جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

الأبطال الخارقون خيال يمكن تحقيقه «1-2»

 

عندما قام الكاتب الأمريكى «ستان لى» فى بداية ستينيات القرن الماضى مع عدد آخر من الكُتّاب بابتكار العديد من شخصيات الأبطال الخارقين المشهورة، أمثال الرجل العنكبوت «Spider-Man»، والرجال إكس «X-Men»، والرجل الأخضر (هالك) «Hulk»، وآيرون مان «Iron Man»، وثور «Thor»، وغيرهم من الشخصيات الخيالية، التى أكسبها قدرات خارقة جعلها مثار إعجاب وتقدير الجميع.

وقد حرص «ستان لى» على تنويع مصادر وأسباب القوة الخارقة لدى بعض هؤلاء الخارقين، فمثلًا الرجل العنكبوت يلدغه عنكبوت فيمنحه قوة خارقة وخفة فى الحركة، والقدرة على التمسك بمعظم الأسطح، ويمنحه أيضًا حاسة تساعده على استشعار الخطر والتى تتيح له محاربة خصومه، والرجل الأخضر اكتسب هذه القوة الجسدية والكتلة الضخمة نتيجة تعرضه لانفجار أشعة «جاما» مما طوّر بنيته الخلوية وحسّن عضلاته لدرجة أنه أضاف أكثر من ٣٦٠ كم لجسده.. وهكذا أوضح لنا «ستان لى» أن هناك أساسًا علميًا لتحول هذه الشخصيات واكتسابها قدرات خارقة: كالقوة المضاعفة، الطيران، السرعة، الكتلة الضخمة، الاختفاء.

وقد تعلق الملايين من البشر بحلم أن يصبح «سوبرمان» وأن يمتلك قدرات خارقة، ورغم مشروعية الأحلام فإن الحقائق العلمية تؤكد صعوبة امتلاك هذه القدرات الخارقة، وإن حدث فستكون لها عواقب وخيمة على الشخص نفسه وعلى البشرية، ففيما يخص «تضاعف القوة» فالأبطال الخارقون لا يقتصر تأثير قوتهم على أعدائهم فقط، فقد تفيده فى معاركه مع الأشرار وينقذ كوكب الأرض من الدمار، ولكن ماذا عن حياته اليومية، عن أصدقائه، عائلته؟

العلم يقول إذا تضاعفت قوة الإنسان فلن يستطيع التعامل مع الواجبات اليومية الدقيقة، فكل ما يلمسه سيكون هشًا بالنسبة له، وكل ما سيمسكه سيتحطم بين يديه وعليه توخى الحذر عندما يصافح يد أحد الأشخاص حتى لا يكسر عظامهم أو يحطم من يعانقهم، وقد تخرق الشوكة التى يأكل بها صحن الطعام.

وفيما يخص التحرك بسرعة، فأقصى سرعة عرفها الإنسان هى سرعة المكوك الفضائى «أبولو ١٠»، حيث تمكنوا من بلوغ السرعة ٢٥٠٠٠ ميل فى الساعة، وهذه سرعة يمكن أن يتحرك الإنسان بها فى الفضاء, لكن لا يمكن ذلك فى هوائنا، فالهواء ليس فارغًا، بل مكون من عدة عناصر مثل الأكسجين والنيتروجين، حتى جزيئات الغبار التى لا تُحصى، وعندما نتحرك خلال هذه الأشياء فى الهواء فنحن نفرك ضدهم ونُحدث الكثير من الاحتكاك وينتج عن هذا حرارة.

تمامًا مثل فرك يديك معًا لتدفئتهما أو فرك عصوين معًا لإشعال النار، كلما زادت سرعة الفرك، زاد توليد الحرارة، ذلك إذا ركضنا بسرعة ٢٥٠٠٠ ميل فى الساعة فإن الحرارة المتولدة من احتكاك جسمنا بالهواء سوف تحرق وجوهنا، وحتى إذا صمدنا بطريقة ما أمام تلك الحرارة، فإن الرمال والتراب فى الهواء سيظلان يكشطان جلدنا متسببين فى ملايين الجروح الصغيرة، ويضاف لذلك احتمال الاصطدام بالناطحات أو الجبال، إذا كنا غير قابلين للتدمير فقد حولنا أجسامنا إلى صواريخ تدمر كل شىء فى طريقه، لذلك فما نشاهده من قدرة سوبرمان على التحرك بسرعات فائقة هى محض خيال.

وحتى القدرة على الاختفاء، أن نتواجد فى أماكن لا يرانا فيها أحد، ارتداء طاقية الإخفاء، كل هذا وهم، لا يمكن أن يتحقق كليًا ولأسباب علمية بحتة، فجميع الاحتمالات لا يمكنها جعل جسم بحجم الإنسان غير مرئى من جميع الزوايا والمسافات أثناء تحركه، وهناك عدد من الضروريات تجب مراعاتها إذا نجحت فكرة الاختفاء وتحققت، منها: إنك ستتجول عاريًا تمامًا أيًا كانت ظروف الطقس، فأى ملابس ترتديها ستكون ظاهرة للناس، عليك أن تكون حذرًا، فسائقو السيارات والمارة لا يمكنهم رؤيتك أيضًا، ومن المرجح أن يصطدموا بك، وكيف يمكنك تلقى العلاج الطبى إذا أُصبت؟ حتى أنت لا يمكنك رؤيته، وماذا إذا أصبت بمرض أو عدوى، كيف سيشخص الطبيب حالتك دون أن يرى تغير اللون أو الالتهاب؟ والأصعب من كل هذا أنك إذا كنت تستطيع أن تكون لا مرئيًا، فإن الضوء سيعبر من خلالك أو حولك بدلًا من الارتطام بك ليراك الناس.. وهذا يعنى أن الشبكية فى عينيك لن تلتقط الضوء أيضًا.. لهذا فإن دماغك لا يستقبل شيئًا ليفسره كصورة، أى أنك أنت الآخر ستكون أعمى ولا يمكنك رؤية الناس أيضًا. وللحديث بقية.