جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

بعد تحذير هيئة الدواء.. كيف يدمن الشباب المسكنات؟

المسكنات
المسكنات

بالرغم من التحذيرات التي يتم إطلاقها دائمًا سواء من قبل المؤسسات الصحية في مصر أو عالميًا، بشأن المسكنات والإفراط بها، إلا أن كثير من الشباب يعتمدون بشكل مبالغ فيه على التناول غير الآمن للمسكنات عمومًا والتي تؤثر عليهم صحيًا.

وأصبح لذلك الأمر ضحايا من الشباب تحديدًا، بسبب الاستسهال في تناول المسكنات من أجل تخفيف الآلام، دون النظر للآثار الجانبية التي قد تحدث نتيجة ذلك الاستسهال، ولا تظهر في الوقت الحالي ولكن بعد مرور السنوات.

واتساقًا مع ذلك، حذرت هيئة الدواء من خطورة الإفراط في تناول المسكنات؛ لما تسببه من أضرار صحية مثل تدهور وظائف الكلى، مهيبة المواطنين بضرورة استخدام المسكنات كما هو موصوف، وبأقل جرعة ممكنة لأقصر فترة زمنية ممكنة، مع ضرورة استشارة مقدمي الرعاية الصحية من الأطباء والصيادلة قبل تناولها. 

كما حذرت الهيئة، من استخدام المسكنات التي لا تستلزم وصفة طبية لمدة أكثر من ١٠ أيام للألم أو لمدة ٣ أيام للحمى، مؤكدة ضرورة استشارة الطبيب أو الصيدلي في حال استمرار الألم أو الحمى لمدة أطول، وقبل تناول المسكنات وخاصةً للمرضى الذين يعانون من أمراض الكلى، وكبار السن فوق الـ65 عامًا، أو المرضى الذين يتناولون الأدوية المدرة للبول، بالإضافة إلى المرضى الذين يعانون من أمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض الكبد. 

وأضافت الهيئة أنه يجب زيادة كمية السوائل التي يتم تناولها يوميًا لتصبح من ستة لثمانية أكواب عند تناول المسكنات، وقراءة التعليمات المدونة في نشرة المستحضر، حيث تسعى الهيئة لنشر الوعي فيما يخص الأدوية والمستحضرات الصيدلية والاستخدام الآمن والأمثل لها في مصر، وذلك من خلال استخدام الدلائل العلمية الصحيحة والمحدثة، وتزامنًا مع انتشار ظاهرة الإفراط في تناول المسكنات في الآونة الأخيرة كوسيلة سريعة للتخفيف من الألم يلجأ إليها الكثير من الأشخاص، وخاصة المسكنات التي تُصرف دون وصفة طبية.

وبالفعل هناك شباب يستسهلون تناول المسكنات بشكل كبير، وأصبحوا مع مرور السنوات مجرد ضحايا لها، "الدستور" استمعت لحكايات البعض منهم وما ألوا إليه في النهاية بعد التعود غير الرشيد على تناول المسكنات دون الرجوع للطبيب.

أسماء، 30 عامًا، موظفة حكومية، تعرضت لحادث ونقلت إلى أقرب مستشفى، وعقب الكشف واجراء الفحوصات الطبية، تبين إصابتها بكسر مضاعف في منطقة الحوض، الأمر الذي تطلب تدخل جراحي على الفور؛ لتركيب "مفصل".

خضعت السيدة لتلك الجراحة الدقيقة، بالرغم من خوفها من جراحات العظام، وكانت آلام الجراحة فيما بعد شديدة للغاية، فلم تكن تستطيع السيدة النوم ليلًا سوى بتناول المسكنات وتحديدًا أقوى الأنواع منها، فكان الألم لا يهدأ أبدًا.

تضيف: "تطور الأمر وأدمنت هذه المسكنات، ولم يعد بإمكاني النوم وممارسة الحياة بشكل طبيعي من دون المسكنات، رغم التحذيرات العديدة من الطبيب الذي يعالجني، ولكن أدركت خطورة الأمر عندما بدأت أعاني من مشاكل في الكلى".

أما سما عمر، 32 عامًا، رزقت بثلاث توأم منذ 6 سنوات، ولاختلاف مواعيد نومهم وبكائهم المستمر لم تكن تستطيع النوم لأكثر من عشرين ساعة متواصلة، ومع الوقت اضطرت إلى تناول أقراص منشطة تعينها على اليقظة أطول فترة ممكنة.

تذكر "سما" أنه بعد مرور ثلاث أسابيع، لم تكن تقوى على أن تفتح عينها دون أن تتناول أحد تلك الأقراص، والتي اعتادت عليها حتى أصبحت غير كافية، لم يمض سبعة أشهر وأصبحت تعاني من صداع نصفي مستمر، ونصحتها أحد اصدقائها بشراء أقراص اميجران الذي يعالج الصداع النصفي، وبات هو الأخر غير كاف.

تقول سما: «الترامادول كان الخطوة التالية، وحينها لم يكن ذائع صيته كمخدر، إذ عرفته كمسكن قوي يتعاطاه مرضى الأورام والفشل الكلوي، أول مرة اشتريته كان من مساعد صيدلي في منطقة دار السلام ولم يتعدى سعره عشرة جنيه، بالفعل ارتحت عليه، لكن بدأت تظهر أعراض الإدمان، وتوقفت عنه بصعوبة».