جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

كلمونا عن «اللى عندكم»

هو ليه يا إخوانا، كل يوم أفتح الفيسبوك، ألاقي كل الناس شغالين في قصة واحدة
(مش عارف مين بـ يختارها) وهاتك يا تحليلات واستنتاجات وتعليقات، وشكاوى واستغاثات وتنبيهات، وهو الموضوع نفسه مفيش فيه أي حاجة خالص (عامة) ومالوش دعوة بـ أي حاجة من اللي بـ تتقال؟
إنسان قتل إنسان/ ـةـ ماشي ربنا يرحم القتيل والقاتل ويصبر ذويهم، ومرتكب الجريمة يقدم لـ العدالة وياخد جزاؤه، وخلاص؟
إنما بقى، يااااه! إزاي بقينا كدا ووصلنا لـ كدا، السيسي هو السبب، المصريين في عهده بقوا مجرمين، الإخوان سمموا أفكار القتيل، إنه عنف ضد المرأة. 
السوشيال ميديا خلت الناس اتجننت
الحَر ضرب نافوخ القاتل
ومن الحب ما قتل
إزاي الناس اتصرفوا مع القاتل كدا؟ كان لازم يعملوا كيت وكيت؟
الدين بـ يسهل على الإنسان إنه يقتل
قلة الدين بـ تسهل على الإنسان إنه يقتل
الراجل بـ يحط شطة ع البتنجان، ومعروف إنه الشطة بـ تلهلب المشاعر
أي كلام في عبدالسلام، وهو أصلًا مفيش حاجة.
من يوم ما آدم عرف حواء على جبل عرفات وفيه نسبة من الناس بـ ترتكب جرايم، توصل إلى حد القتل. في كل زمان وكل مكان وكل سياق، وكل نظام سياسي وأتباع كل دين، وتحت أي ظرف، ليه؟
علشان كل البشر بـ تعدي عليهم لحظات يبقوا مستعدين لـ ارتكاب الموبقات، تحت تأثير ضغوط ما، لكننا بـ ننجح في السيطرة على أنفسنا، لـ اعتبارات كتير، ما تقدرش تقول أيهم أكثر تأثيرًا.
لكن "بعض" الناس وهم نسبة قليلة جدًا، بـ يفشلوا في هذه السيطرة، وهنا بقى، كل واحد له قصته مع الفشل، وعدم تحمل الضغط، والاستسلام لـ الغضب.
حتى لما نعرف تفاصيل كتير عن القصة، وارد برضه ما نوصلش لـ إجابة، ثم إنها مش شغلتنا.
إنما علشان تخرج من القصة الشخصية بـ دلالات عامة، لازم تعمل حاجات كتييييير قبلها، مثلًا لو شايف إنه "العنف زاد"، دا مبدئيًا يعني، فـ لازم أولًا تثبت دا. تثبته لـ نفسك قبل أي حد تاني.
يعني تروح تجيب إحصائيات، تتبع حركة المحاكم، تراجع أرشيف الصحف، تروح المركز القومي لـ الإحصاء، فـ تقول لنا مثلًا مثلًا إنه جرايم القتل من 1980-1985
كانت 1000 جريمة، وكان تعداد السكان خمسين مليونًا. لكن في السنوات الخمس الأخيرة بقينا 100 مليون، لكن جرايم القتل بقوا خمستلاف، يبقى كدا نقدر نقول (من حيث المبدأ) إنه العنف زاد، فـ نتحرك في اتجاه "دراسة" الأمر. 
لكن الملاحظة الشخصية مالهاش أي تلاتين لازمة، إحساس الإنسان بـ الواقع خادع، والذاكرة خوانة، فـ الإنسان بـ يرسم صورة ذهنية لـ الماضي، لا تنطبق إطلاقًا على ما حدث.
بـ التالي لو حضرتك مهتم فعلًا بـ قياس تطور شيء، لا بد من مراجعته كذا مرة، وهكذا بقى قيس على كدا. 
لو مسكت كل موضوع هـ تلاقي الناس مندهشة ومنبهرة، وغاضبة وساخطة، وخائفة وحانقة، وهو مفيش حاجة.
شخص ما قال بقين حمضانين، عن علاقة التدين بـ المرض النفسي، بُقين اتقالوا قبله ملايين المرات، وهـ يتقالوا بعده ملايين المرات، إنما على الأرض الواقع مختلف تمامًا تمامًا عن هذا الكلام المستهلك، ومش مختلف بـ معنى إنه الناس ناضجة كفاية، بس بـ أقول إنه المشكلات بـ تبقى في منطقة تانية خالص:
زي مثلًا مفهوم المرض النفسي في حد ذاته، الناس بـ تتداوله إزاي، الصحة النفسية محلها من الإعراب (بـ غض البصر عن موضوع التدين) كذلك بزنيس الطب النفسي بـ يمشي إزاي، وبـ يشتغلوا الناس في إيه.
موضوعات كتير أهم من البقين اللي قالهم الأخ، لكن برضه: تفسيرات وتأويلات وتحليلات واستنتاجات، وحروب وحروب وحروب، وربط الكلام بـ أي حاجة مش عاجباك.
دا كتير!
والله كتير!
كلمونا يا جماعة عن "اللي عندكم"، اللي إنتو مهتمين بيه فعليًا، كتاب قريته، غنوة سمعتها، فيلم شفته، قصيدة استمعت بيها، ملف ما شغال عليه، حنفية بايظة إزاي نصلحها، كيف تتكلم الفارسية في 7 أيام بدون معلم، كدا يعني.
أقول قولي هذا
وأستغفر الله لي.