جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

صفاء النَّجار.. الأفلاك الجذَّابة المتعدِّدة!

احتفلت الأخت والصديقة المبدعة المدهشة صفاء النجار بعيد ميلادها، منذ أيام، يذكِّر الميلاد بالشموع وتذكِّر الشموع بواحدتها الفريدة التي لا تذوب، والقصد أنها تذوق نارا لتضيء للآخرين مساراتهم، غير أن أضواءها لا تنتهي؛ ومن ثَمَّ لا تنتهي معاناتها الحارقة، وللأسف لا يثمِّن البشر جهودها لأجلهم، كعادتهم الذميمة، لكنها لا تشكو مع ذلك، أنا أعرفها جيدا، تقدِّم المعروف وتنساه، ولا تبالي..
صفاء مواليد 15 مايو 1973، تعود جذورها إلى محافظة الشرقية، حصلت على بكالوريوس الإعلام قسم الإذاعة والتليفزيون من جامعة القاهرة 1997، وأول عملها كان في قناة art، وكان متدرجا ومنوعا، ثم نالت الماجستير والدكتوراه عن رسالتين مهمتين بمجال السينما، وربحتها الجامعة ضمن الزمرة المثقفة من الأكاديميين. قاصة وروائية (لها مجموعتان قصصيتان: البنت التي سرقت طول أخيها عن دار ميريت القاهرة 2004، الحور العين تفصص البسلة عن دار روافد القاهرة 2018.. وروايتان: استقالة ملك الموت عن دار شرقيات القاهرة 2005 حسن الختام عن دار رؤية القاهرة 2014)، تشرف على صفحة الأدب بجريدة الدستور، وهي إحدى كاتبات الرأي القديرات بالجريدة المعتبرة أيضا، وتدير أنشطة المنتدى الثقافي سيا sia، وتقدم برنامج "ضي القناديل" على إذاعة القاهرة الكبرى.
سيدة مثلها، بهذا الثراء الفني الشامل الذي لعله يشير إلى طامعين كثيرين في مداناة أفلاكها الجذابة المتعددة، كان يمكنها تحشيد الأعداد الهائلة حولها، إلا أنها عاملت الجموع بمودة مكتفية بمصاحبة ابنتها "مريم"؛ تلاصق ابنتها الشابة، بلطف يعزز الحرية، ولا تفارقها، وحيدتها ونتاجها الجميل وظل تجليها، تبدو علاقتهما كعلاقة قلبٍ بنبضِهِ ولحنٍ بإيقاعه!
ما يعطي صفاء مزايا كثيرة، كامرأة قوية نزلت سوق العمل وتجولت في بلدان العالم، بمحبة ورغبة في الاكتشاف، مزايا ليست لغيرها، أنها تواجه الواقع بيقين صوفي عظيم، وخبرات إنسانية خاصة كانت محصلة جهد كبير في قراءة الواقع قبل مطالعة الكتب، وأنها ذات صبر مدهش في التباريح، وقدرة على التسامح والترفع عن الصغائر، والالتفات إلى ما يضيف إلى رصيد النجاح والتفوق لا ما يحذف منهما.. هي امرأة طموح تسير بثقة، لا يعطلها عن السير معطل ولا يمنعها من تتمة مشاويرها مانع، وفي كل مرة تقرر فيها أن تصنع شيئا جديدا، يكون في بالها أمران، أن يكون صنيعها نافعا بالمعنى العام، وأن يكون رقما متقدما في إطارها الشخصي، لا يهم المكاسب المادية، لا تهتم امرأة شبعة كريمة مستغنية بمثل ذلك، والمهم هو المعنى لا المبنى! 
لو كانت السيدة عادية، وكم من إعلاميات ومبدعات عاديات في التقييم الأخير، لما كلفت خاطري ونهضت أدوِّن آثارها وفضائلها، لكنها فوق الكيانات العادية بطبقات لا يمكن مجاوزتها بسهولة، إلا أن تجتهد المجتهدات فيصعدن إلى قمتها، لها التقدير والتوقير والسلامة والسلام..