جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

طالب المستقلين بتشكيل حكومة خلال 15 يوما

"مبادرة الصدر" محاولة "يائسة" لكسر الجمود السياسي في العراق

زعيم التيار الصدري
زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر

يدور العراقيون في حلقة مفرغة من المبادرات السياسية للخروج من حالة الجمود التي تسيطر على عمل البرلمان المنتخب قبل ما يزيد على 6 أشهر، وتخطي المدد الدستورية المقررة لانتخاب رئيس الجمهورية وتسمية رئيس الحكومة واستكمال مؤسسات الدولة.

وأطلق زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مبادرة جديدة، الأربعاء، دعا خلالها النواب المستقلين (38) لتشكيل حكومة خلال 15 يوما يدعمها التحالف الثلاثي الذي يتزعمه الصدر، بعد فشل قوى الإطار التنسيقي الشيعي في تشكيل حكومة خلال 40 يوما كان دعا لها الزعيم الصدري قبل شهر رمضان المنصرم.

كسر الجمود

وترى الكاتبة والمحللة السياسية العراقية لينا مظلوم، أن الأيام الماضية شهدت محاولات لكسر الجمود السياسي المتواصل لأكثر من 6 أشهر، في ظل تأزم الأوضاع السياسية بسبب تجاوز المدد الدستورية لانتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة.

وقالت مظلوم لـ"الدستور"، إن: البلاد شهدت زيارات مكوكية متبادلة من مندوبي إيران لإيجاد صيغة ترضي الصدر وسط تمسك مكونات الإطار التنسيقي الموالية لإيران بالذهاب نحو النمط التوافقي في تشكيل الحكومة، وهو نموذج ثبت فشله في الحكومات المتعاقبة منذ 2003.

وأضافت أن عدد المستقلين الذين يبلغ نحو 38 مقعدا في البرلمان يشكل نسبة جيدة إذا أضيفت للكتلة الصدرية الأكبر بواقع 73 مقعدا، لكن كل هذه المبادرات للأسف ما زالت تنتظر أو تواجه حائط القصور الدستوري الذي ينص عليه نظام الانتخابات.

وأشارت إلى أن المستقلين لا يمثلون توجها واحدا، وهذا شيء يزيد من تعقيد الموقف، وبعضهم له انتماءات، وآخرون خرجوا من انتفاضة أكتوبر 2019، وبالتالي لا يمكن الحكم عليهم أو وصفهم بالكتلة الموحدة.

وأوضحت أن مدة الـ15 يوما التي حددها الصدر في دعوته ليست كافية، وهو حين ذكر قبل شهر رمضان أنه يعطي الفرصة للإطار التنسيقي لتشكيل حكومة كان يعرف أنه يناور، لأن الإطار بمفرده لن يستطيع جمع كتلة تمكنه من تشكيل الحكومة وتحقيق الأغلبية داخل البرلمان.

ونوهت بأن الغرض من مبادرات الصدر هو إثبات عجز الإطار التنسيقي الشيعي وأي طرف آخر عن تحقيق الأغلبية، مشيرة إلى أن الكرة الآن في ملعب المحكمة الاتحادية العليا، خاصة أن المزاج العام لا يتوجه لفكرة إعادة الانتخابات.

وتابعت بقولها، إن: الصورة ضبابية ولا يوجد سيناريو محدد، ويمكن أن يبقى هذا الفراغ السياسي ما يشكل خطرا كبيرا على الوضع الأمني واستقرار البلاد بما لذلك من انعكاسات سلبية على الاقتصاد ومعيشة المواطنين، في ظل التهديد القائم من قبل تنظيم داعش الإرهابي.

مدة غير كافية

وقال الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي، الدكتور عبدالكريم الوزان، إن: المستقلين لا يستطيعون تشكيل حكومة إلا بدعوة من الصدر الذي يمتلك أرضية سياسية واسعة، فضلا عن امتلاكه الكتلة الأكبر في البرلمان، وتحالفه مع السنة والأكراد.

وأضاف الوزان لـ"الدستور"، أن: المستقلين يمكن أن يشكلوا تكتل معارضة، وهذا الأفضل، لافتا إلى أن مدة الـ15 يوما التي تحدث عنها الصدر غير كافية على الإطلاق لتشكيل حكومة، خصوصا أن الشارع السياسي العراقي تعود خلال السنوات الماضية على أن هذه العملية تستغرق أشهر طويلة.

وتابع قائلا: المشكلة الحقيقية تكمن في استمرار التدخل الإيراني في الشؤون العراقية، وإصدار التوجيهات لأتباع طهران، والضغط على مناوئيها بأشكال مختلفة.

وأرجع الوزان فشل الإطار التنسيقي في تشكيل حكومة خلال 40 يوما، إلى التدخلات الإيرانية من ناحية، وانقسام مكونات الإطار التنسيقية بين منفتح ومتشدد ومتعاطف مع الصدر من ناحية أخرى، متابعا: هم متعارضون في الداخل، والسياسة في العراق اليوم صعبة ومعقدة جدا، والكل يراقب خطوات الكل.

مظاهرات حاشدة

من ناحيته، يرى المحلل السياسي العراقي محمد الفيصل، أن: المبادرة توضح وجود انغلاق سياسي عراقي، وتنبئ بعدم وجود حل قريب للأزمة القائمة، ما ينعكس على الشعب العراقي وإجراءات تشكيل الحكومة المقبلة، في ظل الخرق المتواصل للدستور بعد أزيد من 6 أشهر على إجراء الانتخابات.

وقال الفيصل لـ"الدستور"، إن: هذا السقف الزمني المفتوح لتشكيل مؤسسات الدولة خطر كبير، ويجب على الشعب اتخاذ موقف حاسم لإنهاء هذا العبث والخروج في مظاهرات حاشدة في كل المدن العراقية لإجبار الساسة على إنهاء حالة الفراغ السياسي التي تعيشها البلاد.

وأضاف أن: فشل الساسة العراقيين تسبب في أزمة تعصف بالوطن على مدار أشهر، وهذا سلوك سياسي جديد في العراق، يستوجب من النواب الذين اختارهم الشعب الدعوة لتفعيل المادة 63 من الدستور وعقد جلسة بحضور ثلثي أعضاء المجلس للتصويت على إعادة الانتخابات.

وتابع بقوله، إن: موقف الكتل السياسية السلبي تسبب في حالة من الجمود، ولم تخرج بموقف وطني عراقي يراعي مصالح الشعب والظروف التي يمر بها البلد، مؤكدا ضرورة الوصول لحل خلال هذا الشهر، وإلا سنذهب لفراغ كبير لا يمكن توقع شكله.

وأشار إلى أن الفشل السياسي العراقي لن تجدي معه مبادرات الـ40 يوما أو غيرها، فالشعب وصل لمرحلة خطيرة من فقدان الأمل في هذه الدورة من الانتخابات، والإجراءات القائمة، لافتا إلى أن الكلمة الاولى والأخيرة للشعب، لإخراج البلاد من هذه الدوامة.