في عيد جلوسه.. المفكر كمال زاخر: البابا تواضروس صاحب منهج تفكير علمي
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم بعيد جلوس البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية التاسع إذ تم تجليسه بيد الأنبا باخوميوس مطران البحيرة والخمس مدن الغربية والقائم مقام آنذاك في 18 نوفمبر عام 2012.
وقال كمال زاخر المفكر القبطي قال في تصريحات خاصة لـ"الدستور" إن البابا تواضروس صاحب منهج تفكير علمي بحكم الدراسة (تخرجه فى كلية الصيدلة وتحصله على ماجستير فى الإدارة من انجلترا)، وبحكم تلمذته منذ طفولته وحتى رسامته أسقفًا عامًا معاونًا للأب المطران، الأنبا باخوميوس، صاحب الخبرات الممتدة فى مدارس الأحد وحتى عضويته فى اللجنة الخماسية التي أدارت الأزمة بين الكنيسة والدولة عقب قرارات سبتمبر 1981، والتي انعكست على إدارته المرحلة الانتقالية ما بين رحيل البابا شنودة وتنصيب البابا تواضروس.
وأضاف: "ولم يأت البابا منتسبًا لأي من فرقاء الصراع الذي شكلته الدوائر المتنفذة والطامحة لوراثة البابا شنودة، وقد قضى سنواته البابوية الأولى فى قراءة وفحص واستيعاب وتفهم الخريطة الكنسية، بهدوء وصبر وصمت، حسبت كلها علامات ضعف و"قلة حيلة" عند كثيرين من متابعي المشهد، بينما كانت تؤسس لحراك التغيير، وإحلال "كل رجال الرئيس" محل الحرس القديم العتي.
وتابع: "ثمة عوامل خارجية تدعم حراك التغيير لحساب استرداد الكنيسة لقدرتها على أداء رسالتها فى مقدمتها التغير الجيلي في الرعية والذي أحدثه الانتقال الكوني من الثورة الصناعية وتداعياتها إلى الثورة الرقمية وما حملته من شيوع وانتقال المعرفة لتخرج عن نطاق السيطرة الأبوية (البيت ومؤسسات التنشئة والكنيسة)، وتصاعد تيارات الإسلام السياسي وعودة حلم إحياء دولة الخلافة، وجدلية الوجود المسيحي فيها، بالإضافة إلى الضغوط المادية وتعقد الحياة وهوس التيارات الفكرية المناوئة وعنوانها الإلحاد في أقصاها والتمرد على السلطة الأبوية في أدناها.
وأكمل: "لذلك فإن حراك التغيير الذى بدأه البابا تواضروس لم يتوقف عند تغيير أشخاص ومواقع بل امتد، بهدوء وصبر وقليل من الكلام، وطبيعته المسالمة ونشأته في بيئة أسرية سوية، تُرجمت فى خطوات مرتبة في مؤسسة الكنيسة، بصدور العديد من اللوائح المنظمة للكيانات الكنسية المحورية، الأسقف والكاهن والشمامسة ومجالس الكنائس، ولائحة مجمع الأساقفة، في محاولة للإنتقال بالإدارة من الفرد إلى المؤسسة، ويقيم حوارات جادة مع أطياف من أصحاب التوجهات المختلفة، ويعالج ملف المستبعدين، من الإكليروس والعلمانيين، بهدوء لم يكن الإعلام طرفًا حاضرًا فيه.
وواصل: فضلًا عن سعي قداسة البابا تواضروس لعقد لقاءات محبة مع بطاركة الكنائس الأرثوذكسية من العائلتين في كنيسة الأسكندرية وامتد سعيه لمد خيوط التواصل مع الكنيسة الكاثوليكية، فيقوم بزيارة إلى روما ويلتقى البابا فرنسيس ليؤكد على ما سبق توقيعه من اتفاقيات بين الكنيستين فى عصر البابا شنودة الثالث (مايو 1973)، ثم يتأكد التواصل بزيارة بابا الفاتيكان لمصر (ابريل 2017).
وأردف: "ومازال أمام قداسة البابا العديد من الطموحات التى ننتظرها لعل أهمهاـ كسر الحاجز الذى أقيم في مواجهة العلمانيين، بامتداد عقود، وإعادة الإعتبار لدورهم البنائي في تدبير الكنيسة، وفق تقليدها المتميز، في إعادة لبناء الثقة بينهم وبين الإكليروس، ضمن تكامل الجسد الواحد، وقد أقر المجمع استحداث لجنة دائمة تضاف إلى لجان المجمع، فلماذا لا يدرس المجمع إضافة لجنة للأراخنة، تترجم هذا التكامل، وتحققه، وتمثل إضافة له، وتذيب جدار العزلة بين العلمانيين والإكليروس تنظيميًا.
واستطرد: “إعادة النظر فى مفهوم الأسقف العام ورده إلى صحيحه بحسب ما قصده البابا كيرلس السادس وما أكده البابا شنودة الثالث، فهما لم يقيما اسقفاً عاماً بغير كيان اسقفى، بل أسسا اسقفيات عامة ثم أقاما عليها أساقفة لتدبيرها، فأنشأ البابا كيرلس اسقفيات التعليم والخدمة الإجتماعية والبحث العلمي ثم أقام عليها الأنبا صموئيل والأنبا شنودة (1962)، والأنبا جريجوريوس (1967)، أساقفة كل في تخصص الأسقفية، وهكذا فعل البابا شنودة حين أنشأ أسقفية الشباب ثم أقام عليها الأنبا موسى أسقفًا (1980)، وهو ما قال به البابا شنودة فى دفاعه عن موقفه فى شأن تنازع الإختصاص وتمسكه بأن التعليم اسقفية وليس مجرد مهمة طارئة مسندة إليه، فهو أسقف لأسقفية، وهو الأمر الذى يعالج ما نتج عن التطبيقات اللاحقة التى أخلت بالترتيب الهيراركي في الكنيسة، ونزعت الطمأنينة والإستقرار عن الأسقف العام الذي يبقى مرتهنًا بموقف البابا منه، فضلاً عن أنها جارت على رتبة الإيجومانوس كما سبق وبينا”.