جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

تطوير وتنمية المجتمع إنتاجيًا وثقافيًا

 هذا العنوان هو عنوان الندوة التى نظمتها مديرية ثقافة القاهرة بالهيئة العامة لقصور الثقافة فى النصف الثانى من شهر يناير 2022، وذلك فى قصر ثقافة مصر الجديدة.

ودار الحوار والنقاش حول أهمية توفير فرص العمل وتدريب الشباب والشابات على المهن والحرف وفقا لمهاراتهم وقدراتهم، وأيضا تشجيع الشباب على عمل مشروعات صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر، مع مساعدة الدولة لأصحاب المشروعات فى التمويل والتدريب والتسويق.

كما كانت هناك المقترحات الخاصة بالعمل على محو الأمية، مع نشر التوعية الثقافية فى كل القضايا المجتمعية، وتعريف الإنسان بحقوقه وواجباته، مع نشر ثقافة التنوير والاهتمام بتنمية القدرات والمواهب الأدبية والفنية، هذا بجانب مطالبة الحضور من السيدات والفتيات بأن يتحمل الإعلام بجمع أشكاله، المقروءة والمسموعة والمرئية، مسئولياته ببث برامج توعوية وتنويرية لمواجهة الأفكار المتشددة والمتطرفة، مع الحرص على عرض المسلسلات التى تقدم النماذج المشرفة والناجحة من الرواد الأوائل، مع إعادة ترسيخ منظومة القيم التى تقوم على المواطنة والمساواة وقبول الآخر وعدم التمييز ضد المرأة. 

إذا كان جناح التنمية الإنتاجية يشمل التوسع فى مجالات الإنتاج فى الصناعة والزراعة والتجارة مع توفير البنية التحتية فى الطرق والنقل والمواصلات والاتصالات الملائمة والمواكبة والمتوازية مع الطفرة الإنتاجية، بجانب النهوض بمجالات السياحة بأشكالها المتعددة «السياحة الثقافية، والعلاجية، والترفيهية، وسياحة المؤتمرات»، فالجناح الثانى المكمل له هو تنمية الموارد البشرية عبر الاهتمام وتطوير وتنمية الخدمات الصحية والتعليمية والثقافية، وتنمية المهارات والمواهب الفنية والرياضية، والتدريب والتأهيل المستمر للأعمال والوظائف والمهن فى سوق العمل.

وأحب أن أؤكد أن المجتمعات تنهض وتتقدم عبر التشارك بين الحكومة ومؤسسات الدولة من جهة، ومنظمات المجتمع المدنى بكافة أشكالها «تنموية وحقوقية وثقافية وتوعوية وسياسية من أحزاب وجمعيات أهلية ومراكز ونقابات» من جهة أخرى. 

ولكى يشارك كل أبناء المجتمع فى مجالات التنمية بكافة أشكالها لا بد من نشر التوعية بأهمية ما يعرف بـ"ثقافة العمل التطوعى"، فثقافة التطوع هى منظومة القيم والمبادئ والأخلاقيات والمعايير والرموز والممارسات التى تحض على المبادرة بعمل الخير الذى يتعدى نفعه إلى الغير إما بدرء مفسدة أو بجلب منفعة تطوعا من غير إلزام ودون إكراه، وعلى الدولة بكافة مؤسساتها الاهتمام بنشر ثقافة العمل التطوعى فى رياض الأطفال والمدارس والجامعات، وقصور وبيوت الهيئة العامة لقصور الثقافة، ومراكز الشباب، والمؤسسات الدينية المسيحية والإسلامية، وكافة الوسائل الإعلامية المسموعة والمرئية والمقروءة.

ولأهمية تنمية ثروتنا البشرية وبناء الإنسان المصرى الواعى الإيجابى أود أن أثمّن مبادرة وزارة الثقافة ببرنامج ثقافى فنى لبناء وعى الإنسان ضمن مبادرة «حياة كريمة» لتطوير قرى الريف المصرى، حيث شاركت الوزارة عبر عدد من مؤسساتها ببرنامج ثقافى شامل ومستمر فى جميع محافظات مصر، واشتركت فى تنفيذ هذه المبادرة العديد من النوافذ الثقافية وعلى رأسها الهيئة العامة لقصور الثقافة، وكانت لإدارة المرأة نشاط ملحوظ فى عمل ورش حرفية فنية متنوعة للسيدات والفتيات فى القرى "ورشة الحلى، وورشة شنط من شرائط الستان، وورشة عجائن السيراميك، وورشة السجاد والخيامية"، هذا بجانب محاضرات وحوارات التوعية بالقضايا المجتمعية وقضايا المرأة والقضايا الصحية وخطورة الإدمان، والحفاظ على المياه وعدم إهدارها.

إن الورش الحرفية التى تعلم المرأة والفتيات والشباب عددا من الحرف تسهم فى اتقان مهارات تُمكِّن من العمل وتحسين دخل الأسرة، هذا بجانب التوسع فى القروض للسيدات والرجال للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وذلك للقضاء على البطالة، وتحسين الدخل، وتقليل نسبة الفقر فى مجتمعنا والتى وصلت وفقا للإحصاءات الرسمية إلى 29,7% من السكان، هذا غير الفقر المدقع الذى تصل نسبته لـ5%

إننا نتمنى فى العام الجديد، والذى أطلق عليه رئيس الدولة "عام 2022 عاما للمجتمع المدنى"، أن يتم تقديم التسهيلات لمزيد من المشاركة بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى لخير بناء بلدنا إنتاجيا وبشريا، ومن أجل الخير والاستقرار والرخاء والنهضة والتقدم.