جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

«نشأت ومعجزة زلزال قبرص».. «الادعاء بالنبوة» بين الخلل النفسى والدجل والشعوذة

مدعي النبوة ويسمى
مدعي النبوة ويسمى نشأت

حالة من الجدل تشهدها ساحات «السوشيال ميديا» منذ أن ظهر «مدّعي النبوة» اللبناني ويسمى نشأت، وادّعى أن زلزال منطقة قبرص من صنعه ومن معجزاته، ولم يقف الأمر عن هذا الحد، بل توعد المصريين لسخريتهم منه.. ونجد أن هذه الواقعة ليست بغريبة، فكل فترة يظهر من يدعى النبوة والرسالة.. وفي هذا التقرير نرصد أبرز الوقائع.

  • «نشأت».. مدعى النبوة

كان قد ظهر اللبناني «نشأت مجد النور» ضيفًا على خبيرة الفلك كارمن شماس، التي زعمت أنه «نبي بُعث في لبنان»، وقال إنه «رسول جديد مرسل من السماء بعد 1500 سنة»، وعقب سخرية المصريين منه على موقع التواصل الاجتماعي«فيسبوك» أكد أنه سيحل غضبه عليهم، وقال في فيديو له: «هناك 30 مليون مشعوذ مصري، زلزال قبرص من صنعي، وهتشوفوا غضب مني».

  • حقيقة «المجتبي المهدي»

وفي محافظة الشرقية، في قرية «بحر البقر»، ادعى «المجتبي المهدي» النبوة، ونشر فيديوهات عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» وسط تأييد من قلة، وانتقلت قوة من الشرطة لمكان إقامة المتهم وألقت القبض عليه.

وكان المتهم قد نشر عبر حسابه على «فيسبوك» منشورًا يدعى فيه أنه صحابي محمد، وأنه رسول الله «شئتم أو أبيتم»، وجاء في نص رسالته: «رسالة إلى أهل بلدتي.. أكتب إليكم هذه الكلمات، ونحن على أعتاب مرحلة جديدة من تاريخ الرسالة، وهي المرحلة الثانية، مرحلة الأحداث والنزول إلى أرض الواقع، وأشهد الله في عليائه أني أحبكم جميعًا حتى من أساء إلى شخصي تصريحًا أو تلميحًا، سرًا أو علانية، وأحيي عقلاء القوم فيكم من التزموا الصمت تجاهي فلهم شكري وامتناني، فما كتبت هذه الكلمات إلا لأنني أخشى عليكم العواقب، وأقول لكم جميعًا: أنا لست المهدي الذي ينتظره الناس خاصة في العالم العربي من ينتظرون قدوم المهدي الذي هو من نسل الحسن بن علي، هذه الشخصية التي تحدثت عنها كتب التراث لا وجود لها هذه الأيام ولا حتى في السنوات القليلة القادمة، ومن ينتظر ظهور المهدي هذه الأيام أو في القريب العاجل فهو يعيش في وهم كبير وخرف عظيم، فهذه الشخصية لن تظهر قبل مئات السنين ويبقى السؤال من أنت؟ أنا صحابي مصر محمد رسول الله المجتبى مرسل إلى الثقلين من الإنس والجن بشريعة محمد رسول الله المصطفى».

  • مدعى النبوة أمام «فندق الإسكندرية»

وفي الإسكندرية، كان قد ادعى مهتز نفسيًا النبوة أمام أحد الفنادق بالإسكندرية، ومن خلال مناقشته وضح أنه غير متزن نفسيًا ويقوم بترديد عبارات غير مفهومة وادعاء النبوة.

كما تبين عدم أهليته وتم إيداعه أحد مستشفيات الأمراض النفسية، إلا أنه رفض استكمال العلاج، واتخذت الإجراءات القانونية ضده، والتنسيق لإيداع المذكور بإحدى المصحات النفسية.

  • «محمد» يدعى النبوة بدون سحر أو شعوذة

أما «محمد عبدالتواب رمضان» ، 34 سنة، من محافظة الفيوم، ادعى النبوة، وقال إنه لم يمارس السحر والشعوذة ،ولم يتربح من تعامله مع المرضى الذين كانوا يترددون عليه، من الذين يعتقدون أنه قادر على شفائهم ببركته. 

كانت قوة من مباحث قسم «يوسف الصديق» قد داهمت منزل المتهم  بعزبة الصبيحى، وألقت القبض عليه، وضبطت بحوزته كتابان لأعمال السحر والدجل.

خبير نفسى: مدعى النبوة مصاب بجنون العظمة

وقال الخبير النفسي الدكتور وليد هنيدي، إن مدعي النبوة ظاهرة تطل علينا كل مدة، وليست بجديدة على العالم العربي، ولكن دائمًا يكون لمرتكبها تاريخ مرضى أو خلل نفسي، وأولها أن يكون مصابًا بجنون العظمة فينفصل صاحبها عن العالم ويتوهم أنه له ميزات أو قدرات استثنائية.

كما أوضح أيضًا أن هذا قد يكون من أعراض مرض الفصام الذهاني أو ثنائي القطب أو الوسواس القهري، حيث تظهر لمدعي النبوة وساوس تفيد بأنه قادر على رؤية أشياء توحي له بتلك الأمور، وأنه المهدي المنتظر، وعليه بعض المسئوليات لابد الترويج والدعوة لها، وقد يكون مجرد ضغوطات نفسية شديدة على إنسان دفعت عقله للبعد عنها بفعل أشياء مضادة، وإذا لم يكن مصابًا بتلك الأمور النفسية فهو دجال ومشعوذ ونصاب، ولابد من معاقبته جنائيًا.

  • العقوبة القانونية

معظم من يدعون النبوة يكونون أشخاصًا مصابين بخلل نفسي، خاصة أن واقعة ادعاء النبوة ليست ظاهرة جديدة، ولكنها تحدث منذ وفاة النبي محمد «صلى الله عليه وسلم»، ولكن القانون شرع بأن هذا الادعاء جريمة يعاقب عليها، وتقع تحت طائلة ازدراء الأديان وفقًا للمادة 98 والمادة 160 من قانون العقوبات.

وتتحقق جريمة ازدراء الأديان بوقوع الفعل المجرم، وتوافر النية بغض النظر عن تحقق الهدف المرجو من هذا الفعل من عدمه ولابد من توافر ركنين:

الأول: الركن المادي ويتمثل في استغلال الأديان السماوية في الترويج والتحبيذ باستخدام أي وسيلة من وسائل النشر لأفكار متطرفة تحت ستار مموه أو مضلل من الدين.

والثاني الركن المعنوي ويقصد به توافر القصد الجنائي واتجاه الإرادة إلى ازدراء الأديان السماوية أو تحقيرها أو إثارة الفتن أو الإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، لكي يخرج المنتمون إلى دين معين ليدخلوا في دين آخر ويعتنقوه، أي أن مناط الحماية القانونية بنص تلك المادة هو الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي وليس الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها.

ونصت المادة 98 من قانون العقوبات على الآتي: «يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تجاوز 5 سنوات أو بغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تجاوز ألف جنيه لكل من استغل الدين في الترويج أو التحييذ بالقول أو بالكتابة أو بأي وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو التحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الضرر بالوحدة الوطنية أو بالسلم الاجتماعي».

وتنص المادة 160 من قانون العقوبات على أنه: «مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد يعاقب بالحبس مدة ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على 5 آلاف جنيه كل من شوش على إقامة شعائر ملة أو دين أو احتفال أو رموز أو أشياء أخرى لها حرمة عند أبناء ملة أو فريق من الناس»، وفي حاله إحداث فتنة أو زعزعة الوحدة الوطنية، تكون العقوبة السجن المشدد 7 سنوات، مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في قانون آخر.