جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

الخوف يحكم

فيه سؤال عويص جدًا: لما يكون فيه مستخرج رسمي، والمستخرج دا من حق المواطن، ليه الموظف يرفض إصداره من الأول وبـ بساطة؟ ويضطر المواطن يدوخ، ويلف ويدور، ويفكر في حد معرفة يساعده؟
الإجابة في تقديري: الخوف، الخوف اللي حاكم كل العلاقات تقريبًا، بس كل علاقة، وليها خوف شكل. هو خايف من مديره، ومن رئيس القسم، ومن زملاؤه، وربما كمان مرؤوسيه (لو ليه مرؤوسين) ومش عارف المشكلة هـ تيجي منين؟ وإمتى؟
كمان اللي اتنفخ من الشوربة بـ يلسع في الزبادي، فـ هو نفسه قبل كدا خد جزاء أو خصم، أو ما شابه من عقوبات لـ حاجات ما كانش يتخيل خالص إنها هـ تعمل مشكلة، أو شاف حد تعرض لـ عقوبات ربما تكون قاسية نتيجة إجراءات بسيطة، أو تبدو بسيطة ومنطقية.
لـ ذلك، هو أساسًا الود وده ما يجيش الشغل لكنه مضطر، فـ بـ ييجي والود وده ما يعملش حاجة خالص، لـ أي حد، لكنه مضطر، فـ يبقى الحل إيه؟
إنه يمشي جنب الحيطة، أو جوه الحيطة نفسها.
إزاي؟ هو بـ ينفذ بس الحاجات اللي بـ تتعمل كل يوم بـ كثافة، مثلًا بـ ييجي له كل يوم 100 مواطن، من الـ 100 دول فيه 90 أو أكتر غالبًا بـ ينحصروا في حاجتين تلاتة، وربما حاجة واحدة.
خلينا نتخيل مثلًا مثلًا في الأستاذ علاء (شخصية خيالية) موظف في الشهر العقاري مكتب عين شمس، هل هو فكر مرة واحدة في حياته عمله دا يتعلق بـ إيه؟ وينظم إيه؟
هل قعد في ساعة صفا يسأل نفسه عن الملكية وما يرتبط بها من أمور؟
أكيد لأ، هم عينوه هنا، وقالوا له الأستاذ مدحت هـ يعلمك الشغلانة. فـ الأستاذ مدحت هـ ينقل له خبرته العظيمة، هـ ييجي لك واحد عايز نقل ملكية توكتوك، تطلب منه قلب هدهد يتيم. صحة توقيع إيجار شقة، المطلوب سوالف غزال ألدغ. عقد بيع سيارة، المشتري يجيب ضفدع أفريقي، والبائع حتة من كبد فيل بـ دمه، لو من غير دمه الورق هـ يبوظ.
وهكذا لـ حد ما يحفظ الكام حاجة دول، ويفضل يدعي ربنا إنهم يعملهم صح، وما ينساش دم الفيل، ثم ييجي مواطن يقول له: عايز أوثق تنازل عن ملكية أغنية.
أغنية! ما خدناهاش في المقرر دي، مفيش يا أستاذ الكلام دا. يا عم لأ، فيه. يا أستاذ مدحت الأستاذ عايز يعمل تنازل عن أغنية. فـ الأستاذ مدحت خبير يقول لك، لأ، دا حضرتك تروح فرع الدقي، هم المختصين بـ كدا.
طبعًا مفيش حاجة اسمها كدا، بس هو زاحك بعيد عنه.
ممكن بقى تروح فرع الدقي، فـ يعملها لك عادي، ليه؟ لـ إن الدقي منطقة فيها استوديوهات وفيها شركات إنتاج، وفي وسط البلد، فـ وارد إنه بـ ييجي له مؤلفين، مع تكرارهم الأستاذ مدحت بتاع الدقي، هـ يدرجها في الجدول اللي هـ يحفظه لـ الأستاذ علاء بتاع الدقي، فـ تمشي.
ووارد برضه ما تمشيش.
الحكاية مش استقصاد، ولا إنه عايز رشوة، فيه طبعًا طبعًا موظفين بـ يدوروها عشان يطلع لهم حاجة، بس دي مشكلة تانية في قطاعات معينة وبـ أساليب محددة، إنما الأساس والأكثر انتشارًا في كل اللي بـ أشوفه هو شيء من الخوف. كثير من الخوف. خوف بس. وتقدر حضرتك تقول بـ بساطة: الخوف يحكم.