جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

"حلم جميل" في قنا



ضمن مشروع المواجهة والتجوال الذي يتبناه البيت الفني للمسرح؛ تم عرض مسرحية "حلم جميل" على قصر ثقافة قنا من 4: 8 يناير، المسرحية عن رائعة تشارلي شابلن، بطولة سامح حسين وسارة درزاوي وعزت زين وجلال الهجرسي وناجح نعيم ورشا فؤاد ونخبة من شباب المسرح الكوميدي والراقصين الشعبيين الملهمين.
المسرحية دراماتورج طارق رمضان، مشاركة في التأليف سلمى الطاهر، ديكور حازم شبل، ملابس الراحلة العظيمة نعيمة عجمي، موسيقى هشام جبر، أشعار طارق على، استعراضات ضياء شفيق، إضاءة أبو بكر الشريف، مخرج منفذ صفوت حجازي، ومن إخراج إسلام إمام.
العرض غنائي موسيقي استعراضي، يدور حول الصعلوك الظريف "جميل" الذي يرتبط عاطفيا، في تجواله العبثي، ببائعة الورد العمياء "حلم"، وتتوحد أمنياتهما، كذلك يصطدم بثري يائس، ويتعارفان فينتقل الصعلوك ومعيته إلى العيش مع الثري، وهكذا تظهر الفوارق الطبقية بين الفريقين، ومن بينها الفوارق الفكرية والسلوكية، لكن مع الوقت تجري علاقة تكاملية ما، وتنكشف دلالة اسم العمل المؤلف من اندماج اسمي الحبيبين (الصعلوك وبائعة الورد)..
العرض، بالإجمال، جيد وحميم، برز النجم سامح حسين من خلاله بروزا عزز مكانته الرفيعة عند جمهوره، بل أضاف لنفسه جمهورا جديدا، أكسبه شعبية على شعبيته.. سارة، المعروفة بتجاربها في نطاق مسرح مصر، يمكن اعتبار العرض انطلاقتها الحقيقية؛ فدور العمياء لم يكن بسيطا، لكنها ذات حضور متميز واثق، وصوتها علامة، وقدرتها على التحكم بانفعالاتها عالية..
ظهور أخاذ للفنان الكبير المدهش عزت زين، المخرج المسرحي بالأساس، الذي لعب شخصية الثري السكير المحبط، الدور الموازي لدور البطل، وليس بالدور السهل، لكنه نفذ إلى عمقه بسلاسة.
في المشهد الأول من مشاهد العرض قفز الفنانان القديران، جلال الهجرسي وناجح نعيم، قفزة هائلة بالجمهور، من خلال خبراتهما الطويلة، إلى حيث وضعاه بقلب الحكاية، كانا خفيفي الظل والحركة، وراسخين تماما على الخشبة التي تعرفهما مقدار ما يعرفانها.. لكن أسأل: لماذا لم يكن لدوريهما امتدادا بالعرض، وأظن الأمر كان ممكنا، وكان امتداد وجودهما سيضفي على الحكاية جلالا فريدا.. في هذا المشهد نفسه، ملأت الفنانة رشا فؤاد المسرح حيوية بأدائها الفكه المرح.. وظهر، بوضوح، أنها تملك مؤهلات أدائية لأدوار أكبر وأهم.. 
المخرج الشاب خلق إيقاعا عاما محسوسا للعمل، أحكم ضبطه، كما أبدى قدرته الفائقة على صنع جماليات باهرة؛ فبدا متمكنا للغاية.
المشكلة لم تكن في العرض الممتع بالمرة، كانت في التنظيم الذي كان مرتبكا بنسبة ما، ولكن المقبلين على المشاهدة، للأمانة، كانوا أكثر من المتوقع، وكان التحكم في أعدادهم الوافرة المتحمسة أشبه بالمستحيل تقريبا.. وعلى كل حال لم تتوان الإدارة الثقافية بقنا عن تهيئة أجواء مناسبة للمشاهدة المريحة الآمنة، ومهما كانت جرت أخطاء فقد مرت بسلام ورسالة العرض الرائع وصلت!