جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

أستاذ بالأزهر يحذر الشباب من خوارج العصر ويكشف عن صفاتهم

د. محمد إبراهيم العشماوي...
د. محمد إبراهيم العشماوي... أستاذ الحديث بالازهر الشريف

قال الدكتور محمد إبراهيم العشماوي، أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر، إنه يجب على شباب الأمة أن لا ينخدعوا في خوارج العصر من أتباع الجماعات المتشددة والمتطرفة التي ظهرت في العديد من المجتمعات. 

وأضاف العشماوي عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: أن نُعيم بن حماد، روي في (الفتن) من حديث سيدنا علي رضي الله عنه قال: "ثُمَّ يَظْهَرُ قَوْمٌ ضُعَفَاءُ لا يُؤْبَهُ لَهُمْ، قُلُوبُهُمْ كَزُبَرِ الْحَدِيدِ، هُمْ أَصْحَابُ الدَّوْلَةِ، لا يَفُونَ بِعَهْدٍ وَلا مِيثَاقٍ، يَدْعُونَ إِلَى الْحَقِّ وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهِ، أَسْمَاؤُهُمُ الْكُنَى، وَنِسْبَتُهُمُ الْقُرَى، وَشُعُورُهُمْ مُرْخَاةٌ كَشُعُورِ النِّسَاءِ، حَتَّى يَخْتَلِفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْحَقَّ مَنْ يَشَاءُ".

وتابع: هذا جزء من حديث رواه نُعَيْم بن حماد في (الفتن)، من حديث سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قوله، وهو حديث ضعيف، ومع هذا فليس في العقائد ولا في الأحكام، فيؤخذ به على مذهبنا ومذهب الجماهير، خلافا للنابتة خوارج العصر، لا سيما وأن له شواهد كثيرة، والواقع يؤيده.

واستكمل: وهو - فيما نرى - ينطبق عليهم، فهم ضعفاء العقل، ضعفاء الرأي، لا يؤبه لهم من جمهور المسلمين، لشذوذهم وانفرادهم عنهم، قلوبهم كقطع الحديد من القسوة، ومع هذا تكون لهم دولة، فتنة واختبارا، ولا عهد لهم ولا ميثاق، وإن عملوا مراجعات، وظنوا أنهم قد تابوا من الباطل، يتلونون تلون الحرباء، يدْعون إلى الحق ولا يتبعونه، يغلب عليهم استعمال الكنى، والانتساب إلى القرى، حتى تخفى أسماؤهم وأنسابهم الحقيقية، وهذا السلوك يدل على الغموض الذي يكتنفهم ويكتنف دعوتهم، وشعورهم طويلة مرخاة كشعور النساء، ويقع الاختلاف بين طوائفهم، حتى يكفر بعضهم بعضا، ويلعن بعضهم بعضا، ثم يظهر الله دينه، فيؤتي الحق من يشاء، وينزعه من هؤلاء!

وأشار أستاذ الحديث: روى البخاري في (صحيحه) من حديث سيدِنا أبي سعيد الخدري مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يَخْرُجُ ناسٌ مِن قِبَلِ المَشْرِقِ، ويَقْرَؤُونَ القُرْآنَ لا يُجاوِزُ تَراقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كما يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لا يَعُودُونَ فيه حتَّى يَعُودَ السَّهْمُ إلى فُوقِهِ، قيلَ ما سِيماهُمْ؟ قالَ: سِيماهُمُ التَّحْلِيقُ - أوْ قالَ: التَّسْبِيدُ".

وأردف: وصف موضع خروجهم، وهو جهة المشرق، وأول ظهور الخوارج كان في العراق، وهي في جهة المشرق، ثم ظهروا في نجد من الجزيرة العربية، وهي أيضا في جهة المشرق، ومنها يخرج قرن الشيطان كما وصفه سيد ولد عدنان في حديث آخر، وأن فيها الزلازل والفتن، وبأنهم يقرؤون القرآن، لكن بألسنتهم، ولا يخرج من قلوبهم، ولا يؤثر فيها، وأنهم على الرغم من هذا يمرقون من الدين بقوة، كقوة خروج السهم من الرميّة، وأن من علاماتهم تحليق رؤوسهم - كما نشاهده من بعضهم ظاهرا جليا.

وذكر: كما روى أحمد والترمذي وابن ماجه - واللفظ له - وصححه شيخهم الألباني - من حديث سيدنا علي بن أبي طالب مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "يخرُجُ في آخرِ الزَّمانِ قومٌ أحداثُ الأسنانِ، سُفَهاءُ الأحلامِ، يقولونَ مِن خيرِ قَولِ النَّاسِ، يقرءونَ القرآنَ، لا يجاوزُ تراقيَهُم، يمرُقونَ منَ الإسلامِ كما يَمرُقُ السَّهمُ منَ الرَّميَّةِ، فمَن لقيَهُم فليقتُلهم؛ فإنَّ قتلَهُم أجرٌ عندَ اللَّهِ لمن قتلَهُم"،وفي رواية الصحيحين: "يقتلون أهل الإسلام، ويدَعون أهل الأوثان"، وهذه الأوصاف ظاهرة فيهم جدا؛ فإن أغلبهم شباب صغير، مغرور، أحمق، ضعيف العقل، سفيه الرأي، كلما تكلم أحدث فتنة بكلامه لصغر سنه، وضعف عقله، وأن كلامهم يعجب ويطرب ويؤثر في الناس؛ لكونه من خير الكلام، لكنهم أبعد ما يكون عنه، وأنهم يمرقون من الإسلام مع أنهم يدْعون إلى الإسلام، وذلك بسبب خبيئة السوء التي في قلوبهم، وعدم صلاحيتهم لحمل دعوة الإسلام المباركة التي لا تناسب طبائعهم، وأن الأمر بقتلهم إنما هو لإراحة الناس من شرهم وفتنتهم؛ ولأنهم حرب على الإسلام وأهله، وأعداءُ الإسلام في راحة منهم.

واختتم العشماوي حديثه محذرا الشباب: “ولا يلتبسنَّ عليك وصفهم بإرخاء الشعور تارة، وبالتحليق أخرى، فمنهم من يفعل هذا، ومنهم من يفعل هذا، فاحذروا أيها الشباب أن تكونوا من أهل هذه الصفات المذكورة، ومن وجد في نفسه شيئا منها، فليجهد نفسه في الانخلاع منها، وكونوا مع جماعة المسلمين، ولا تكونوا أذنابا لرؤوس الفتنة، ولا عونا للشيطان على دينكم ولا على أنفسكم ولا على أوطانكم ولا على أمتكم، والله يتولى هدانا وهداكم”.