جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

رسائل استئناف مؤتمر شباب العالم وعودة الروح

تابعتُ منذ أيام نبأ عودة مؤتمرات الشباب بدورة جديدة لشباب العالم، تعقد في العاشر من شهر يناير المقبل، فلاحظت اهتمامًا أبداه قطاع كبير من الشباب وحماسا للمشاركة في الفعاليات، وفي ظني أن هذه السعادة التي أظهرها كثيرون على صفحاتهم وتعليقاتهم المبتهجة بعودة مؤتمر شباب العالم لسابق عهده، قبل أن يهاجم العالم فيروس "كوفيد- 19" فيعطل مسيرة حدث هام في مسيرة العمل الوطني عمومًا وليس الشبابي فقط، دليل على أهمية المؤتمر ومدى النجاح الذي حققته دوراته السابقة على المستويين المحلي والدولي.

أذكر أنني التقيت خلال زيارة إلى الصين- سبقت هذا الانتشار العالمي للفيروس- زملاء من العاملين في مجال الإعلام يمثلون عددًا ليس بقليل من دول العالم، وخلال الرحلة التي امتدت شهرًا كاملًا كان زملاء المهنة يبدون اهتمامًا حين يعرفون جنسيتنا، ومعظمهم كانوا يعبّرون عن رغبتهم- بل هي أمنيتهم- أن تتاح لهم فرصة المجىء إلى مصر وتحديدًا للمشاركة في إحدى دورات المؤتمر، وكنت أدل من يسألني، خاصة من قطاع الشباب، على آلية التقديم لطلب المشاركة من خلال الموقع الإلكتروني المتاح للجميع لتسجيل البيانات وإبداء الرغبة في المشاركة.

وهذا المؤتمر الذي بدأ كملتقى يتيح الفرصة للشباب المصري الواعد للحوار المباشر مع الدولة المصرية ومؤسساتها المختلفة لرسم مستقبل أفضل من خلال رؤية وطنية وتخطيط علمي وحوار بناء، شارك فيه على مدى ثمانية دورات عدد كبير من الشباب يمثلون كافة شرائح وقطاعات الشباب المصرى من مختلف الأحزاب والتيارات السياسية، ولم يقتصر على فئة بعينها من قطاع الشباب، إذ أتاح المشاركة لشباب من الجامعات والرياضيين والمثقفين والإعلاميين ممن قاموا بالتسجيل وإبداء الرغبة في المشاركة من خلال الموقع الإلكتروني.
والواقع أن من حق أعداد جديدة من الشباب أن يتحقق أملهم بالمشاركة في هذه الدورة وقادم الدورات، سواء المحلية أو العالمية، ففي هذه المؤتمرات يتم فتح أبواب النقاش وطرح الموضوعات التي تفيد الشباب ومجتمعاتهم، كما أنها تصنع قادة مستقبل هم في قادم الأعوام صناع القرار في أوطانهم، وفيها ينفتح الشباب على ثقافات مختلفة بما يحقق تقبل الآخر وإن اختلف لونه أو ثقافته أو لغته أو ديانته، وكلما اتسعت دائرة التفاعل وتجددت الأصوات المشاركة كلما زاد وعي الشباب بمشكلاتهم المحلية واطلعوا على الرؤى التي تخص الشئون الإقليمية وتبنوا قناعات تتعلق بالقضايا الدولية.

وحين تأتي أيام المؤتمر تزيد قاعدة المهتمين بمتابعته إعلاميًا حتى وإن لم تتح لهم المشاركة في الفعاليات، وذلك رغبة منهم في متابعة نشاطات الرئيس الذي يحرص على حضور جل الجلسات والتفاعل مع المتحدثين والرد على أسئلة المتابعين، وقد أصبحت هذه المؤتمرات نموذجًا للقيادات التنفيذية والمحلية ومحفزًا لهم على فتح الآفاق أمام الشباب للتعبير عن أنفسهم وتبني وجهات نظر، والأهم أنها تكون فرصة لتصحيح المفاهيم ودحض مؤامرات أعداء الوطن الذين يمنون أنفسهم بأن يبتعد الشباب عن قيادته، فيجدون هم الفرصة للنفاذ إلى وجدان الشباب، هؤلاء الذين يمثلون نحو 60% من تعداد السكان، ولكن الدولة المصرية تعي باحترافية شديدة كيف لها أن تغلق على المتربصين أي فرصة للولوج إلى ذخيرة الوطن من خيرة شبابه.

ومنذ انطلق المؤتمر الأول للشباب عام 2016 كانت هناك أصوات تربّت على طريقة أداء وأفكار التنظيمات الشبابية السابقة، أو هي تكن كراهية لنجاح الدولة ومؤسساتها، أو تضمر الشر للوطن، كانت تلك الأصوات النشاز تشيع أن المناقشات موجهة، ومشاركات الشباب محددة، بل إن الغلاة منهم ذهبوا إلى القول إن كل شيء هناك يتم بسيناريو محكم، وبمعرفتي بعدد ممن سبقت لهم المشاركة تيقنت من كذب هذه الادعاءات، وأكد لدىّ هذا اليقين ذلك البث المباشر تليفزيونيًا وإذاعيًا وإلكترونيًا لكل شاردة وواردة في قاعات المؤتمر وأروقته، ونسى هؤلاء المدعون أن المادة الخام للمؤتمر هم الشباب وهم فئة من الناس لا يقدر أحد على السيطرة على مشاعرهم ولا توجيه أفكارهم إلا بالعقل والاقتناع وتبادل الآراء، وهذا ما أتمنى أن تعيه بقية المؤسسات المعنية بملف الشباب، خاصة وزارة الشباب والرياضة.