمية القضاء على ظاهرة الزواج المبكر قامت أمانة التنمية المجتمعية بحزب العدل بإطلاق "مبادرة حزب العدل للحد من زواج القاصرات" بحضور عدد كبير من الأحزاب والإعلاميين والقيادات النسائية، ودار حوار كبير حول هذه الظاهرة وخطورتها على الفتيات وعلى المجتمع، وانتهى بعدة توصيات منها:

توفير إطار قانونى يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما فى ذلك قوانين خاصة بسن الرشد وسن زواج الفتيات.

تعزيز فرص حصول الفتيات على التعليم الأساسى والجامعى، مع تقديم الدعم الاقتصادى والمالى للأسر الفقيرة لاستمرار الفتيات فى التعليم.

البرامج التوعوية لمناهضة ظاهرة زواج القاصرات، وتوضيح الأضرار الصحية والاجتماعية والقانونية، مع تقديم التثقيف المناسب بشأن الحياة الجنسية والصحة الإنجابية والمساواة بين الجنسين.

تغليظ العقوبات على مرتكبى تزويج الفتيات القاصرات من الأهل والمحامى والمأذون.

وفى نهاية الأسبوع، تم إطلاق تطبيق المنصة الإلكترونية "رعاية آمنة" بواسطة مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، وتعد هذه المنصة أولى المنصات الإلكترونية الحقوقية التى تتيح للنساء البحث عن مراكز طبية تتبنى مدونة السلوك المهنى لمقدمى الخدمات الصحية، أثناء تقديم الرعاية الصحية للنساء، خاصة الناجيات من العنف.

ولقد عملت المؤسسة على مدار ٣ سنوات من أجل رفع مستوى الوعى العام بالحقوق القانونية الصحية للنساء، وكيفية الوصول لخدمات الحماية من العنف، ودعم تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء والتكامل معها.

نتمنى المزيد من الحوارات والمناقشات بين مجلس النواب وجميع منظمات المجتمع المدنى النسائية؛ للوصول إلى قوانين وتشريعات عادلة تساعد على تقدم واستقرار المجتمع ونهضته.