جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

ثلاث لوحات قبل انتحار بوتين.. وطغاة الحرب

"الضغط على" لا "يعني الضغط على الزناد ويعني نقطة حمراء على الشاشة، حمراء حيث تفقد دماء أرواح الأبرياء". 
.. عبارة خلدتها  جلسة الأمم المتحدة، وقت التصويت على تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان بسبب جرائم القتل في بوتشا. 
سفير أوكرانيا لدى الأمم المتحدة، سيرجي كيسليتسيا، قال أيضًا: "وستبقى صورة النقاط الحمراء الملطخة بالدماء على هذه الشاشة معك ومعنا جميعًا طالما أن الذاكرة لا تخذلنا". 
أصداء هذا التصويت، أقلقت الرئيس بوتين، ودخل في اكتئاب الحرب!. 
 بوتين، يعلم تمامًا أن الحرب، لها عشرات الخطط، قد يكون منها خطط التدمير الخاطف، كما اعتمد ذلك بوتين، في عملية استعداد للانتحار عسكري/ سياسي متوقع في أي لحظة.

إنه المرض النفسي….والرجل يفكر كثيرًا.

في الدراسات النفسية والاجتماعية، لنتائج الحروب.. وكما يقول العالم "بيتر ماورير": إنه لوقت طويل كانت خدمات الدعم النفسي تعتبر أمرًا ثانويًا في أماكن الحروب. فعندما تكون الصدمات خفية يمكن إهمالها والتقليل من أهميتها بسهولة. ولكن للحروب تأثير مدمر على الحالة النفسية للملايين. حيث يمكن أن تظهر اضطرابات نفسية جديدة ويمكن أن تطفو المشاكل المخفية على السطح مرة أخرى. وللبعض قد تصبح الآثار مهددة للحياة. 
 

كل رجال بوتين، قالوا إنه المرض النفسي….والرجل يفكر كثيرًا، يقرأ نتائج  ما  صوتت  عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الخميس، من  تعليق عضوية روسيا، في مجلس حقوق الإنسان وسط غضب عالمي بشأن الفظائع التي يعتقد أن القوات الروسية ارتكبتها ضد المدنيين في أوكرانيا، بوتين يصرح بأنه دخل منذ 9 أسابيع في مهمة خاصة لتأديب الأصدقاء في أوكرانيا، وأنهم، أي الأصدقاء خدعوه، لهذا لا يعلم عن مجازر جيش روسيا إبان الغزو التأديبي إلا القليل.

 من هنا بدأ تفكير بوتين المستقبلي:
- يا الله، كم هم أوغاد هؤلاء  المسئولون الأوكرانيون ومعهم الإدارة الأمريكية  وقادة  ونخب عالميون آخرون، جميعهم نظروا إلى الحقيقة وليس إلى شاشة التصويت. 
إدانة، في الحقيقة لرئيس الجيش المحارب في العمق الأوكراني، والدولة روسيا (...)، نقطة سوداء في وثائق الأمم المتحدة، باعتبارها مسئولة عن ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا، بعد اكتشاف، على الأقل، مئات القتلى من المدنيين في ضواحي خارج كييف، ولا سيما مدينة بوتشا، وظهور الضحايا، دليل على أنه تم تقييده وقتله بالرصاص من مسافة قريبة والتعذيب. وكان من بين الضحايا نساء وأطفال وشيوخ وربما أبرياء مساكين.

مجلس حقوق الإنسان ..بداية ولع.


 بداية قانونية أممية، تخلق الولع بكل حيثيات عقوبات روسيا وبوتين، الذي وضع مستقبله السياسي بين فكي دب قطبي سيبيري، ذلك أن حالة مجلس حقوق الإنسان.(الحديث مؤسسيًا، إذ  تأسس المجلس عام 2006)، وبنى في تأسيسه آلية لتعليق عضوية أحد أعضاء المجلس "الذي يرتكب انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الإنسان"، فتعلقت رجلا بوتين على الشجرة قبل التصويت، حاول البعض النزول عن الشجرة، كان بوتين يراقب التصويت ويتعهد بالرد. 
 

 بوتين، لا يعلم أنه دخل غرفة الإعدام الذاتي، قد يربط الحبل أو يطلق الرصاصة الأخيرة.. ففي مجلس حقوق الإنسان، هناك من يقال عنهم: إنهم ينظرون إلى هذه الخطوة "على أنها إجراء نادر وغير عادي ومع ذلك، فإن تصرفات روسيا تتجاوز كل الحدود. إن روسيا لا ترتكب انتهاكات حقوق الإنسان فحسب، بل إنها تزعزع أسس السلام والأمن الدوليين".

 

*"الضغط على" لا "يعني الضغط على الزناد.

أمميًا، كان استبعاد روسيا من المجلس، حالة لها متوالياتها من الأنوار والزوابع، وهناك من أشار بالقلم الكوبيا:
"يمكن أن يكون سابقة خطيرة".

قبل/ بعد التصويت

يتوارد إعلاميًا وسياسيًا ملف، عشرات الوثائق والفيديوهات، والصور، منها وصل قبل تصويت مجلس حقوق الإنسان وغيرها يصل تباعًا، بوتين يقلب الصور، يده على المسدس! 
 

صورة لقوة الشرطة التوك آنية  تحمل جثة واحدة من ستة مدنيين - ثلاث نساء وفتاة مراهقة ورجلين تم العثور عليهم في بوتشا، بالقرب من كييف ، يوم  الثلاثاء 5 أبريل 2022.
وصورة أخرى تحفز بوتين، في تفقد مخزن رصاصات بندقية الصيد، يرى خصمه السياسي، وهو يخطط، بصفته الرئيس الأوكراني، وليس الممثل على خشبة المسرح، يعد العدة لمخاطبة أقوى هيئة تابعة للأمم المتحدة بعد ظهور المزيد من الأدلة المروعة على مذابح المدنيين في المناطق التي غادرتها القوات الروسية مؤخرًا.
 هناك من راقب أداء بوتين، قلق، اكتئاب، ليصاب بالصدمة عندما شاهد صورة منقولة من  مجلس النواب الأمريكي، الذي أقر تشريعِا، بموافقة من الحزبين، يطالب بإدارة بايدن بتفاصيل جهودها لجمع الأدلة على جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات الروسية في أوكرانيا.

عمليًا: يأتي تمرير مشروع القانون بعد أن اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية بعد مسح المذبحة في مدينة بوتشا هذا الأسبوع.

أفاد مسئولون أوكرانيون بالعثور على مئات الأشخاص مدفونين في مقابر جماعية وجثث مدنيين أُعدموا ملقاة في الشوارع.
في قبة الكونجرس الأمريكي، خلية نحل، مع  إدارة بايدن لتحديد الخطوط العريضة لعملية قيام الحكومة الأمريكية بجمع وحفظ الأدلة، على جرائم الحرب التي ارتكبت خلال الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ في أواخر فبراير. 
 وهنا قد نتوقع حركة ما من بوتين، عندما تعد الولايات المتحدة، ملفاتها لتضعها على طاولة حلف الناتو أولًا، ومن ثم  سيتطلب الأمر من إدارة بايدن تقديم تقرير إلى الكونجرس حول العملية الخاصة بمحكمة محلية أو أجنبية أو دولية إذا طلب المرء معلومات من الولايات المتحدة حول جرائم الحرب، وهذا ما قال الرئيس بايدن، إنه يجب محاكمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وهذا يتوافق مع ما قال مسئول كبير في الإدارة الأمريكية إن العقوبات يتم فرضها بالتنسيق مع الحلفاء الغربيين ردًا على "الوحشية المقززة" التي وُجدت في بوتشا.

تفكير سريالي! 
.. لو كان سلفادور دالي، في أرض المعركة، ماذا يمكن أن يرسم، بطريقته السريالية المجنحة:

*لوحة أولى:
بوتين منتحرًا، بجانبه دب قطبي ينهش الجسد المسبع بالطعنات. 
*لوحة ثانية: فرق أممية دولية ومن حلف الناتو تجول في عواصم العالم القديم والجديد، تنقل صور المجازر المتتالية لبوتين، ودموع تماسيح الغرب، دقيق دالي في رسم الدموع والساعات والمرضى. 
*لوحة ثالثة:
النار، والقنابل النووية وفقاعات المشروم الذرية، وأشباح عابرة للقارات، فيما أوكرانيا، آخر مستودع لبقايا السلاح. 
 ثلاث لوحات قبل نهاية الطغاة، فقد امتدت الحرب الروسية الأوكرانية لتزيل الأمن والسلام من عالمنا، لتبقى قرارات الأمم المتحدة، حائرة بين خزائن الأرشيف، أو وقود للحرب.