جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

رئيس رومانيا فى القاهرة

بعد شهور قليلة من تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد حكم مصر، تولى الرئيس كلاوس يوهانيس، فى ديسمبر ٢٠١٤، حكم رومانيا. وبلقاءات الرئيسين المتعددة، والزيارات رفيعة المستوى المتبادلة، انتهى فاصل زمنى طويل، نسبيًا، فى تاريخ تطور العلاقات المصرية الرومانية، وحدثت نقلة نوعية فى مسيرة التعاون بين البلدين الصديقين.

الرئيس الرومانى زار القاهرة، أمس الأربعاء، وعقد مع الرئيس السيسى جلسة مباحثات ثنائية، تناولا خلالها سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية، بما يتناسب مع مستوى العلاقات السياسية المتميزة، إلى جانب تبادل الخبرات والمعلومات وتشجيع الاستثمارات المشتركة فى القطاعات ذات الميزة التنافسية. كما أشاد الرئيسان بانعقاد المنتدى الاقتصادى المصرى الرومانى، وتوافقا على أهمية العمل على عقد الجولة الرابعة من اجتماعات اللجنة المشتركة لتطوير أوجه التعاون الاقتصادى والفنى، التى كان مقررًا أن تنعقد فى الربع الأول من العام الجارى.

بالتزامن مع الاحتفال بمرور ١١١ سنة على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، زار سامح شكرى، وزير الخارجية، بوخارست فى ٢٩ أغسطس ٢٠١٧، ونقل إلى الرئيس يوهانيس تحيات الرئيس السيسى. وعلى هامش أعمال الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، التقى الرئيسان، فى سبتمبر ٢٠١٧، ثم تكرر اللقاء خلال القمة العربية- الأوروبية، التى استضافتها شرم الشيخ، فى فبراير ٢٠١٩، وفى يونيو التالى، كانت أول زيارة لرئيس مصرى إلى رومانيا، بعد ١٥ سنة.

كنا نحاول إعادة توجيه سياستنا الخارجية، على المستويين الإقليمى والدولى، لخدمة قضايا الإصلاح والنهوض الوطنى، حين زار الرئيس مبارك العاصمة الرومانية، فى مايو ٢٠٠٤. وكان لافتًا أن يؤكد الرئيس الأسبق، من هناك، أن أولوية مصر فى العمل الإقليمى تتمثل فى الإطار العربى ولا علاقة لها بالإطار الأوسع الذى تروج له الولايات المتحدة تحت مستوى الشرق الأوسط الكبير. وفى المؤتمر الصحفى، الذى عقده الرئيسان، تحدث الرئيس الرومانى الأسبق أيون إليسكو، عن إمكانية التعاون فى مختلف المجالات، وأعرب عن رغبته فى تعزيز العلاقات بين جامعات البلدين وإنشاء جامعات مصرية رومانية فى القاهرة.

ترك إليسكو الحكم فى ديسمبر ٢٠٠٤. وفى فبراير ٢٠٠٧، زار القاهرة الرئيس الرومانى التالى، ترايان باسيسكو، و... و... وبعد فاصل زمنى طويل، نسبيًا، شهدت العلاقات بين البلدين، خلال السنوات السبع الماضية، تطورًا ملحوظًا ومستوى عاليًا من التنسيق والتقارب فى وجهات النظر بشأن العديد من القضايا الإقليمية والدولية.

للفاصل الزمنى الطويل، أسباب يطول شرحها، لكن ما يعنينا الآن هو أن الرئيسين السيسى ويوهانيس استعرضا، أمس، عددًا من القضايا الإقليمية، وأكدا أهمية تضافر الجهود للتوصل إلى حلول سلمية لتلك القضايا بما يحفظ فى المقام الأول كيان الدولة الوطنية. وأسعدنا أن يشيد الرئيس الرومانى بالدور المصرى المحورى، تحت قيادة الرئيس السيسى، فى إرساء دعائم الاستقرار والأمن فى منطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية. وأسعدنا أكثر أن يشير إلى الطفرة التنموية التى حققتها مصر، وما تم إنجازه من مشروعات قومية كبرى فى شتى المجالات. وأن يعرب عن حرصه على استمرار التنسيق والتشاور بين البلدين فى مختلف المجالات، وتطلعه إلى تطوير وتعزيز علاقات بلاده مع مصر ذات الحضارة والتاريخ العريق.

الرئيس الرومانى أعرب، أيضًا، عن تثمينه الجهود المصرية فى مجال مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، والتجربة المصرية الناجحة فى مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، مؤكدًا حرصه على مواصلة التعاون مع مصر على مختلف المستويات للتصدى للتحديات التى تواجه ضفتى المتوسط، ومشيدًا بالجهود المصرية لتعزيز جسور الحوار بين الدول الإفريقية والعربية ودول الاتحاد الأوروبى، وأكد حرص بلاده على دعم موقف مصر ونقله إلى الاتحاد الأوروبى، نظرًا للعلاقة المباشرة بين أمن أوروبا والأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الجولة الرابعة من اجتماعات اللجنة المشتركة لتطوير أوجه التعاون الاقتصادى والفنى، التى كان مقررًا أن تنعقد فى الربع الأول من العام الجارى وتوافق الرئيسان، أمس، على أهمية العمل على عقدها، ستكون فرصة لبلورة الأفكار المطروحة بشأن زيادة حجم التبادل التجارى وتشجيع تدفق الاستثمارات الرومانية إلى مصر.