جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

حدث استفزازي.. مسيرة الأعلام الإسرائيلية.. من يقف وراءها وما تداعياتها ؟

 مسيرة الأعلام الإسرائيلية
مسيرة الأعلام الإسرائيلية

أعلن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي عومر بار ليف قبل أيام، أن "مسيرة الأعلام" التي ينظمها اليمين الإسرائيلي المثيرة للجدل، والتي من المقرر أن تجري يوم 29 مايو الحالي، ستمر من مسارها المعتاد في قلب الحي الإسلامي في البلدة القديمة في القدس الشرقية.

ولا تزال الخطة تتطلب مصادقة الحكومة، لكن إعلان "بارليف" أثار جدلاً في الإئتلاف، حيث هاجم نواب من اليسار القرار بدعوى أنه قد يسبب تصعيد مع الفصائل الفلسطينية.

وأضاف "بار ليف "أنه كما في الأعوام الماضية، سيُسمح لـ"مسيرة الأعلام"، التي تقام احتفالاً بـ"يوم القدس"، بالمرور عبر باب العامود إلى شارع "هجاي"، وصولاً إلى حائط المبكى [البُراق].

خط سير مسيرة الأعلام

في المسيرة، يسير نشطاء اليمين اليهودي من التيار القومي-المتدين، معظمهم من الشباب عبر شوارع القدس وهو يرقص ويلوح بالأعلام الإسرائيلية، بـ"يوم أورشليم"، الذي يحيي ذكرى استيلاء إسرائيل على البلدة القديمة والقدس الشرقية من الأردن في حرب “الأيام الستة” في عام 1967، ولطالما اعتبر الفلسطينيون المسيرة عملا استفزازياً، وغالباً ما تتصاعد التوترات حولها.

المسيرة ستخرج من الكنيس الكبير في غربي المدينة،وتسير حتى ميدان الجيش وهناك ستنقسم. الفتيات سيسرن عبر شارع يافا نحو حائط المبكى والشباب سينزلون إلى شارع المظليين ويدخلون من باب العامود ويسيرون في شارع باب الواد الذي يوجد في الحي الإسلامي وصولا إلى حائط المبكى.

المرور بباب العامود هو ما يسبب المشكلة، حيث يعتبره الفلسطينون احتلالاً جديدا لشرقي القدس. في ساحة باب العامود يتم الرقص، وفي المرور نفسه يشعر اليهود من اليمين بالنشوة، في السنوات السابقة كان هناك عدد لا يحصى من الشعارات العنصرية والعنيفة التي تم إطلاقها، مهاجمة المارين وتخريب الممتلكات. عادة من العادات مثلاً هي أن يتم الضرب بعصا العلم على أبواب الحديد للمحلات التجارية في الحي الإسلامي، التي أغلقت بالطبع بتعليمات من الشرطة.

سبب للتوتر

تم منع "مسيرة أعلام" مشابهة نُظِّمت الشهر الماضي من الوصول إلى باب العمود بسبب فترة شديدة التوتر، تزامن فيها عيدا الفصح اليهودي والمسيحي مع شهر رمضان الكريم، وبعد أن فشل المنظمون والشرطة في الاتفاق على مسار للمسيرة. ودافع مسؤولون حكوميون في ذلك الوقت عن قرار منع المسيرة من الوصول إلى باب العامود بالقول إن المسيرة يجب أن تقام في "يوم القدس".

في عام 2021 غيرت السلطات الإسرائيلية مسار المسيرة قبل ساعة من موعدها بعد تهديدات حماس. وانتشرت الشرطة في أنحاء البلدة القديمة في محاولة لمنع المشاركين الإسرائيليين في المسيرة من الوصول إلى باب العامود.

لكن حماس أطلقت مع ذلك الصواريخ تجاه القدس خلال المسيرة، أشعل إطلاق الصواريخ حربا استمرت 11 يوما العام الماضي بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة، وتعهدت حماس بعدم السماح لإسرائيل بتكرار المسيرة السنوية.

حماس تحذر 

حذر رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية إسرائيل خلال خطاب يوم الأحد الماضي من السماح لنشطاء يمين إسرائيليين بإجراء المسيرة، وقال هنية، متحدثا عبر الفيديو أمام حشد في غزة: “احذر العدو من الإقدام على مثل هذه الجرائم وعلى مثل هذه الخطوات".

فيما أبلغ النائب ايتمار بن غفير من حزب (عوتسماه يهوديت) المتطرف عن نيته دخول الحرم، وقال:"تهديدات العدو لن تردعنا للوصول إلى المكان الأكثر قداسة للشعب اليهودي، على العكس فقط سنقوى وسنصل لتحقيق سيادة إسرائيل في القدس".

تأتي مسيرة هذا العام مرة أخرى في خضم توترات متصاعدة بين إسرائيل والفلسطينيين. منذ 22 مارس، بع سلسلة هجمات على المدن الإسرائيلية، وأسفرت عن مقتل 19 إسرائيليا – في أسوأ فترة عنف خارج الحرب منذ سنوات.

وخلفت العمليات الأمنية الإسرائيلية المضادة في الضفة الغربية 30 قتيلا فلسطينيا على الأقل خلال الفترة نفسها. 

أسباب القرار وتداعياته

قرار وزير الأمن الداخلي، كان قرارا متوقعا. في ظل الوضع السياسي الحالي أي قرار أخير كان سيفسر على أنه خضوع ويحصل على موجات إدانة من اليمين، خاصة مع تصاعد الضغوط من قبل الجمهور اليميني على أحزابه.

المسيرة التي تم إجراؤها على مدى ثلاثين سنة تعتبر حدث مهم ورمزي في التقويم السنوي للصهيونية الدينية واليمين في إسرائيل. هذا الموقف لا يمكن متخذي القرارات من تغيير مسارها أو تقييدها. 

على مدى سنوات، كان الحدث سنوي مستفزاً ويقابل بانتقاد شديد من قبل قضاة المحكمة العليا الذين طلب منهم البت في الموضوع بسبب التماسات قدمتها منظمات يسارية.

 هذه الجهود أثمرت، وفي السنوات الأخيرة المسيرة جرت تقريبا بدون عنف، بينما لاتزال النداءات الكارهة للعرب تسمع فيما يحاول المنظمون إسكاتها، جزء من المحلات التجارية في الحي الإسلامي يبقى مفتوحاً ة أثناء المسيرة.

بالنسبة للسكان العرب في البلدة القديمة فإن المسيرة تعتبر حدثا عنيفا واستفزازيا ومهينا، يشوش حياتهم ويؤكد على وجود الاحتلال، من الصعب تخيل مرور مسيرة أعلام في شوارع الحي اليهودي. 

بعد التحذيرات الأخيرة وفترة التوتر السابقة من المتوقع إما تحاول منع الحكومة الإسرائيلية مرور المسيرة من باب العمود، أو وسيكون هناك تصعيد خطير، وكما متوقع ستغير الحكومة مسار المسيرة في آخر لحظة.