جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

ما هى التقارير الثلاثة الموجودة على مكتب الملك عبدالله الثانى؟

«هاجسي الأول على الدوام هو تحسين نوعية الحياة لكل مواطن ومواطنة في هذا البلد، ولذلك فلا بد من مكافحة الفقر والبطالة وتنفيذ الإجراءات الإصلاحية والتصحيحية التي تضع حلولًا جذرية ودائمة لهذه المشكلة"؛ ذلك أن هذه الرؤية الملكية الهاشمية، التي عززها الملك وكانت مقدمتها من خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة الأردني الرابع عشر في ديسمبر 2004». 

بالأمس، أصبحت بين يدي، ملك الأردن الهاشمي عبدالله الثاني، ثلاثة تقارير مهمة، مختلفة، تتعلق بمسار وحال الإنسان، والأعمال، الحاكمية الرشيدة وهي تقارير، يحرص الملك الهاشمي، على الاطلاع عليها بالتفصيل، ليتمم متابعة مجريات الأحوال في مجالات السلطة القضائية والنزاهة ومكافحة الفساد، عدا عن حقوق الإنسان، في المملكة الأردنية الهاشمية. 

وهي ذات التقارير التي تتابعها وتدققها وتعالج مشكلتها وحالتها، السلطة التنفيذية، بالتشارك والتشبيك مع السلطات الثلاث في الدولة الأردنية، فمجلس النواب والأعيان، ينظر في خلاصات التقارير لأعمال السلطة القضائية ومكافحة الفساد وحقوق الإنسان، من واقع التشاركية في صنع القرار ومعالجة الوقائع والحالات وحجم تأثيرها في البلاد.

منذ تولي جلالة الملك سلطاته الدستورية عام 1999، سعت رؤاه إلى تحقيق التنمية الإنسانية والصحية والتعليمية والاقتصادية، والإعلامية ودعا القائد الأعلى، مرارًا لبذل كل جهد لتؤتي البرامج والمبادرات الملكية واستراتيجيات أعمال الحكومة ثمارها، بهدف تحقيق الهدف الملكي السامي، لتأمين مستوى معيشي أفضل للأردنيين. إضافة إلى سعي الملك لتعزيز صورة الأردن عربيًا ودوليًا وأمميًا.
 

في رؤية الملك لإحداث التغيير والإصلاح، وتعزيز بنية الأعمال وصون حقوق الإنسان وسيادة وحرية القضاء والقاضي، ومنع الفساد ومحاربة كل أشكال وحالات الفساد، صونًا لمبدأ النزاهة، فكان وعي الملك، يقوم على استشراف المستقبل، ووضع مؤسسات وهيئات تساهم في تبني مواطن القوة في المجتمع، على أساس الالتزام بالقيم والبناء على الإنجازات والسعي نحو الفرص المتاحة، لأن تحقيق التنمية الشاملة وبناء اقتصاد قوي يعتمدان على الموارد البشرية، متسلحة بالعلم والتدريب، التي ستمكّن من تجاوز التحديات والمعيقات بهمة وعزيمة وبالعمل الجاد المخلص لتحقيق الطموحات.

ميزان العدل، وقوة الإرادة الملكية، وتعاضد الأجهزة الأمنية وصوت الإعلام والثقافة وقوة البنى الصحية والتعليمية والاقتصادية، منحت جلالته «الرؤية الواضحة»، المساندة لموروث هاشمي متأصل فبدأ –بحسب الرؤية الملكية المعلنة- سلسلة متقدمة من الخطط والبرامج، لبناء مجتمع مدني عصري تسوده روح العدالة، والمساواة، وتكافؤ الفرص، واحترام حقوق الإنسان، سمته المشاركة والإسهام في البناء، وغاياته أن يكون نموذجًا متقدمًا وقياديًا في المنطقة.. وإزاء كل ذلك؛ أعاد جلالته، بفكر مستنير وإرادة قيادية، تأكيد أن تحقيق الأهداف الوطنية في التعامل مع هذه القضايا لا يمكن أن يحدث دون بناء شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، يكون الأخير بموجبها هو المحرك والموجه الرئيسي للنشاطات الاقتصادية، ويلعب دوره الحيوي في بناء سياسات واستراتيجيات الإصلاح الاقتصادي بمختلف جوانبه المالية والاقتصادية والتشريعية والقضائية والتعليمية.

عندما يتسلم الملك التقارير السنوية لعام 2020 لأعمال السلطة القضائية، وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، والمركز الوطني لحقوق الإنسان، فإنه يدعم حرية الكشف والمصارحة لمحتوى كل تقرير، بما في ذلك معالجة كل حالات وقصص وحيثيات ما ورد في التقارير، لكي يكون لها دورها وأثرها في التأسيس لحيوية الدولة الأردنية، التي دخلت مئويتها الثانية، قوية، تواجه أزمات وتداعيات فرضتها أحوال العالم ودول الجوار، عدا عن تفشي جائحة كورونا، وتداعيات ذلك على مناحي الحياة.

الملك قال باعتزاز ونطق سامي إن القضاء العادل والنزيه والكفء، يعد ركنًا داعمًا لمنظومة التحديث السياسي.

ومع تسلم تقرير السلطة القضائية، استرجع جلالته دعوته الدائمة لأهمية مواصلة توظيف الوسائل التكنولوجية في العمل القضائي، والاستمرار بتأهيل الكوادر، مشددًا على ضرورة تسهيل وتسريع الإجراءات على المواطنين، دون التأثير على جودة الأحكام.
"لا أحد فوق القانون» جوهرة هاشمية أشار لها جلالته، وأن مكافحة الفساد على رأس الأولويات.

وأشار جلالته إلى أهمية أن يشعر المواطن بعمل الهيئة على أرض الواقع، لافتًا إلى ضرورة أن تنعكس الجهود المبذولة على ترتيب الأردن في المؤشرات الدولية. وتوقف الملك القائد بحكمة الملوك الهواشم عند تقرير هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، التي تعاملت ونظرت وحققت في 2090 شكوى في عام 2020، حيث تم فتح 769 تحقيقًا أحيل منها للمدعي العام 170 ملفًا.

كما تم إنشاء وحدات متخصصة مثل وحدة الاستثمار، التي ساهمت باستعادة 1.9 مليون دينار، وإيجاد حلول لعدد من العقبات والمشاكل التي واجهت بعض المستثمرين.. يوم جلالته، فيض من أروقة قصر الحسينية العامر، فكان لقاء جلالته برئيس مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان الدكتور رحيل الغرايبة، والمفوض العام لحقوق الإنسان علاء الدين العرموطي، ناظرًا بكل الإرادة السامية، بكل إمكانيات الرؤية الهاشمية التي تدعو ودعت، لحماية الحريات وحقوق الإنسان، وأن ذلك «نهج ملكي هاشمي» متوارث ومستمر منذ تأسيس الدولة، و"يجب تعزيزه بهمة الجميع في المئوية الثانية».

اهتمام وحرص الملك على أن تكون التقارير الثلاثة بين يديه الكريمة، دلالة لها مصداقيتها في المتابعة، ونهج في معالجة أي اختلال موجود أو متوقع، بما في ذلك ضرورة التعاون بين السلطات الثلاث، والهيئات الوطنية والمجتمع المدني والإعلام الوطني، بما في ذلك التنسيق مع مختلف مؤسسات الدولة الأردنية، لضمان تطبيق التوصيات والملاحظات الواردة في كل تقرير على حدة، وهذا أمر وتوجيه ملكي، يعزز من جديد أهمية هذه المنجزات ووقوفها مع الرؤية الملكية الهاشمية، ومرجعياتها، والتي يعمل جلالته، بكل حزم وعزم على تكريسها وحمايتها وصون تاجها، تاج المملكة، وعنوان فخر أجهزتنا الأمنية والجيش العربي الهاشمي.. عدا عن حرص جلالته أن يبدو ذلك كمؤشرات لقدرة ومكانة وصورة الأردن في المنطقة والعالم، خصوصًا دول الجوار والحلفاء الكبار كجمهورية مصر العربية، ودول الخليج العربي، والمغرب والعراق وغير منظمة دولية وأممية أو عربية إسلامية. . مرتكزات حساسة، نظرة للمستقبل، دراية أساسية، هي التي تحتفي مع جلالة الملك في تقييم وقراءة ومراجعة بنى عملية لثلاث مؤسسات أردنية عريقة، يقف معها ومع إرادة الملك، مؤسسات إعلامية وإعلام صادق ومسئول، ديمقراطيًا ومهنيًا، يجسد التغيير بكل فاعلية وشجاعة ويبرز دور الأردن، محليًا، إقليميًا ودوليًا، وأمميًا.
نقف، بكل شرف وبسالة مع منطلقات وسعي الملك لتحقيق مبدأ «العدل أساس الملك»، وهذا جوهر ومضمون ما تتضمنه التقارير الثلاثة المختلفة، لأنها تحدد معطيات وقت وزمن صعب تفشت فيه جائحة كورونا وأزمات الجوار السياسية والأمنية، تشكلت وفق هذا الواقع، استراتيجية الدولة لوضع الحلول، ومراقبة حقوق الإنسان والعدالة والقضاء، ومكافحة الفساد، وصولًا إلى النزاهة وتأكيدها لتجاوز منعطفات ومتاعب الحياة التقليدية، التي حددتها ظروف كورونا وأوضاع اللاجئين وتوقف الأعمال، وديمومة الأمن والأمان، ما وضع لجان هذه المؤسسات في وسط عين الملك، متابعًا، ناظرًا، ومتحديًا لأي نقص أو تقصير، ففي المجتمع حب وتأييد ومساندة لجلالة الملك، ثقة بموروث مملكة الحب والعدل والأصالة والعزم الهاشمي على بناء نظرة أردنية نحو المستقبل.

وهي النظرة التي يوليها الملك لكل العرب، ولكل المبادرات والمساعي والتحديات التي تمنح وتضع المملكة في مؤشر النجاح والنزاهة ومصداقية العمل على صون حقوق الإنسان، بما في ذلك كل من يعيش أو يعمل أو ينجز على أرض الأردن.