جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

الداعية المظلوم والإعلامى الظالم

ثار لغط كبير مصحوب بشماتة في وفاة الإعلامي المشهور؛ وقال أتباع الداعية وأنصاره إن وفاة الإعلامي قصاص عادل من الله انتصارًا للداعية المظلوم. 
هل ظلم الداعية كما جاء في الفيديو الذي ينشره ويتداوله أتباعه ومريدوه بكثرة في الآونة الأخيرة؟
نعم ظلم؛ لكن ظلم من نفسه؛ لا من غيره، ولا من الإعلامي المتهم، حين اعتنق فكرًا يدعو إلى القتل وسفك الدماء بدعوى أن هذا هو الشرع؛ وهو بالمناسبة تلبيس على المستمع أو المشاهد الجاهل بأمور دينه؛ فإنك حين تأتي برأي لأحد الأولين من الفقهاء أو العلماء ثم تقول هذا رأي الدين؛ فهو بالفعل تلبيس؛ لأن رأي أي فقيه مهما علت منزلته يبقى رأيًا يخصه يخالفه أو يوافقه الآخرون من الفقهاء؛ لأن مساحة الإفتاء التي يدلي بها الفقهاء بدلوهم هي مساحة الأحكام الظنية التي لم ينزل بها حكم قطعي لا في القرآن ولا في السنة؛ وبالتالي يستخدمون الأدوات الفقهية لاستنباط حكم، هذا الاستنباط لا يمكن أن يكون حكمًا قطعيًا في الإسلام يؤخذ ويعمم على أنه حكم قطعي مطلق. بل هو استنباط لحكم سيأتي غيره ويستنبط حكمًا آخر لنفس المسألة بنفس الأدوات الفقهية بنتيجة مختلفة. وبالتالي من الخطأ أن يؤخذ أي رأي فقهي يخص فقيهًا بعينه لأقول هذا حكم الشرع على غير الحقيقة؛ وإنما الأصح أن أقول هذا رأي فلان؛ ويرى غيره كذا وكذا في هذه المسألة خصوصًا إذا كانت المسألة تتعلق بالدماء والأنفس والأموال والأعراض، لأنها من المسائل التي قصدت الشريعة حمايتها.
ظلم الشيخ نفسه بما اتبع من أفكار متطرفة ليست من سماحة الدين ليخدم بها منهجًا اتبعه وجعل لي نصوص الدين وسيلة لنصرة فصيل على فصيل في خصومة سياسية أبعد ما تكون عن الدين.
ظلم الشيخ نفسه حين حمل وزر أتباعه الذين اتبعوا فكره العنيف وأنكره ونسى أن “يوتيوب” أصبح ذاكرة الشعوب التي تذكر كل من نسي أو تناسى؛ ومشكلة إنكار الداعية وأمثاله أنهم يفعلون ذلك حين تلتف حلقات الحبل حول رقابهم أو حتى تقترب منها؛ ناسين أنهم ضيعوا الآلاف من الشباب المغرر به، من الذين آمنوا بهم واتبعوهم وساروا خلفهم كالعميان حتى وصلوا لحافة الهاوية، فلما استشهدوا بمعلميهم وقدوتهم؛ تنكروا لهم؛ وأنكروا تعاليمهم وتركوهم يواجهون مصيرًا مشئومًا، وادعوا البراءة بعدما ضاعوا وضيعوا.
يقول هذا الداعية في المقطع المتداول له أعلم أنني هنا لأعتقل وحقيبتي جاهزة..
والسؤال الذي تبادر لذهني ساعتها: إذا كنت بالفعل تعلم أنه فخ؛ فلماذا ذهبت؟
هل هو للشو والعنترية وادعاء المظلومية أم ماذا؟
لا يا سيدي لست مظلومًا فحواراتك التي تفتي فيها بقتل خصوم سياسيين وتهين شيخ الأزهر والمفتي والأزهر الذي درست فيه ثم تنكرت له وشككت في مناهجه وسببته، لا تزال موجودة على “يوتيوب”؛ فلا تعتمد على ذاكرة الشعوب فإنها ذاكرة سمكة.
وأخيرًا أقول للشباب الغرر به: كفوا عن ترويج ادعاء المظلومية لأمراء الإرهاب ودعاة الدم.