الحشمة.. الفضيلة المهملة
قبل السقوط في الخطيئة كان الانسان يعيش في حالة البراءة فلا يعرف طريق الشر.. وكان الانسان عاريا ولا يخجل من عريه.. وكان هناك انسجام بين الروح والجسد.
وبعد خطيئة أبينا آدم وأمنا حواء بأكلهما الثمرة المحرمة شعرا بأنهما عاريان، وأصبح الجسد مصدرا للشر والغواية، وحرم الانسان من نقاوة القلب وسلام النفس، تتجاذبه قوتان متناقضتان، قوة الخير وقوة الشر، وغطى آدم وحواء جسديهما بأوراق التين وكأنهما يحاولان ستر الإثم الذي اقترفاه.
وألبس الله آدم وحواء لباسا من الجلد لستر عورتهما، وحاول الإنسان في كل زمان أن يغطي جسده إلا أن هذا لا يعصمه من الخطيئة، فالله إله قلوب وهو فاحص القلوب والكلى.
فغطاء الجسد واجب وفرض بعد وصمة الخطيئة على أن يكون مصحوبا بنقاء القلب.. والعري تحدّ للخالق بعد أن أصبح الفكر الشرير يلازم الإنسان ويطارده، والعري أحد بواعث هذا الفكر لأنه وسيلة إغراء وغواية.
ومن طبيعة الأنثى أن تبرز مفاتنها لتلفت الأنظار وتثير الإعجاب، وتغلب عليها هذه النزعة فتحاول أن تتعرى سواء بكشف أجزاء من جسدها أو بارتداء ألبسة ضيقة تظهر مفاتنها، فتساير الغريزة، وتهمل وصية الله الذي ستر عريها ودعاها إلى صون كرامة جسدها الذي بالخلاص صار في المسيحية هيكل الروح القدس.. "وكذلك النساء يزين ذواتهن بلباس الحشمة مع ورع وتعقل" (1 تي 2:9).
فالحشمة واجبة ولا تدين بدونها ولن تكون بفرض زي معين أو بضغوط خارجية، بل هي اختيار عن قناعة بصيانة الجسد والحفاظ على كرامته، وهو حسب الكتاب "مسكن الله"، وكيف لمسكن الله أن يمتهن ويصير سلعة معروضة للناظرين ووسيلة إغراء وغواية؟
وقد ابتدعت الموضات الحديثة من البدع ما يشجع على كشف الجسد وعوراته، سواء بالعري أو باللجوء إلى الملابس الضيقة التي قد تكون أسوأ من العري نفسه.
وقد انتشرت هذه العادات بين الفتيات بدعوى الحداثة ومسايرة العصر، وكثيرا ما تكون مرتديات هذا النوع من اللباس من المسيحيات.
ولكن هذا لا يعفي الفتاة المسيحية أو المسلمة من الالتزام بقيم الحشمة والوقار التي تحفظ لجسد المرأة كرامته.
وندعو من هذا المنبر الكنائس والجمعيات المسيحية إلى الدعوة إلى الحشمة كجزء من التدين، فبدونها يكون التدين ظاهريا وليس أصيلا.. والحشمة تنبع من قناعة الفرد بما علم الكتاب بأن الجسد مسكن الله، فكيف لمسكن الله أن يمتهن ويهان.. "أما تعلمون أن أجسادكم هي هيكل الروح القدس.. فمجدوا الله في أجسادكم".. "أما تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح؟ أفآخذ أعضاء المسيح وأجعل منها أعضاء بغي؟ معاذالله".. هذا هو تعليم المسيحية عن الحشمة، وقد أقر الإسلام الحشمة كفرض ديني أوصى به حماية للأخلاق ودرءا للفتنة.
والدعوة موجهة إلى فتياتنا للتحلي بالحشمة حماية للأخلاق وحفاظا على كرامة أجسادهن.