جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

الملك في حضرة الأمير: قصة صعود محمد صلاح من نجريج إلى قصر ألكساندرا (صور)

محمد صلاح في قصر
محمد صلاح في قصر ألكساندرا

في الخامس عشر من يونيو 1992، كانت أسرة صلاح حامد محروس في قرية نجريج التابعة لمدينة بسيون بالغربية تستقبل ضيفها الجديد للحياة طفل ذكر صار ابنًا للعم صلاح، احتفلوا وتبادلوا التهاني، قبل أن يُدوّن اسمه رسميًا في الأوراق الحكومية، مولودًا جديدًا من بين بني وطن سيصبحون بعد 3 عقود من هذا التاريخ 100 مليون نسمة.. اختاروا له الاسم محمد صلاح.

لم يكن موظف وزارة الصحة الذي كان يُدوّن البيانات آنذاك، يعلم أن الاسم الذي تخطه يداه للمرة الأولى لهذا الصغير، سيُصبح يومًا من بين الأشهر في العالم، وأن لمصر يومًا ما سيكون فيها لاعبًا كرويًا يقولون الكثيرون عنه أنه الأفضل بين بني البشر على كوكبنا.

كان حُلمًا لم يُراود أحد، فلم يكن قد مضى سوى عامين على هدف مجدي عبد الغني في هولندا بكأس العالم 1990 الذي صار هاجسًا يدفع المصريون ثمنه طيلة 28 عامًا، حُرم فيها المنتخب من الوطني من مُجرد المشاركة في البطولة، وأصبح ظهور «عبد الغني» مُتكررًا ليُذكِر المصريين أن لا هدف أحرزوه بعد هدفه.


صعود محمد صلاح من نجريج إلى قصر ألكساندرا

صلاح في طفولته

ما كانت موهبة محمد صلاح في طفولته خافية عن أقرانه في قريته الصغيرة بمحافظة الغربية، فكان الجميع يلحظ هذه الإمكانيات التي يتميز بها عن غيره، حتى الكِبار لفت انتباههم الشئ ذاته، فانضم لأحد الفرق القريبة من مسقط رأسه،  ثم انتقل إلى نادي في طنطا قبل أن تسمح له أسرته بأن يُسافر إلى القاهرة، لينضم إلى فريق الناشئين في فريق الكرة القدم لنادي المقاولون العرب رحلة مُرهقة ذهابًا وإيابًا يقطعها بحثًا عن حلُم الساحرة المستديرة.. كان في الرابعة عشر من عمره.

عامان مرّا قاسيين على الشاب الذي كان يحصل نفقات سفره يوميًا، ويتبقى له جزء صغير منها، يكفيه بالكاد لأن يشترى كمية صغيرة من الطعام لا تكفيه لأن يسد جوعه بعد يوم طويل يبدأ في المدرسة، ثم يخرج مُبكرًا (بعد حصوله على الإذن لذلك) للحاق بتدريبه في القاهرة.. «كنت أضع الكثير من الفلفل الحار على كمية الكشري القليلة؛ لكي أشعر بالشبع» ـ هكذا قال.

محمد صلاح في المقاولون العرب

في السادسة عشر من عمره، بدأ صلاح يجني ثمار ما عناه وبدأت الأقدار تُهديه مقابلًا عادلًا لهذا الجهد الذي بذله لأجل حلمه.. جرى تصعيده للفريق الأول بنادي المقاولون العرب، ليجد صلاح نفسه يخطوا كثيرًا نحو حلمه، فواصل البحث عن المزيد، حتى صار لاعبًا في منتخب مصر في عامه التاسع عشر، كأصغر لاعب ينضم إلى المنتخب في هذا الوقت، ليُحرز هدفًا في مرمى النيجر بعد شهر فقط من انضمامه للمنتخب.

محمد صلاح في الأولمبياد

قاد تألق محمد إلى اختياره ضمن بعثة المنتخب الأوليمبي في أولمبياد لندن 2012، ليُحرز 3 أهداف خلالها، في البرازيل وبيلاروسيا ونيوزيلندا، ويُساهم في صعود منتخب مصر إلى الدور ربع النهائي في البطولة، ليخطف أنظار مسؤولي فريق بازل السويسري الذين سارعوا للتعاقد معه، ومن هُنا طار صلاح إلى أوروبا.

بداية احترافية رائعة في بازل

قضى «ابن مصر» عامين في سويسر، ليواصل مسيرة التألق هُناك، قبل أن يُعلن نادي تشيلسي ضمه في العام 2014، ثم ينتقل إلى نادي فيورنتينا الإيطالي بعد عام، ثم انضم إلى روما بعد 6 أشهر، وأحرز 19 هدفًا في موسمه الأول، وواصل التألق في الموسم الثاني، ليختطفه ليفربول ويُعيده إلى الدوري الإنجليزي من جديد في منتصف عام 2017، ليلمع معه نجم محمد صلاح، ويفوز بعد 6 أشهر بجائزة أفضل لاعب إفريقي.

في تشيلسي

«لا تتوقفوا أبدًا عن الحلم.. لا تتوقفوا عن الإيمان بأنفسكم».. صار «صلاح نجريج» الآن على عرش إفريقيا.. يقف في حفل تتويجه ملكًا للقارة السمراء، في يناير 2018، ثم عاد في العام التالي ليُكررها من جديد ويحصد لقبه الثاني على التوالي، ويواصل تحقيق الألقاب صحبة فريقه ليفربول، ليُحقق معه بطولة كأس العالم للأندية ودوري أبطال أوروبا، السوبر الأوروبي، والدوري الإنجليزي، إلى جانب فوزه مرتين بهداف الدوري الإنجليزي، وتخطيه حاجز الـ 100 هدف في البطولة، ليُصبح من بين أسرع من وصلوا لهذا الرقم في التاريخ، ويتحدث الكثيرون أخيرًا عن استحقاقه لأن يحصل على لقب الأفضل في العالم.

صلاح في ليفربول

من نجريج إلى القصر الملكي البريطاني، هنا وقف محمد صلاح، ليُصبح لاعب كرة القدم الوحيد الذي دعاه الأمير ويليام، لحضور حفل جائزة «إيرث شوت» التي تهتم بشئون البيئة والتغير المُناخي حول العالم، ليظهر صلاح، في قصر ألكساندرا، في صورة تداولها الكثيرون إلى جوار صور قديمة لـ «محمد» قبل احترافه، مدُوَنين عليها عبارات تحوي رسالة واحدة.. «لا تتوقف عن الحلم».

صلاح في قصر ألكساندرا

 

قد يهمك أيضا:

استعلم.. جدول ميعاد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2021 للعاملين بالحكومة والخاص