جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

الرئيس الثالث لدولة الإمارات

بالإجماع، وفى أجواء تعكس سلاسة انتقال السلطة فى دولة الإمارات العربية المتحدة، انتخب المجلس الأعلى للاتحاد، أمس السبت، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيسًا للدولة، خلال اجتماع ترأسه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبى، الذى وصف الرئيس الجديد بأنه ظِل زايد وامتداده وحامى القيم والمبادئ والركائز التى غرسها، عندما أسس هذه الدولة مع إخوانه حكام الإمارات.

طوال حياته، ظَل الشيخ زايد بن سلطان يبنى ويغرس، وكان أبرز منجزاته تلك الأساسات المتينة، التى وضعها لـ«دولة الاتحاد»، التى آمن بفكرتها ورسم خطتها. ولم يكن ذلك عن خبرة، كما قال، بل «عن إيمان بأمتنا: إيمان بالوطن، إيمان بضرورة الوحدة، ورغبة فى تحقيق المصلحة، التى لا تُدرك إلا بالاتحاد».

على تلك الأساسات المتينة، وانطلاقًا من هذا الإيمان، جرى الانتقال السلس للسلطة، وأكد أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، فى بيان، حرصهم البالغ على الوفاء لما أرساه المغفور له الشيخ خليفة بن زايد من قيم أصيلة ومبادئ استمدها من المؤسس الشيخ زايد بن سلطان، التى رسخت مكانة دولة الإمارات على المستويين الإقليمى والعالمى وعززت إنجازاتها الوطنية المختلفة. وأعرب المجلس عن ثقته التامة بأن شعب دولة الإمارات سيبقى كما أراده زايد والمؤسسون دومًا حارسًا أمينًا للاتحاد ومكتسباته على جميع المستويات، داعين الله عز وجل أن يوفق الشيخ محمد بن زايد ويسدد خطاه فى خدمة وطنه وشعب الإمارات.

يضم المجلس الأعلى للاتحاد، كما أوضحنا أمس، حكام الإمارات السبع، وهو أعلى هيئة تشريعية وتنفيذية، بموجب دستور الدولة، الذى منحته مادته الحادية والخمسين حق، أو صلاحية، انتخاب رئيس الاتحاد ونائبه، من بين أعضائه. ونصت مادته الثالثة والخمسون على دعوة المجلس للاجتماع، خلال شهر، عند خلو منصب الرئيس أو نائبه، بالوفاة أو الاستقالة أو انتهاء حكم أى منهما فى إمارته لسبب من الأسباب، لانتخاب خلف، لشغل المنصب للمدة المنصوص عليها فى المادة ٥٢ من هذا الدستور: خمس سنوات ميلادية.

الرئيس الثالث لدولة الإمارات، حاكم أبوظبى السابع عشر، كان هنا، فى مصر، أواخر مارس الماضى، وأكد فى حسابه على «تويتر»، أو جدّد تأكيده، على حرص دولة الإمارات على مواصلة التنسيق والتشاور مع مصر فى ظل التحديات العالمية الجديدة. وتناول سبل تعزيز العلاقات الراسخة بين البلدين فى جلسة مباحثات عقدها معه الرئيس السيسى، الذى توجّه، صباح أمس، إلى أبوظبى، لتقديم واجب العزاء فى وفاة خليفة بن زايد، وتهنئة محمد بن زايد على ثقة شعب الإمارات وتوليه مقاليد الحكم رئيسًا لدولة الإمارات العربية المتحدة، معربًا عن أطيب التمنيات له بالتوفيق فى مواصلة مسيرة التطور والازدهار للدولة الشقيقة.

المولود بمدينة العين فى ١١ مارس ١٩٦١، هو الابن الثالث للشيخ زايد بن سلطان. وكما انتقل الشيخ خليفة بدولة الاتحاد من مرحلة التأسيس إلى مرحلة التمكين، يُوصف محمد بن زايد بأنه صانع السياسات الحديثة فى الدولة. ومنذ مرض شقيقه الأكبر، فى ٢٠١٤، قاد مفاوضات بلاده فى قطاعات الطاقة والدفاع والاستثمار والشئون السياسية، وساهم بدور كبير فى وضع وتنفيذ الخطط الاستراتيجية، وعمل على تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط، كما كان له، أيضًا، دور كبير فى الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب والتطرف، وأطلق «صندوق زايد العالمى للتعايش»، سنة ٢٠١٩، تأكيدًا للمبادئ، التى تضمنتها وثيقة «الأخوة الإنسانية»، التى وقعها فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان.

.. وأخيرًا، لن تجد بين المصريين، أو بين شعوب كل دول المنطقة، أحدًا لا يحب «زايد» وأبناءه، باستثناء المنتمين لجماعة «الإخوان» وتابعيها ومركوبيها. إذ كان حكيم العرب بعيد النظر، كعادته، ووصف أعضاء تلك الجماعة الضالة، منذ ٢٥ سنة، بأنهم «كفرة وفسقة»، فى الحوار التليفزيونى الوحيد، الذى أجراه زميلنا وصديقنا خالد الكيلانى وعرضه التليفزيون المصرى فى ٢٤ نوفمبر ١٩٩٧، والذى طالب فيه دول المنطقة، وليتها استجابت، بالتخلص منهم، مؤكدًا أن الأرض التى لوثوها بدماء الأبرياء لا يطهرها إلا دمهم.ش