جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

هل حقًا كورونا أخطر الأمراض؟

هناك أمراض تصيب الجسد، وما أكثرها، عافاكم الله وحماكم، آخرها فيروس كورونا الشَّرس. لكن هناك أمراضًا أشد فَتكا منه، لأنَّها تُصيب النَّفس والرُّوح. ومع الأسف، قلَّما نعي ذلك، أو نتحرَّك لنُعالَج أو نتحصَّن منها، مثل فيروس "الكبرياء". ما هو الكبرياء؟ وما ملامح المتكبِّر؟ وما مخاطر الكبرياء؟ وهل مِن علاج؟

نستخدم في حياتنا اليوميَّة مُرادفات كثيرة تعطي المعنى نفسه تقريبًا، مثل: عجرفة، غطرسة، غرور، تعالي، عُجْب بالنَّفس، نرجسيَّة. الكبرياء تصوُّر ذهني خاطئ عن النَّفس، يجعل الفرد يعتقد أنَّه فوق الجميع، وأحسن الكلّ. فيحتقر غيره ويُقلِّل من شأنه وشأن عمله. هذا التَّصوُّر مفسدة حقيقيَّة للعلاقات على كل المستويات، كما سنرى.

ملامح المتكبِّر/ أعراض مرض الكبرياء:

لابدَّ أولاً أن نميِّز بين الكبرياء كمرض روحي خطير، وبين تقدير الذَّات واحترام النَّفس والشُّعور المتَّزن بالعزَّة والكرامة. ونميِّز بين المتكبِّر الواضح والمتكبِّر الخفي. هناك متكبِّر تفوح منه رائحة الكِبْر بشكل واضح مُستفِزٍّ، فينفر الناس منه ويكرهونه بسرعة، ولا يتعاملون معه إلاَّ لأنهم يحتاجون إلى خدماته، أو لأنَّه رئيسهم في العمل أو صاحبه. وهناك متكبِّر مُتخفٍ في ثياب التَّواضع، يشعر في أعماقه بأنَّه أفضل الكل، لكن لا يُظهِر ذلك، محاولاً ضبط مشاعره بالتَّفوُّق لأقصى درجة. هذه بعض أعراض مرض الكبرياء "ملامح المتكبُّر" حتَّى نحذر منها:

- يرى نفسه كبيرًا، بسبب بعض ما لديه من مواهب وقدرات، وأحسن وأعظم من الكلّ، فيحتقرهم ويعاملهم على أنَّهم أقلّ منه.
- يرفض قبول الحقّ رغم وضوحه، من باب العناد والرَّغبة في إثبات ذاته، وخوفًا من ظهوره على حقيقته.
- يميل دومًا لفرض رأيه، فلديه رغبة دفينة في السَّيطرة، فيتعامل بفوقيَّة في البيت والعمل.
- يعتقد دائمًا أنه على صواب، وغيره على خطأ، فلا يقبل رأيا ولا فكرا يخالفه "متعصِّب".
- حسَّاس للغاية، لذلك يُجرح بسهولة ولأبسط الإساءات، ويثور لأتفه الأسباب.
- صانع مشاكل أينما وجد، والتَّعامل معه صعب، لذلك فهو مُنفِّر لمن حوله.
- يرفض ظهور أحد بجواره، شعاره "أنا وبس"، ناسيًا أن القمَّة تتَّسع لكثيرين.
- لا يعترف بخطئه، ولا يغفر لمن أساء إليه، فتفسَد علاقاته بالله، ونفسه، والآخرين.
- معظم أحاديثه منصبَّة حول نفسه، يُظهر محاسِنه ويُفخِّم إنجازاته، ولا يذكر اسمه إلاَّ مسبوقًا بالألقاب الدَّالة على التَّفخيم والتَّعظيم. أمَّا أحاديثه عن الآخرين فهي قليلة مُهينة،  تقلِّل من شأنهم. وأمَّا أحاديثه لمن معه جافَّة مقتضبة، يغلب عليها الطَّابع السَّلبي، ولا يُصغِ لمحدِّثيه ولا يعيرهم اهتمامًا.
- لا يرى أخطاءه، بل دومًا يلتمس المُبررات والأعذار لنفسه، حتى لاينكشف أمره. ويعتقد في نفسه أنَّه أذكى وأغنى النَّاس، بينما هو في حقيقته فقير ومعوز.
- إن كنت مُصابًا بالكِبر وتعلَم ذلك، فتلك مصيبة، وإن كنت مُصابًا به ولا تعلم، فراجع المؤشرات السَّابقة.