جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

عندما قالت الصناديق نعم لمحمد مرسى !!

في مثل هذه الأيام ( وبالتحديد في 24 يونيو 2012 ) صعد إلى سدة حكم البلاد الرئيس الإخواني                د. محمد مرسي بعد أن أعلنت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في مصر الأحد فوز مرشح حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين ، في انتخابات الرئاسة بنسبة 51.73 في المئة وسط فرحة غامرة بين أنصاره ، ليصبح بذلك أول رئيس مصري إخواني !!
فقد حصل مرسي على 13230131 صوتًا ، بينما حصل منافسه الفريق أحمد شفيق على 12347380 صوتًا من أصل 26240763 ناخب أدلوا بأصواتهم ، وعدد أصوات صحيحة بلغ 25577511 صوتًا ..
ومع إعلان المستشار فاروق سلطان ، رئيس اللجنة العليا للانتخابات في مصر ، عن النسبة التي حصل عليها شفيق ، علت أصوات الفرح بين أنصار مرسي ، الذين كانوا قد شغلوا ميدان التحرير وسط القاهرة ..
وكان الآلاف من أنصار مرسي قد سكنوا الكثير من الميادين المعلوم تبعيتها لقواهم في تلك الفترة  قبل ساعات من بدء المؤتمر الصحفي المتلفز للإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية ..
وفور إعلان النتيجة انطلقت الميديا الإخوانية والميديا العالمية المناصرة لقوى الإسلام السياسي لتبرز الاحتفالات بفوز مرشح حركة الإخوان المسلمين التي ظلت محظورة لسنوات قبل الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس المصري حسني مبارك في 11 فبراير من عام 2011 ، وكأنهم يعلنون عن الفرحة برد حق المظلوم المستبعد من ممارسة حقوقه السياسية !!
وكانت فرحة الشيخ السلفي الشهير غامرة ، والذي ظل يكرر مقولته الشهيرة ويكررها أتباعه عبر كل وسائط الميديا بنشوة وزهو المنتصر ، فيسألهم : وماذا قالت الصناديق فيردون وهو معهم " نعم " ..
وكان " مرسي " قد قال قبل إجراء الانتخابات أنه سيسعى لضمان الفوز بأصوات السلفيين بعد أن أستبعدت اللجنة العليا " حازم أبو اسماعيل " المرشح السلفي ..
وفي رد فعل غاضب ، قال مرسي لرويترز في مقابلة خلال أول مؤتمر صحفي في حملته الانتخابية " كلمة المرشح الاحتياطي انتهت ... الآن المؤسسة هي جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة لديهم مرشح ببرنامج واضح في هذه الانتخابات ... " ..
وظهر التناقض جليًا بين سلوك مرسي الاكثر تواضعًا وبين الاداء القوي للشاطر الاكثر حدة عندما كان يتحدث للصحفيين ، وتميز المؤتمر الصحفي الأول للشاطر بلقطات فيديو مصممة بعناية وموسيقى وغابت هذه المشاهد عن المؤتمر الصحفي الذي عقده مرسي ..
ثم تردد الحديث عما أطلقوا عليه " تحالف دعم الشرعية " الذي تبنى الدفع بمظاهرات أيام الجمع ، والتي ساهمت بقدر هائل في اتساع مساحات الكراهية للإخوان وجماعتهم البائسة حيث التزيد في ممارسة العنف كان هائلًا وبشعًا .. 
وفي مشاوير ورحلات الغروب والاختفاء ، فإن الجماعة تدفع الآن ثمنًا طبيعيًا هائلًا لتبينها الطامح والمغرور لمبدأ التكويش على الدولة والفشل المزري فى إدارتها ، ومن زاوية أخرى ممارسة العنف والتحالف الضمنى مع جماعات تكفيرية للعودة إلى حكم فقدته بحماقات تاريخية لا مثيل لها ، وهو ثمن مستحق لمن يرفع سلاحه فى وجه مجتمعه وأبناء وطنه ( وإن كان الإخوان لايرون في مصر الوطن .. هم يرونه حفنة من التراب  العفن !! ) ..
أردت بذلك العرض السردي لأحداث مضى عليها عشر سنوات بالتمام والكمال عندما تعلقت أنظار شعبنا الطيب بمشهد دخول أول رئيس إخواني ( ويا للعار ) قصر الرئاسة لإعلان دولي أن مصر بات يحكمها رمز من رموز جماعة إرهابية مُلطخة أيادي مرشديها بدماء الأبرياء .. وبالمناسبة ، أردت طرح بعض علامات الاستفهام حول ذلك الحدث الصعب في وقعه النفسي والإنساني والسياسي على الوجدان الجمعي المصري ..
•  من الذي انتخب مرسي الإخواني ؟
•  هل كانت هناك مفاجأة عند اكتشافنا أن هناك أعداد بالملايين من الإخوان والسلفيين قامت بتصعيد 88 عضوًا إخوانيًا بالبرلمان المصري في البداية ، ثم في مرحلة تالية صعدت الأصوات بمرشح إخواني " مرسي " إلى كرسي الحكم هو وجماعته السودة ؟
•  كيف راوغ وضحك ذلك المرشح للرئاسة على نخب الأحزاب كبيرها وصغيرها ورموز الائتلافات السياسية وما تم من تشكيل لتجمعات سياسية جديدة يتقدمها الإخوان ورموز الإسلام السياسي بدعوى تحقيق الأهداف الثورية ، ولعل تجمع ما أطلق عليه اجتماع فندق فرمونت الشهير وكيف ضحك الزعيم الإخواني على معظم رموز العمل الوطني ( أو من تصورناهم أو وصفناهم  ) خلال جلساته ليوافقوا ويبصموا على تأييد ذلك الزعيم الذي انكشفت فيما بعد خيباته السياسية وفراغ عقله وقلبه من أي ملامح لمواطن يمكن أن يصلح كرئيس لدولة كبيرة وعظيمة بقدر مصر ؟
•  باستثناء العمل الدرامي الوطني الوثائقي الرائع  " الاختيار " الذي تعرض لبعض تفاصيل تلك الفترة بحرفية ومهنية هائلة ، لم نتابع على مدى زمن تلك الحقبة ( 12 ـ  2022 ) أي عمل إعلامي أو أكاديمي يرد على استفسارات الرأي العام حول تفاصيل تلك المرحلة .. لماذا ؟
•  أين مراكز البحث وبيوت التفكير ومراكز استطلاعات الرأي ليفيدوننا عن شرائح من انتخبوا " مرسي " .. درجات تعليمهم ، الانتماءات السياسية والفكرية ، الطبقات الاجتماعية ، الانتساب لجماعات طائفية ودينية ، المراحل العمرية ، نسب الإناث والذكور ، نسب التدريب والتسليح الميسرة لممارسة العنف ... إلى غير ذلك من معلومات الاستبيانات التي يمكن أن تخلص بشكل علمي إلى نتائج تشخص ملامح واقع تلك الفترة وتعيننا على الاستعداد للتعامل مع واقعنا الحاضر والمستقبلي ووضع خطط لمقاومة ذلك الزحف العنكبوتي لجحافل الشر وجراثيم التخلف حتى لا نقع في ذات تلك الممارسات السلبية مرة أخرى .. لماذا كان ذلك الغياب ؟
•  نحلم بدراسات أكاديمية سياسية واجتماعية وثقافية لتقييم علمي لكل تفاصيل أحداث تلك السنة الكبيسة البشعة التي حكم فيها مرشد الشر وجماعة الخونة نُقدمها للتاريخ وأبناء المستقبل ..
•  أما وقد شهد لنا العالم بذلك النجاح الهائل في إقامة المؤتمرات العالمية النوعية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي ، لماذا لا نقيم مؤتمرًا عالميًا لكشف أبعاد أحداث تلك المرحلة بشكل عام ، والسنة التي حكم فيها الإخوان البلاد ودعواتهم وتاريخهم الإرهابي بشكل خاص .. لقد عشنا في الزمن المباركي ونحن نتابع الرئيس مبارك على مدى سنين حكمه الأخيرة وهو يطالب العالم بإقامة مؤتمر دولي لمناهضة الإرهاب .. مش عارف هو كان مُحرج  يقيمه حتى لا يغضب الإخوان وقبيلتهم ؟ ، ولا هو ومساعديه مش عارفين ؟ , .. وحتى تنحيه لم يفلح في إقامته !!!