جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

«جدو».. عريس الكرة العظيم

لا يزال إنجاز اللاعب القدير المعتزل "محمد ناجي جدو" حاضرا في أذهان الراصدين المنصفين، بقوة واكتمال، جدو غادر الملاعب في يناير من هذا العام، بعد مسيرة فارقة حافلة بلغت ذؤابات الأمجاد، وفي فترة من الفترات، في بطولة الأمم الإفريقية بأنجولا في عام 2010 تحديدا، بقيادة الأسد حسن شحاتة، كان هو الحل ومفتاح الفوز، على الرغم من مشاركاته بالجزء الأخير من الشوط الثاني من كل مباراة، وهي البطولة التي ظهر فيها كعريس باهر باهج، تنتظر الجماهير نزوله الواثق الفعال المفيض سرورا إلى الملاعب بشغف!

"جدو" مواليد محافظة البحيرة، مركز حوش عيسى، في 30 أكتوبر من عام 1984 (عمره الآن 37 عامًا)، بدأ اللعب بمركز شباب حوش عيسى، ثم انتقل إلى نادي ألعاب دمنهور (من أندية الدرجة الثانية) ثم انتقل إلى الاتحاد السكندري، ومنه إلى الأهلي، قبلها رغب الزمالك في ضمه إلى صفوفه، ولم يفلح.. نال مع الأهلي بطولات كثيرة وكبيرة، ومن وفائه للأهلي، أنه في وقت كان النادي يعاني فيه من أزمة مالية قاسية تنازل عن 500 ألف جنيه كاملة من مستحقاته!
خاض تجربة احتراف متميزة لنادي هال سيتي بإنجلترا، إذ ساهم في صعود الفريق للدوري الممتاز واستولى على قلوب مشجعيه.. مر بنادي الإنتاج الحربي، وبعدها بالمقاولين العرب، وفيه تعرض لتجربة فقدان مؤقت للذاكرة في إثر حادثة رياضية غير مقصودة بالمرة في أثناء أحد التمارين، وختم حياته الكروية بنادي الجونة. 
في نهائي أمم إفريقيا 2010 حصد لقب هداف البطولة، وسط عمالقة إفريقيا المحترفين، كما حاز لقبا اسْتُحدِث آنذاك، هو لقب "أفضل لاعب مكتشف في كأس الأمم الإفريقية 2010". إحصائياته في تلك البطولة كانت مذهلة:
- لم يشارك كأساسي في أية مباراة.
- أحرز خمسة أهداف.
- أحرز هدف الفوز بالكأس.
- هداف البطولة.
- لقبه الكاف بـ"الاحتياطي الخارق".

أتحدث عن "جدو" بالرغم من تركه لِلَّعِب؛ لأنني واحد من المصريين الذين تعلموا، في رحلة ثقافية طويلة شاقة ورحلة تربوية لا تقل طولا ومشقة، أننا لا يصح البتة أن نطوي تاريخ أي موهوب فذ قدم شيئا ذا قيمة باذخة بمجاله؛ ذلك أننا بحاجة للتذكير بعطاء كل عبقري، ذي معجزة خاصة، لا سيما لو كان منتميا ومتواضعا وصاحب أخلاق راقية، وقد كان النجم السابق كذلك طوال مسيرته بالملاعب، ومن جايلوه وعاملوه شهدوا له.. وعلى هذا لا يجوز لنا التفريط فيما صنع، بل الواجب أن نجعله، وأمثاله، في الكرة وغيرها، قدوات مستمرة للأجيال، ولو أحسسنا بظلم وقع عليهم ولو ضئيلا (فيما فات أو في الساعة الحالية)؛ فإن علينا أن نسارع برفع الظلم عنهم، وقد تعرض هو كثيرا لخمول ذكر، بالرغم من إمكاناته الهائلة ونجاحه الفائق!