جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

انطلاق فعاليات الندوة الإقليمية لعرض نتائج مشروع «حقوق المرأة في أحكام القضاء»

جانب من فعاليات اليوم
جانب من فعاليات اليوم

انطلقت صباح اليوم الأربعاء، فعاليات الندوة الإقليمية لعرض نتائج المرحلة الثانية من مشروع "حقوق المرأة الإنسانية علامات مضيئة في أحكام القضاء العربي"، الذي تنفذه منظمة المرأة العربية بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة وسفارة اليابان بالقاهرة وتستمر الندوة التي تُعقد عبر تقنية “زووم” لمدة يومين.

ووجهت الدكتورة فاديا كيوان المديرة العامة للمنظمة بالحضور الكريم، التحية لـ سوزان ميخائيل المديرة الإقليمية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة للدول العربية، والسفير الياباني بالقاهرة شركاء المنظمة في تنفيذ المشروع.

كما وجهت التحية لضيفة الافتتاح مستورة بنت عبيد الشمري رئيسة لجنة الشؤون الاجتماعية والتربوية والثقافية والمرأة والشباب في البرلمان العربي الذي يتعاون مع المنظمة في مشروعات ذات صلة بالمرأة والتشريع، ووجهت الدكتورة كيوان التحية إلى سعادة السيد عادل عبد الرحمن العسومي رئيس البرلمان العربي.

كذلك رحبت بالقضاة المشاركين في المشروع من كل من الأردن وتونس والعراق والجزائر وفلسطين ومصر وسلطنة عمان وموريتانيا وليبيا والمغرب ورحبت بالقضاة/القاضيات والخبراء/الخبيرات رؤساء جلسات العمل ووجهت خالص الشكر للقاضية سامية دولة المنسقة الرئيسية للمشروع.

وقالت إن المنظمة منفتحة على جميع الدول العربية، فهي معنية بطرح قضايا المرأة بطريقة تبين أنها قضايا عامة وغير فئوية إنما تهم المجتمع بالكامل وليست بمعزل عن سائر القضايا المجتمعية ذات الأهمية.

ولفتت إلى أن حقيقة معظم قضايا المرأة قضايا حقوقية وأن الإرادة السياسية في الدول العربية هي الفاعل الأهم في الدفع نحو تعزيز وحماية حقوق المرأة، مضيفة أن ذلك لا يصادر على الدور الذي لعبه المجتمع المدني لصالح المرأة ومن ذلك على سبيل المثال الموقف المشرف للمجتمع المدني في تونس والمغرب ومصر .

وشددت على أهمية الإطار التشريعي لضمان حقوق المرأة مشيرة إلى المشكلة تكمن غالبا في تنفيذ الأطر التشريعية وتحويلها إلى واقع، لافتة إلى أن مقاومة التشريعات تأتي أحيانا من بعض المواطنين مما يحتم العمل على توعيتهم ورفع المستوى التعليمي للانسجام مع الارادة السياسية وقرارتها التقدمية، مؤكدة على الدور المحوري للقضاة من الجنسين في تنفيذ الأطر التشريعية بل وتطويرها لصالح دعم حقوق المرأة على أرض الواقع.

وأشارت المديرة العامة للمنظمة إلى أن التعاون القائم والبناء مع البرلمان العربي بخصوص إعداد مشروع قانون استرشادي لمعالجة كافة أشكال العنف ضد النساء والفتيات يستهدف تحقيق نقلة نوعية في مجال التشريعات الخاصة بمناهضة العنف ضد النساء عربيا. 

وأشارت إلى أن هذا العمل يعتبر المرحلة الثانية والمكملة للمرحلة الأولى من المشروع ويغطي 10 سنوات (الفترة 2010 الى 2020) في حين غطت المرحلة الأولى 20 عاما في الفترة 1990-2010.

وأشادت كيوان، بموضوع الندوة والمشروع برمته وفكرته الرائدة مؤكدة أهمية الدور الذي يقوم به القضاة من الجنسين في دعم حقوق المرأة ومعتبرة أن الندوة الراهنة بما تضمه من قضاة وخبراء من الجنسين تمثل فرصة رائعة لمناقشة سائر المسائل المتعلقة بتشريعات المرأة ودور القضاء العربي في مكافحة سائر أشكال التمييز في المجتمع .

وأبرزت ثلاث نقاط أولها أهمية مشاركة المرأة على قدم المساواة في عملية صنع القرار بسائر مستوياتها، وثانيها تعزيز الوعي العام بالقضايا الحاسمة للمرأة وثالثها زيادة دمج المنظور الذي يراعي النساء والنوع الاجتماعي في المجتمع بكافة مؤسساته.

ولفتت إلى أن الجهود المبذولة عربيا للتخفيف من الآثار الناجمة عن جائحة “كوفيد 19” ومنها جهود الشرطة القضائية من خلال تنفيذ إجراءاتها بطريقة إلكترونية وكذلك التدابير التي اتخذت (الخطوط الساخنة) للاستماع إلى شكاوى النساء لاسيما اللائي تعرضن للعنف.

واختتمت حديثها بالإشادة بارتفاع معدلات مشاركة المرأة في المجالات المختلفة لافتة إلى ارتفاع مشاركة المرأة في مجال القضاء في عدد من الدول العربية ففي عام 2018 مثلا، مثلت القاضيات نسبة 50 % من إجمالي القضاة في لبنان، كما لفتت سيادتها الى التطور الأخير التي قامت به مصر في عهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حيث أدت 98 قاضية اليمين للانضمام إلى مجلس الدولة في خطوة تاريخية.

أما الدكتورة مستورة بنت عبيد الشمري، رئيسة لجنة الشؤون الاجتماعية والتربوية والثقافية والمرأة والشباب في البرلمان العربي فقد استهلت كلمتها بتوجيه الشكر إلى منظمة المرأة العربية وإلى جميع المشاركين في هذا الندوة.

كما أشادت بدور القضاء العربي في نصرة حقوق المرأة الإنسانية مؤكدة أن القضاء المنصف العادل هو ركن أساسي في دولة القانون والحكم الرشيد.  وشددت على أهمية  العمل على إبراز العلامات المضيئة سواء في أحكام القضاء أو في أي ممارسات لسلطات الدول العربية التشريعية والتنفيذية للاستفادة منها والبناء عليها في ظل حجم التحديات التي تواجهها المرأة والتي تزداد يوم بعد يوم لاسيما بعد الأزمات التي تعرضت لها، والتغيرات التي طرأت على بعض الدول العربية، والحروب والنزاعات المسلحة، والجرائم المرتكبة بحق المرأة الفلسطينية من قوات الاحتلال الاسرائيلي، والظروف القاسية التي تعانيها المرأة اليمنية، لافتة إلى ارتفاع حالات اللجوء والنزوح والفقر والتشرد التي تمثل النساء نسبة كبيرة منها بالإضافة إلى جائحة كورونا التي ساهمت في زيادة الأعباء التي تقع على عاتق المرأة والتحديات التي تواجهها.

وأضافت أن البرلمان العربي هو مؤسسة تشريعية  تعمل في إطار جامعة الدول العربية وهو بصفته تلك يضع دعم وتمكين المرأة العربية في مقدمة أولوياته وينظر إلى المرأة كركيزة أساس في بناء الديمقراطية وركن أصيل في مفهوم دولة القانون، مشيرة إلى قيام البرلمان بإعداد الوثيقة العربية لحقوق المرأة .

وأشادت بتعاون البرلمان العربي مع منظمة المرأة العربية في إعداد مشروع القانون الاسترشادي العربي لمكافحة العنف ضد المرأة بمشاركة الوزارات المعنية والآليات الوطنية المعنية بالمرأة وممثلي البرلمان العربي .

وفي كلمة القاضية سامية دولة، المنسقة الرئيسية لمشروع "حقوق المرأة الإنسانية: علامات مُضيئة في أحكام القضاء العربي" (2010-2020) ، قدمت سيادتها جزيل الشكر لمنظمة المرأة العربية على تنظيم هذه الندوة وثمنت الدور الذي تقوم به المنظمة في مجال دعم وتعزيز حقوق المرأة، مشيرة إلى أن المشروع موضوع الندوة هو نموذج رائد في تخصصه على مستوى البحوث العربية، وأنه يتميز بالاستدامة التي تؤدي بدورها إلى التراكم المعرفي إذ هو ممتد ليغطي فترة ثلاثة عقود.

 

واستعرضت القاضية سامية الأهداف المنشودة من المشروع والتي تمثلت في رصد الأحكام المكرسة لأفضل الممارسات القضائية ذات الصلة بحماية حقوق المرأة الإنسانية في الدول العربية الأعضاء بمنظمة المرأة العربية، وحفز المبادرة لدى القضاة العرب لابتكار اجتهادات قضائية جديدة مستجيبة لمتطلبات إنصاف المرأة العربية في التمتع بحقوقها، بالإضافة إلى حث القضاة على إعادة تطبيق تلك الاجتهادات القضائية المُضيئة كلما تماثلت الوقائع في القضايا المعروضة لاحقاً عليهم، وكذلك تعزيز النشر الدوري الإلكتروني لفقه القضاء العربي المُناصر لحقوق المرأة الإنسانية، وزيادة الوعي بحقوق المرأة الإنسانية لدى المسؤولين عن إنفاذ القانون والأجهزة القضائية، وحث كل من الباحثين والحقوقيين على دراسة وتحليل الأحكام القضائية ذات الصلة بحقوق المرأة الإنسانية من منطلق حقوقي، وكذا تقليص الفجوة بين أحكام التشريع المتصلة بحقوق المرأة الإنسانية وواقع تطبيقه من قبل القضاء العربي، ونشر ثقافة حقوق المرأة الإنسانية على أوسع نطاق باستعمال التكنولوچيات الحديثة للاتصال. 

وأوضحت أنه شارك في تنفيذ هذا المشروع 11 دولة عربية هي: “الأردن - تونس - الجزائر - العراق - ليبيا - عمان - فلسطين - لبنان - مصر - المغرب – موريتانيا”.

وأعربت الدكتورة سلمي النمس- الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة وعضوة المجلس التنفيذي لمنظمة المرأة العربية، عن شكرها للمنظمة ولمديرتها العامة على المبادرة المتميزة واختيارها لموضوعات وقضايا تواكب التطور الذي يحدث لتعزيز حقوق المرأة  ورصد آثار ذلك على مستوى المجتمعات العربية، مؤكدة الحاجة إلى وجود مرجعية عربية واحدة للعمل المعني بقضايا المرأة مما يدعم العمل الوطني في هذا الميدان، فضلا عن تيسير الاستفادة من مختلف التجارب والخبرات في الدول العربية .

وأكدت أن القضاة هم ضمير الأمة وروح العدالة وهم زارعوا القيم النبيلة، وهم أحيانا سابقون للقوانين والتشريعات في دعم الحقوق، فضلا عن دورهم الأساسي في صياغة التشريعات بما لهم من رؤية عملية وعميقة في مثل هذه الأمور . لافتة إلى أن تعديلات قانون الأحوال الشخصية في الأردن تضمنت الحوار مع القضاء الشرعي .

وثمنت دور هيئة الأمم المتحدة ومساندتها لقضايا المرأة العربية خاصة دورها في مجال بناء القدرات.

وحذرت من أن المجتمعات العربية تواجه ردة حيث هناك اتجاهات تريد الدفع بالنساء للخلف، مما يضاعف الحاجة للعمل على تعزيز الاتجاهات الإيجابية حول المرأة لدى القضاة بما لهم من تأثير مجتمعي كبير. مؤكدة أنه جهد لابد أن يتم على عدة مستويات بداية من المدارس وصولا إلى مستوى المعاهد القضائية والتي يجب أن تؤكد على هذا الخطاب الحقوقي الذي لا ينصاع إلى الضغوط الرجعية.