جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

حليب السلاحف

لم اتألم لهزيمة الفريق الجزائري الاول لكرة القدم (محاربو الصحراء) قدر تألمي لسقوط الوعي الجمعي للإعلام والصحافة الجزائرية.

وأجزم أن ما تفعله تلك الصحافة العبثية أضرت بالشعب الجزائري الشقيق أكثر بمراحل من ضرر الاحتلال الفرنسي للجزائر طيلة أعوام الاحتلال البغيض.

في بطوله الأمم الإفريقية لكرة القدم عام ٢٠١٩ التي أقيمت بالقاهرة كان هناك رجل يحمل زجاجة مياه ويقوم برشها في الملعب بعد أن يقرأ عليها بعض التعاويذ، وهو ما يسمي بال"رقية" لفك السحر الإفريقي من أجل أن تفوز الجزائر بالبطولة.

وتكرر ذلك أيضًا في البطولة العربية التي أقيمت في قطر .. ومن مبدأ كذب المنجمون ولو صدفوا تصادف فوز الفريق الجزائري بالبطولتين.
ومنذ بدأت بطولة الأمم الإفريقية هذا العام في الكاميرون والإعلام والصحافة الجزائرية، وحتي الاستديوهات التحليلية وآراء رجل الشارع   هناك لا شاغل لهم إلا بالحديث عن السحر الإفريقي الأسود المتربص بالفريق الجزائري بإجماع منقطع النظير.. إحدي كبريات الصحف الجزائرية تصدرت صفحتها الأولي، لنشر حديث مع سيدة محدودة الثقافة تؤكد أن الأفارقة سقوا الفريق الجزائري حليب السلاحف لذلك نزلوا الملعب ببطء السلحفاء.. ولم يدرك الصحفي أو رئيس التحرير المبجل أن السلاحف ليست من الثدييات وأنها تبيض وليس لديها ضرع لإنزال الحليب.
مأساة أخري.. أحد الدجالين في فرنسا ادعي أنه قادر علي فك السحر الأسود بالرقية، وطلب من حكومه الجزائر أن تستخرج له جواز السفر وترسل له تذاكر الطيران للكاميرون.. وبالفعل قامت الحكومة بعمل كل الترتيبات لسفره والتحق بالفريق، وقام بعمليات مس علي بطونهم ورءوسهم قبل مباراة الفريق مع كوت ديفوار.
لكنني رغم حزني أحمد الله أن الفريق الجزائري لقي هزيمة مذلة وإلا كان هذا الدجال أصبح معبودًا لكافة أبناء الشعب.. وأتمني من الله أن يفيق الشعب الجزائري من وهم السحر والشعوذة وأن يرجع لإيمانه بالله العلي القدير، وأن يعلم أن مباريات الكرة رياضة تسمو بها الروح، والمكسب وارد والهزيمة واردة، وأن يعود الوعي المغيب لما هو أهم، وينضم لأشقائه العرب بعد أن يتخلص من الخزعبلات وتيارات وفكر الجماعات الإرهابية.