جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

رسالة دعم للشاعرة زليخة أبوريشة.. أديب سوري: ما زال الفكر الإخواني الإرهابي يمارس العنف

الشاعر السورمحمد
الشاعر السورمحمد علاء الدين عبد المولى

تتعرض الشاعرة والكاتبة الأردنية زليخة أبو رئيسة، للمحاكمة خلال الأسبوع الجارى، بسبب بلاغات ضدها من عناصر جماعة الإخوان الإرهابية بتهم تتعلق بتجاوز الخط الأحمر للتعبير- كما يدعون-.

وفي هذا الصدد، قال محمد علاء الدين عبد المولى، شاعر وناقد أدبى سوري مقيم في ألمانيا، إن "المحاكمة التي تتعرض لها الشاعرة الأردنية زليخة حدثٌ مشينٌ وغير مقبول، لا يمكن أن تستمر ثقافتنا الراكدة في حصار الفكر والرأي المناهض".

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الدستور": "ليس هناك من سببٍ من أي نوع لتوضع سيدة على مشارف الثمانين من عمرها في هذا الموقف المخزي بسبب رأيها ووجهة نظرها في قضايا دينية من حقها كسيدة تمتلك عقلا حرّا وإدراكا ومسؤولية أن تدلي برايها واجتهادها". 

وتابع: "تقتضي أصول الحوار والمحاججة أن أواجهها بالرأي والحجّة حتى لو بقينا على اختلافنا فالاختلاف مطلوب ودليل عافية فكرية أما أن أشعر بأن رأيها يهدد منظومة الدين وعقائده فأرفع عليها دعوى يقبلها المدعي العام، فتلك مهزلة واعتداء على العقل وحرية التعبير خاصة أن ما فعلته الشاعرة لا علاقة له بازدراء الأديان إطلاقاً".  

وأضاف عبدالمولى أن ما طرحته زليخة مؤخرا حول الأذان دليل على حرصها على أناقة الأذان وجمال الصوت المبدع الذي يؤديه لكي يؤثر في الأرواح والقلوب، متابعا: "لقد فعل ذلك الرسول الكريم حين طرب لصوت بلال المعروف بجمال صوته وقدرته على جذب الأرواح إليه إن زليخة تدعو لنسمع الأذان بأصوات محمد رفعت ومصطفى اسماعيل وعبد الباسط عبد الصمد والمنشاوي وحتى أم كلثوم، فهل يعتبر هذا ازدراء للأديان؟! أليس هذا دعوة لحسن اختيار من يرفعون الأذان بصوت حسنٍ وموسيقى روحية وجلالٍ وجمال؟ هؤلاء كانوا يقرؤون القرآن ويرفعون الأذان بأعظم الأصوات الموسيقية المليئة بالجمال والجلال واحترام المؤمنين، وليس هناك موسيقيّ مختصّ يمكنه أن يعترض على رأي أبو ريشة أمر مرعب أن نصل في تفكيرنا إلى هذا الحضيض الحضاري".

وتابع عبدالمولى تصريحاته قائلا: “مثال زليخة أبو ريشة هو من عشرات الأمثلة التي تتراكم في حياتنا منذ سنين وكلها مؤشرات سلبية على مصيرنا المعرفي والحضاري ليس بالترهيب ولا التضييق على الحريات تنمو المجتمعات وتتطور الأفكار، نحن بحاجة إلى احترام الخلافات التي تواجهنا في قراءاتنا وثقافتنا، كلما تعددت الآراء واختلفت وتناقضت فسوف نكون على الطريق السليم من جهة التفكير النقدي والوعي جدلُ الأفكار المتناقضة هو ما ترك الشعوب تخط مسارها تصاعديا نحو امتلاك العالم والتأثير فيه في  حين ما زال عمومُ الفكر الإخوانيّ يمارس العنف الرمزي والنفسي وأحيانا المادي لكي يثبت وجوده وتأثيره هذا شيء محبطٌ ولا يقود إلا إلى كوارث فكرية تمهد لانهيار القيم الكبرى في حياتنا لا ندري ما هو الجرمُ الشنيع الذي ترتكبه شاعرة كاتبة ناشطة في طرح وجهات نظرها حول الدين وغيره؟ لماذا لا يعترضون عليها بالطرق الحوارية المعقولة والتي تنصّ عليها قوانين الكتابة وحرية الإعلام وحق التعبير؟ نحن على يقين أن ذلك سيكون أجدى أخلاقيا وفكريا بل وحتى سياسيا، فمجتمع يسوده حوار واختلاف سوف يكون برهانا على وجود حريات سياسية”.

واستدرك عبدالمولى تصريحاته قائلا: "ما أعرفه عن الشاعرة زليخة أبو ريشة أيضا أنها تدافع عن حرية المرأة وحقوق النساء هل هذه تهمةٌ قانونية؟ تدافع عن حرية التفكير والنقد وإعادة قراءة البديهيات الدينية ضمن رؤية معاصرة هل هذه تهمة تودي بها إلى المدّعي العام؟ علينا أن ندعم وندعو إلى ممارسة العقل وتحكيمه في مجالاتنا العامة والفكرية والسياسية، فمن غيره سوف نبقى عالةً على الحياة والمستقبل لا وجود لنا في عالم حديث ونحن نحاكم رأيا ونكفر صاحبته".

واختتم عبدالمولى تصريحاته قائلا: "لهذا نتضامن ونقف مع زليخة أبو ريشة ليس لأنها شاعرة فقط، بل لأنها إنسانٌ يفكر بحرية ويمارس واجبه في النقد والمعرفة النقدية ونرفض أسلوب التهديد والترهيب الذي لا يصبّ في النهاية إلا في تكريس الإرهاب الفكري".

وأثارت أبو ريشة الكثير من التعاطف بعد أن كتبت على حسابها الرسمي بموقع التواصل فيسبوك قائلة إن لديها ثلاث جلسات في المحكمة، لثلاث قضايا اثنتان في يوم واحد خلال الأسبوع الجاري.

وأوضحت أبو ريشة أنه نظرًا لصعوبة حركتها وتنقلها، ستحجز مكانًا على الرصيف أمام المحكمة لتمكث فيه، مع طاقم إسعاف للطوارئ، مع حرس الأمن الوقائي.

وقالت: "فالله وحده هو الذي يعلم ما الذي يمكن أن يحدث لامرأة في التاسعة والسبعين، عندها جميع أمراض الشيخوخة (القلب، وضغط الدم، والسكّري، والعيون، والمفاصل، والعظام)!".