جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

أمين «البحوث الإسلامية»: اللغة هى هوية الأمة وسبيل مجدِها

د. نظير عياد
د. نظير عياد

قال الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إنه “من المعلومٌ أنَّ كلَ أمةٍ من الأممِ تفتخرُ بلغتِها وتعتزُ بها وتعتقدُ أنها أفضلُ اللغاتِ، فاللغةُ هي هويةُ الأمةِ وسبيلُ مجدِها وتاريخُ حضارتِها، وأنها بالنسبةِ للأممِ جميعًا أداةُ تواصلِها وطريقةُ تفكيرِها، ورمزُ عزتِها، ومصدرُ فخرِها، وأسلوبُ حياتِها”.

وأضاف “عياد”، خلال احتفالية الأزهر الشريف باليوم العالمي للغة العربية، إنها “للأمةِ العربيةِ كلُ هذا وتزيدُ عليه أنها لغةُ دينِها وكتابُ ربِّها، جعلَ اللهُ فهمَها ضرورةً وتعلُمَها شرفاً، لهذا كان ارتباطُ المسلمِ بلغتِه مختلفًا عن ارتباطِ أيِّ إنسانٍ بأيةِ لغةٍ أخرى، إذ لا يستطيعُ المسلمُ أن يقرأ كتابَه بغيرِ لغتِه التي نزلَ بها، كما لا يتأتَى له القيامُ بأداءِ شعائرِهِ وإتمامِ عباداتِهِ بدونِها”.
ولفت إلى أن “اللغة العربية  وسيلةُ المسلمِ لفهمِ مقاصدِ النصِ القرآنيِّ ومعانيِهِ وغاياتِهِ الكبرى المتمثلةِ في تلقِي الأحكامِ الشرعيةِ منه، ولذلك استعانَ العلماءُ باللغةِ العربيةِ وفنونِها في فهمِ مرادِ اللهِ في كتابِه والكشفِ عن أسرارِه، وتحديدِ دلالاتِهِ”.
وأوضح الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن “العلماء نظروا للغة العربية على  أنها من الدينِ حيثُ إنَّ فهمَ مرادِ القرآنِ والسنةِ من أوجبِ الواجباتِ، وما لا يتمُ الواجبُ إلا بهِ فهو واجبٌ، فمن أرادَ فهمَ معانِي القرآنِ ومعرفةَ مرامِيه، والوقوفَ على أسرارِه لا بدَّ أن يكونَ متمكنًا من اللغةِ العربيةِ باعتبارها أهمَ أدواتِ التفسيرِ للقرآنِ الكريمِ”.
ونوه بأن “اللغةُ العربيةُ مهمةٌ جدًا للعلومِ الشرعيةِ بشكلٍ عامٍ، ولعلومِ القرآنِ والتفسيرِ بشكلٍ خاصٍ؛ ومن ثَمَّ فقد أَوْلاها العلماءُ موفورَ العنايةِ، ومزيدَ الاهتمامِ، ولا غَروَ في ذلك حيث إنَّ فضائلَ القرآنِ الكريمِ على العربيةِ أكثرُ من أن تُعَدَّ وأعظمُ من أن تُحْصى، فقد شاءتْ إرادةُ اللهِ -تعالى- أن يكونَ آخرُ الكتبِ السماويةِ نزولًا هو القرآنَ الكريمَ الذي نزلَ بلسانٍ عربيٍ مبينٍ، هذا اللسانُ الذي كانَ العربُ يَنْظِمُونَ به أشعارَهم، ويُلقُون به خطبَهم، ويكشفُون به عن مجدِهم، ويقارنون به بينَهم وبينَ غيرِهم”.

كما أكد أن النصوصُ وإن كشفتْ لنا عنْ نزولِ القرآنِ باللسانِ العربيِ المبينِ إلا أنها في الوقتِ ذاتِه تكشفُ عن فضلِه على العربيةِ وأصحابِها؛ حيث إنَّ القرآنَ الكريمَ خُصَّ دونَ غيره، وانفردَ دون سواهُ من الكتبِ المُنَزَّلَةِ بالمحافظةِ على لغتهِ الأصيلةِ، فكان من آثارهِ عليها: ثباتُ ألفاظِها لارتباطِ الشريعةِ وتفاصيلِها بها، ليس هذا فحسبْ.

وتابع:"بل لقدَ كان القرآنُ الكريمُ المصدرَ الأولَ الذي انبثقتْ منه العلومُ الشرعيةُ؛ كالتفسيرِ، والفقهِ، والحديثِ وعلومِه، والقراءاتِ وأصولِ الفقهِ والعقيدةِ وغيرها، صحيحٌ كانت العلومُ ممتزجةً فيما بينَها امتزاجًا شديدًا، فلم يكن ثمةَ تحديدٌ دقيقٌ للأطرِ أو الدوائرِ التي يختصُ بها علمٌ دونَ الآخَرِ، حيث يجد الباحثُ فيما يجدُ علمًا قائمًا بذاتِه اسمُه علمُ النحوِ، وعلمًا آخر اسمُه علمُ التفسيرِ، وعلمًا ثالثًا اسمُه مصطلحُ الحديثِ، ورابعاً اسمُه العقيدةُ، لكل هذا حرَصَ العلماءُ على دراسةِ اللغةِ وارتبط َ ذلك بحرصِهم على فهمِ القرآنِ من جهةٍ ودراسةِ لغتهِ من جهةٍ أخرى باعتبارِها مصدرَ العقائِد والأحكامِ والتشريعاتِ".