جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

لماذا يلتزم المصريون أكثر .. في الخارج؟!

سؤال كان يفرض نفسه حين تسافر إلى دولة ما يطبق فيها القانون بصرامة، وتجد المصريون أكثر التزاماً من غيرهم؟

وهذا ليس تقييما جزافياً على الإطلاق، خصوصاً فيما يتعلق بقوانين المرور، إذ نُعرف في الخارج بأننا من الجاليات الأكثر التزاماً بالقانون، تجنباً لارتكاب المخالفات وتكبد الغرامات أو الوقوع في مشكلات ما؟

وكان السؤال الذي يتردد دائماً، لماذا لا يلتزم معظمنا بالمثل حين نكون في بلادنا؟

لماذا نقود بتهور، ولا نبالي كثيراً بآداب السير مثل احترام المشاة وإعطائهم أولوية العبور، أو السير في الحارات المخصصة لنمط القيادة سواء البطيئة أو السريعة، وعدم الانحراف المفاجئ، أو تهديد سلامة الآخرين وأمنهم؟!

ظل هذا السؤال يتردد لسنوات، ولم أجد له سوى إجابة واحدة، تأكدت صحتها في الفترة الأخيرة، وهي "عدم تطبيق القانون بشكل متساو على الجميع"!

لقد عانينا لسنوات طويلة من هذا التمييز في تطبيق قانون المرور تحديداً، ويجب أن نقر بذلك، فهناك فئات بعينها كانت فوق القانون، ومهما ارتكب أصحابها من مخالفات، لا يبالون لأنها تلغى عند التجديد سواء لطبيعة مهنهم أو لعلاقاتهم بآخرين نافذين ذوى صلة!

لكن اختلف الوضع الآن إلى حد كبير، وقابلت لأول مرة أشخاصاً كان من المستحيل أن يدفعوا مخالفاتهم من قبل، وجدتهم يسددون مخالفاتهم بكل سلاسة دون نقاش، ما أثار فضولي ودفعني إلى السؤال عما تغير؟!

وكانت الإجابة حاسمة وقاطعة، وهي أن نظام المخالفات صار إلكترونياً، وقلت احتمالات التدخل البشري فيه، ولم يعد هناك أحد فوق القانون!

بغض النظر عن درجة وصولنا إلى درجة الكمال في هذا الجانب، إلا أن هذا تطور بالغ الأهمية، ولا يلمس ذلك سوى المقيمين في دول تطبق فيها قوانين المرور بصرامة، لأن هذا أهم عوامل ردع المستهترين والسائقين الخطرين، وبالتالي تقليل مؤشر الحوادث والوفيات المرورية.

لقد قطعت مصر شوطاً مبهراً خلال السنوات الأخيرة في تطوير بنيتها التحتية، وصار لدينا شبكة طرق تضاهي الموجودة في أكثر دول العالم تقدماً، لذا لم يعد متبقياً سوى القيادة الملتزمة لتقليل الأخطاء البشرية، وهذا لن يتحقق إلا بتطبيق القانون بعدالة على الجميع، كما نفعل الآن.

إن المصريين ملتزمون في الخارج، لإدراكهم أن القانون لا يميز بين غني وفقير، أو مسؤول وبسيط، وأصبحوا أكثر التزاماً الآن في بلادهم لقناعتهم بأن شيئاً تغير، والعدالة تفرض نفسها.

بلادنا جميلة، وها هي تسترد عافيتها وشبابها بفضل جهود مخلصة لإعادتها إلى مكانتها الطبيعية بين الدول.

  • محام بالنقض – مستشار قانوني أول بدبي